في دراسة أجراها معهد «إيبسوس» لفائدة جريدة «لوموند» ومؤسسة جون جوريس ومعهد «سيفيبوف» للأبحاث السياسية، عبّر الفرنسيون عن رفضهم الشديد للدين الإسلامي، حيث اعتبر 74 في المائة من الفرنسيين الذين استقت الدراسة آراءهم أنّ الإسلام لا يتلاءم مع قيّم الجمهورية الفرنسية. وتعد هذه الأرقام الجديدة، التي كشفت عنها الدراسة، سابقة من نوعها، فلأول مرة في تاريخ فرنسا يُعبّر الفرنسيون بكثافة عن ارتيابهم بخصوص الدين الإسلامي، إذ اعتبر 74 في المائة من الذين همّهم استطلاع الرأي الذي أجراه المعهد الفرنسي الرائد في مجال استطلاعات الرأي العامّ بكون «الإسلام ديانة غير متسامحة ولا تتوافق مع قيّم المجتمع الفرنسي». وعلاوة على ذلك، يرى 8 فرنسيين من بين كل 10 أنّ «الدين الإسلاميّ يسعى إلى فرض رؤيته للأشياء على الآخرين»، في حين لا تتجاوز تلك النسبة 21 في المائة و26 في المائة بالنسبة إلى الديانتين اليهودية والمسيحية على التوالي. كما صرح أكثر من نصف المستجوبين بأنّ المسلمين «متطرفون» في غالبيتهم (10 في المائة) أوجزئيا (44 في المائة) وهو ما يعد رقما مهولا بالنظر إلى أنّ 77 في المائة من الفرنسيين يرون أن التطرف الديني مشكل حقيقيّ يواجه الدولة الفرنسية وينبغي التعامل معه بحزم شديد. كما توقفت الدراسة الخاصة، التي صدرت عن معهد «إيبسوس» يوم الجمعة المنصرم تحت عنوان «فرنسا 2013: شروخات جديدة»، عند الاختلافات بين النتائج حسب الفئة العمرية والانتماء السياسيّ للمُستجوَبين، لكن تلك الاختلافات لا تمنع من تجذر بعض الآراء لدى المخيال الجماعيّ، لاسيما في ما يتعلق بالدين الإسلامي، حيث تسود النظرة السلبية نفسها بين صفوف جل الفرنسيين، وبالتالي يعتبر 61 في المائة من المتعاطفين مع اليسار و66 في المائة من الأشخاص الذين يقلّ عمرهم عن 35 سنة أن «الإسلام لا يتماشى مع قيّم الجمهورية الفرنسية، كالديمقراطية والحداثة والحرية». كما توضح هذه النتائج الجديدة أن صورة الإسلام تتراجع داخل فرنسا، حسب نتائج الدراسات المتعاقبة، التي تشير إلى استمرار وتيرة ذلك التراجع على امتداد العقود الأخيرة. وبخصوص أسباب هذا الرفض الحاد فهناك ما هو متعلق بالوقائع التي تحدث داخل الأراضي الفرنسية وما هو متعلق بما يجري على الساحة الدولية.. وسواء كانت تلك الأسباب حقيقية أو وهمية فهي تكشف المشاكل البنيوية التي أضحى يعيش على وقعها المجتمع الفرنسيّ، في ظل وجود جالية مسلمة كبيرة، وهي الجالية أصبحت تبرز أكثر فأكثر على الساحة الفرنسية، وهو ما دفع جزءا من الفرنسيين إلى دق ناقوس الخطر بخصوص الدين الإسلامي، وما رافق ذلك من خطابات تنبّه إلى ما يعتبره البعض «أسلمة» أوربا. كما أن بعض الأحداث العالمية، مثل ما تشهده منطقة الساحل وقضية المدعو مراح، تغذي المخاوف لدى الفرنسيين من تصاعد أعمال العنف لدى الجماعات التي تدّعي الانتماء إلى الإسلام. وفي تعليقه على الدراسة، صرح الفيلسوف عبد النور بيدار، المختص في الإسلام والعلمانية، بكون هذه النتائج المقلقة ينبغي أن تكون بمثابة تحذير بالنسبة إلى المسلمين: «يتعين على المسلمين مساءلة أنفسهم بطريقة نقدية بخصوص الإسلام»، يوضح بيدار قبل أن يضيف: «لكنّ هذه النتائج هي محصلة للأفكار النمطية بخصوص التنوع الثقافيّ، التي أفسحت المجال أمام اليمين المتطرف لاستغلال هذه المواضيع». وبخصوص الهجرة، عبّر 33 في المائة من الفرنسيين الذين همّتهم الدراسة عن أن الغالبية العظمى من المهاجرين اندمجوا داخل المجتمع الفرنسيّ وأن فئة صغيرة هي التي لم تستطع التأقلم مع قيّم الجمهورية الفرنسية، في حين رأى 38 في المائة منهم أن نصف المهاجرين استطاعوا الاندماج والنصف الآخر لم يتمكنوا من ذلك.