باتنا يرفض الإجابة بخصوص عدم المناداة عليه للمنتخب المغربي الرديف    أبرز مواجهات دوري أبطال أوروبا.. تشلسي ضد برشلونة وأرسنال يستضيف بايرن ليفركوزن    المهداوي .. أو غرير عسل الصحافة    بورصة الدار البيضاء .. تداولات الافتتاح على وقع الأخضر    "الجبهة" تدعو لتظاهرات شعبية تخليدا لليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني    ملف المعهد العالي للإعلام والاتصال على طاولة الحكومة...    جلالة الملك يهنئ رئيسة جمهورية السورينام بمناسبة العيد الوطني لبلادها        امرأة تُقتل كل 10 دقائق... تقرير أممي يكشف أرقاما صادمة عن تصاعد جرائم قتل النساء عبر العالم        كوكاكولا يطلق مشروع حماة الأراضي الرطبة المتحدة لتعزيز الأمن المائي في المغرب    الأمم المتحدة تتهم إسرائيل بارتكاب "مجزرة مساكن" في غزة وتربط الهدم بجريمة الإبادة الجماعية    أفغانستان تتوعد بالرد على باكستان    المغرب – يونيدو: مرحلة جديدة لتسريع التحول الصناعي المستدام بالمملكة    الشريط الشاهد الناطق الحي، وانتصار مشروع للصحفي المهداوي على أصحاب ....UN PETIT MOT POUR A وأصحاب ... LES GROS MOTS    ميزة جديدة لتحديد الموقع على منصة "إكس" تثير جدلا في العالم    بعد ساعات من طرحها للبيع.. نفاد تذاكر مباراة الجيش الملكي ضد الأهلي    لبؤات الأطلس يواجهن وديا بوركينافاسو وجنوب إفريقيا    عمدة نيويورك ممداني يُظهر عشقه لأرسنال ويستحضر الشماخ في حوار بودكاست    في اليوم ال46 للهدنة... قتيل فلسطيني وقصف متواصل وخطة ترامب للسلام تتعثر    "بي دي إس": سفينة جديدة ترسو بميناء طنجة محملة بشحنة متجهة إلى إسرائيل    حادث مميت يفتح ملف سيارات التعليم    لقجع: الرياضة ليست مجرد لعب... بل مدرسة لبناء الإنسان وترسيخ قيم حقوق الإنسان    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الثلاثاء    قافلة الدعم للمقاولات تحطّ بالمضيق... آليات جديدة لتعزيز الاستثمار وخلق فرص الشغل    السوق النقدية تحافظ على توازنها خلال الفترة ما بين 14 و20 نونبر    مراكش تحتضن الدورة 93 للجمعية العامة للإنتربول..    كاتب جزائري يحذر من ضغوط أمريكية على الجزائر بعد تبني قرار مجلس الأمن حول الصحراء    روسيا تقترح تنظيم مونديال لغير المؤهلين لنسخة 2026..    الاتحاد الوجدي يسقط "الماط" ويمنح جاره المولودية فرصة خطف الصدارة    مشروع القانون 16/22: تحديث وتنظيم مهنة العدول وحماية حقوق المتعاملين    "الصحراء المغربية" تحضر بقوة في أسئلة البرلمان الإسباني الموجهة لألباريس    مجلس المستشارين.. نادية فتاح: مشروع قانون المالية يؤكد أولوية البعد الاجتماعي والمجالي ويرسخ دينامية الإصلاح            طقس بارد في توقعات اليوم الثلاثاء بالمغرب    كيوسك الثلاثاء | وزارة الصحة تلزم مديريها بنشر لوائح الأطباء المكلفين بالحراسة لضمان استمرارية الخدمات    صنّاع الأفلام القطريون والمقيمون في قطر يؤكدون على أهمية دعم مؤسسة الدوحة للأفلام والمجتمع الإبداعي في بناء صناعة سينمائية مستدامة    ستيفن سودربرغ في مهرجان الدوحة السينمائي: سرد القصص الجيدة قائم في تكويننا وصفة مشتركة بيننا    إيران تعلن تنفيذ الإعدام بحق مغتصب        آلام الأذن لدى الأطفال .. متى تستلزم استشارة الطبيب؟    دراسة: التدخين من وقت لآخر يسبب أضرارا خطيرة للقلب    محمد صلى الله عليه وسلم في زمن الإنترنت        الرّمادُ والفَارسُ    تعافي حكيمي يتقدّم... ويمنح المغاربة بارقة أمل قبل "الكان"    دراسة علمية تشير لإمكانية إعادة البصر لمصابي كسل العين    وفاة الممثل الألماني وأيقونة هوليوود أودو كير عن 81 عاماً    تسوية قضائية تُعيد لحمزة الفيلالي حريته    مملكة القصب " بمهرجان الدوحة السينمائي في أول عرض له بشمال إفريقيا والشرق الأوسط        دراسة: استخدام الأصابع في الحساب يمهد للتفوق في الرياضيات    إصدار جديد من سلسلة تراث فجيج    معمار النص... نص المعمار    الوصايا العشر في سورة الأنعام: قراءة فقهيّة تأمليّة في ضوء منهج القرآن التحويلي    المسلم والإسلامي..    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المتن الأدبي للآلة: الأزجال والبراول
نشر في المساء يوم 07 - 09 - 2012

لعله من اللافت من الوجهة الموسيقية الصرفة، صعوبة حصر مختلف الفنون المغربية الأصيلة، سواء العالمة منها أو الشعبية، لاعتبارات متعددة مرتبطة أساسا بالغنى الحضاري
والإثني والعرقي للمغرب، فعلى مدى قرون تعاقبت على هذا البلد، حضارات وأجناس وإثنيات، شكلت بشكل تراكمي، مجموعة من الألوان الفنية، والتعابير الموسيقية، الحبلى بالعديد من التفاصيل، والتي غالبا ما لا نلتفت إليها، عن قصد أو غيره، مكتفين بظاهر الأمر عوض البحث عن بواطنه. ولعله من نافلة القول إن تراثنا بمختلف مكوناته، يعاني من إجحاف مابعده إجحاف، فكثيرا ما يختزل في جوانبه الفلكلورية، وغالبا ما يبخس حقه في التبريز والإظهار، فلا يمرر في وسائل الإعلام إلا على مضض، وبأشكال تسيء له أكثر مما تفيده. هذه الحلقات ستحاول أن تسلط الضوء، على مجموعة من فنوننا التراثية، بغية إظهار جوانبها المشرقة، عن طريق مقاربتها من وجهة أكاديمية صرفة، علها تساعد في إعادة النظر في هذه الثروة الفنية التي يحق للمغرب الافتخار بها.
أسهم الجو الموسيقي السائد في شبه الجزيرة الإيبيرية، في خلق تطوير آخر للقصيدة، فبعد ظهور الموشح، الذي ثار على بنية القصيدة التقليدية، تلبية لحاجة الفنانين إلى نصوص طيعة للغناء، ظهر الزجل كشكل نظمي أكثر تحررا، لم يكتف بالثورة على بنية القصيدة التقليدية، وإنما تحرر حتى من قيد اللغة الفصحى، ولبس لباس العامية، ولعل هذا ما دفع صفي الدين الحلي، في كتابه العاطل الحالي والمُرخَص الغالي، للقول: «هذه الفنون إعرابها لحن، وفصاحتها لكن، وقوة لفظها وهن، حلال الإعراب فيها حرام، وصحة اللفظ بها سقام، يتجدد حسنها إذا زادت خلاعة، وتضعف صناعاتها إذا أودعت من النحو صناعة، فهي السهل الممتنع، والأدنى المرتفع». ويختلف الدارسون في أول من نظم الزجل، فصفي الدين الحلي في العاطل مثلا، ذكر عدة أسماء، نسب إليها السبق في هذا المجال، كابن غرلة ويخلف ابن راشد وابن الحاج المعروف بمدغليس وابن قزمان. ويسوق الدكتور عباس الجيراري نصا في كتابه «موشحات مغربية»، نقلا عن كتاب العقيدة الأدبية، يضيف إلى الأسماء السابقة، اسمي عبد المومن الموحدي وأخته رميكة. غير أنه إذا كان الاختلاف حاصلا حول أول من نظم الزجل، فإن الاتفاق حاصل حول شخص أبي بكر بن قزمان القرطبي، المتوفى عام 555 ه، كإمام للزجالين باعتباره أول من نظم ديوانا كاملا في الزجل، يقول ابن سعيد في المقتطف:» قيلت بالأندلس قبل أبي بكر بن قزمان، ولكن لم تظهر حلاها، ولا انسكبت معانيها، ولا اشتهرت رشاقتها إلا في زمانه»، ويؤكد ابن قزمان نفسه في مقدمة ديوانه، مسألة تطويره للزجل، مما يستشف منه أسبقية آخرين له في مسألة نظمه، يقول: «ولما اتسع في طريق الزجل باعي، وانقادت لغريبه طباعي، وصارت الأيمة فيه حولي واتباعي، وحصلت منه على مقدار لم يحصله زجال، وقويت فيه قوة نقلتها الرجال عن الرجال، عندما أثبت أصوله، وبينت منه فصوله، وصعبت على الأغلق الطبع وصوله، وصفيته عن العقد التي تشينه، وسهلته حتى لان ملمسه، ورق خشينه، وعديته من الإعراب، وعريته من التخالين والاصطلاحات، تجريد السيف من القراب».
وبمراجعتنا للأزجال المستعملة في موسيقى الآلة، يمكن الجزم بأن القصيدة الزجلية، لا تخرج في بنائها، في الغالب، عن بناء الموشحة، بمعنى أن للقصيدة الزجلية أقفال وأغصان وأبيات وأسماط ومطلع وخرجة. وتحضر الأزجال بشكل عام في نوبات الموسيقى الأندلسية المغربية، على إحدى الصيغتين، الأولى قفلان وبيت، مثاله من ميزان بطايحي الاستهلال:
أنا ما نخاف ستر الإله مسبول/ ولا نعرف إلا المليح مكمول (هذا هو القفل)، يليه البيت: طبعي يقبل نوائب الأعذار/ ولا ننزل إلا على الأنوار/ ولا نبخل ونكتم الأسرار، ثم القفل الآخر: ونرفرف على الملاح الكل/ ولا نعرف إلا المليح مكمول. أما الصيغة الثانية التي يحضر عليها الزجل في الآلة، فهي بيت وقفل، ومثالها هذا الزجل لأبي الحسن علي النميري، المعروف بالششتري، المتوفى عام 668 ه، والذي عاش نهاية الموحدين وبداية عهد المرينيين، يقول:
يا عجبي فيمن يكن يعشق ويفشي للعباد سره/ هذاك مسكين يوصف أحمق وظني مايختلف أمره/ وأنا جسمي فنى ورق وحبي لم أجد غيره، هنا ينتهي البيت، ويليه القفل: تجدني عندما نذكر وتشعل في القلب نيرانه/ من يهوى المليح يصبر على صده وهجرانه.
تطور آخر ستشهده النصوص المغناة في طرب الآلة، وهذه المرة بظهور ما يسمى بالبرولة، وهي القصيدة الشعرية بالعامية المغربية، وهي من إضافات المغاربة في طرب الآلة، يقول عنها الحاج إدريس بن جلون التويمي، في كتابه «التراث العربي المغربي في الموسيقى»: «ومن أعمال المغاربة اختراع البرولة، على منهاج الزجل في بحور متعددة»، ويعرفها العلامة محمد الفاسي في كتابه «معلمة الملحون: «إن المغاربة أدخلوا في الآلة قطعا كلامها بلهجتهم، ونظامها يتبع طريقة قصائد الملحون»، ويمكننا أن نستنتج من كلام العلامة محمد الفاسي، أن البراول ما هي إلا الوجه الآخر لقصائد الملحون. وقال ابن خلدون في مقدمته، عن تطوير المغاربة للشعر: «استحدث أهل الأمصار بالمغرب فنا آخر من الشعر في أعاريض مزدوجة كالموشح، نظموا فيه بلغتهم الحضرية أيضا وسموه عروض البلد» ثم يضيف عن اجتهاداتهم فيه: «استفحل فيه كثير منهم، ونوعوه أصنافا إلى المزدوج والكاري والملعبة والغزل».
ولم تتضمن النسخة الأصلية، من مجموع محمد بن الحايك التطواني البراول، غير أن مختصر الجامعي ضمها بين دفتيه. وأغلب البراول الموجودة في نوبات الآلة، في موازين القدام والدرج، منها ما نظمه الشيخ سيدي محمد الحراق، والأغلب مجهول ناظمه، وفي مختلف الأغراض، في المديح النبوي، مثلا مما ينشد في قدام رمل الماية:
صلى الله على الهاشمي الممجد طه من لا خلق الله فالسما ولا فالأرض بحاله أحمد مول التاج
وفي وصف العشي مما يغنى في ميزان قدام الماية:
اصفرت العشي ما ابدع حسن بهاها كست الرياض بحلة
غدر طاستي يا ساقي واملاها نغنم عشيتي نتسلى وفي التغني بجمال الصبح فيما ينشد في ميزان قدام العشاق:
الصبح كشريف ارخى ذيل إزاره والبس من الدباج غفاره
الليل كغلام اسود شاب اعذاره واشعل من ضياه منارة
الصبح كنسر تعلى والليل سال دم غرابو
والضو فسماه تجلى وارخى على الظلام عقابه
انظر ترى حمام القبلة مثل إمام في محرابه
الفلك كيف دار بصنعة دواره واخفى كواكبو السيارة
هب النسيم بين الداعي ونهاره شوش دواحنا المسرارة

(يتبع)
أستاذ مادة التراث الموسيقي المغربي بالمركز التربوي الجهوي بالرباط



عبد السلام الخلوفي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.