توفي ليلة السبت مابين العاشرة والحادية عشرة بمدينة الرباط الفنان والممثل والشاعر الزجال احمد الطيب العلج عن عمر ناهز 84سنة. في شهاته عن الراحل يقول الطيب الصديقي عنه بأنه أعطى للمسرح المغربي أكثر مما أعطاه موليير للمسرح الفرنسي فهو قد قدم له ما لا يستطيع أن يقدمه أحد كما أنه تعامل مع الدارجة بشكل لا يمكن أن يطوعها أي أحد أحسن منه. أما عبد الحق الزروالي فوصف الراحل بالمفرط الذكاء، الشاطر في قراءة النوايا الذي كان يرقّص الكلام ويعرف كيف يرقى بالدارجة المغربية إلى حد تصبح كل جملة يقولها بمثابة حكمة في حد ذاتها.ويضيف لذلك اعتقد أننا في حاجة إلى زمن طويل ومجهود كبير من أجل أن نعثر على ما ينسينا فقدان الطيب العلج. يعد الراحل واحدا من الأسماء الفارقة في تاريخ الفن في المغرب وخاصة الكتابة المسرحية والأغنية فهو يعد من أبرز المسرحيين المغاربة، وهو فنان عصامي تمكن بفضل مثابرته ومجهوده الشخصي من نحت اسمه في تاريخ المسرح المغربي. أدخله والده ليتعلم حرفة النجارة على يد أحد «المعلمين» ليصبح بدوره «معلما» وسنه لا يتجاوز 18 سنة، لكنه تعلم القراءة والكتابة فيما بعد، وتأثر بالثقافة الشعبية المغربية التي تحضر في مختلف أعماله وكتاباته المسرحية. كتب الطيب العلج أكثر من 20 مسلسلا إذاعيا، واستلهم عن موليير أغلب أعماله المسرحية، مثل «ولي الله» و«الحاج العظمة» و»مريض خاطرو في تصريحه ل»المساء» قال عنه المسرحي الكبير الطيب الصديقي « أحمد العلج رحمه الله قدم للمسرح المغربي ما لا يستطيع أحد أن يقدمه له ، فقد فهم المجتمع المغربي بشكل كبير ، و اشتغل على الدارجة بشكل رائع ولا أعتقد أن أحدا يمكن أن يطوعها أحسن منه» ويضيف بأن الراحل لم يقتصر عطاؤه على المسرح بل امتد إلى الأغنية وفي هذا المجال لا أحد أيضا يمكن يضاهيه فيها . وأضاف أنه أعطى للمسرح المغربي أكثر مما قدمه موليير للمسرح الفرنسي» ومن جهته قال المسرحي عبد الحق الزروالي بأن العلج يعد بالنسبة الأب الروحي بالرغم من الاختلافات البناءة. ويضيف :» عموما فقد فقدنا برحيله « موليير المغرب» فقد كان يمتلك طاقة إبداعية هائلة متعددة الأبعاد ، فهو لا يمكن أن يعوض ، فهو رجل غريب في تركيبته الاجتماعية والنفسية ، فهو متعدد في تربيته وهو غزير العطاء . « ويضيف بأنه كان مفرط الذكاء ، شاطر في قراءة النوايا ، يدرك حق الإدراك أن الحقيقة ليس لها بعد واحد . فقد كان يرقص الكلام، يعرف كيف يرقى بالدارجة المغربية إلى حد أن كل جملة يقولها هي بمثابة حكمة في حد ذاتها. أعترف أني استرشدت بمدرسته في الإبداع وأنه يرجع له الفضل في تحفيز العديد من الطاقات والأسماء التي كانت تبدع وهي تضمر في نفسها الرغبة في إقناع أو تجاوز هذا المسمى أحمد الطيب العلج. «ويتساءل الزروالي : «يبقى السؤال : كيف نستطيع وبأي الكلمات يمكن أن نعزي المسرح المغربي في فقده لأبرز عشاقه وخدامه الأوفياء والأجذر بالانتماء إليه(المسرح). وعن شخصية الراحل يقول عبد الحق الزروالي: «العلج هو الشخص الذي لا يمكن أن تلتقي به دو أن تستفيد منه. لذلك اعتقد أننا في حاجة إلى زمن طويل ومجهود كبير من أجل أن نعثر على ما ينسينا فقدان الطيب العلج. « ويضيف نحن نحتاج إلى تفاعلات ثقافية واجتماعية وسياسية لكي ننجب كائنا من هذا الصنف الذي يقال عنهم كل لما خلق له ، و العلج لم يخلق في هذه الحياة إلا للمسرح. « ويفتخر الزروالي قائلا:» يكفيني فخرا إنني جايلت هذا الرجل من 40سنة وهذه المجايلة كان لها أثر على حياتي بصفة عامة وعلى مساري في تجرتي المسرحية التي اخوذها. وختم قائلا «العلج هو نحلة في شكل آدمي كان يتجول عبر زهور حديقة الإبداع ويتدفق بشلالات العسل. إننا لا ندرك قيمة بعضنا البعض إلا في حالة الفقدان» وكان مصطفى القباج الأمين العام لمؤسسة أحمد الطيب لعلج للمسرح والزجل والفنون الشعبية، صرح بخصوص الراحل بأن الفقيد كان من العباقرة الذين أغنوا الثقافة المغربية، حيث كانت إسهاماته متفردة في مجال التأليف المسرحي والزجل ودراسات الفنون الشعبية والأمثال. مضيفا أن الراحل «كان إنسانا عصاميا وله عطاء كبير ويحظى بتقدير ومحبة الجميع». ويذكر أن الراحل أحمد الطيب العلج تقلد في حياته أوسمة وشهادات تقدير على إبداعه في مسيرة الحركة المسرحية،. واشتغل الفقيد الذي ازداد في 9 شتنبر 1928 بمدينة فاس، موظفا بوزارة الأنباء، كما عمل رئيسا لمصلحة الفنون الشعبية بمسرح محمد الخامس بالرباط. وانضم الراحل إلى اتحاد كتاب المغرب سنة 1986، وأحرز سنة 1973 على جائزة المغرب في الآداب كما نال وسام الاستحقاق الفكري السوري سنة 1975 وسبق له أن شارك سنة 1960 في تدريب بمسرح الأمم بباريس. وألف واقتبس مجموعة من النصوص المسرحية ومن الأعمال المسرحية المنشورة «دعاء للقدس» 1980 و«بناء الوطن» 1988، و«السعد» 1986، و«جحا» و«شجرة التفاح». ومن مؤلفاته بالدارجة «عزيزي أنا»، «النفخة»، «طالب راغب»، «الشهيد كان للراحل دور بارز منذ ولادة أول عمل مسرحي عام 1923 بعدما ازدهرت أعمال المسرح في لبنان على يد مارون النقاش، وفي مصر على يد أبي خليل القباني، وانتقلت إلى تونس والجزائر ثم المغرب في الربع الأول من القرن العشرين، حيث ظهرت فرقة مسرحية وقدمت «انتصار الحق بالباطل»، من تأليف عبدالخالق طريس والفنان المسرحي «الطيب العلج». بعدها تعددت مواهب الفقيد بين التأليف والشعر والمسرح والزجل، حيث نهل العلج من التراث الشعبي في سعيه لخلق مسرح أصيل، مستوحياً من «الحلقة» وغيرها من أصناف المسرح المغربي الفطري جل أعماله، ليعبر من خلالها عن هموم ومشاكل الناس والقضايا التي تشغل بالهم. ويذكر أنه غنى للراحل مجموعة من الاصوات الفنية كعبد الوهاب الدكالي، ما أنا الا بشر» ، وعبد الهادي بلخياط «ياذاك الانسان» و«الصورة» لاتقل لي نساني» ونعيمة سميح»امري لله» و»جاري ياجاري» وغاب علي الهلال» وغيرهم من الاسماء.