حسن البصري من العبث أن يحتل المغرب الصفوف الأخيرة في مسابقات السباحة ويغادر أحواض لندن مبللا بالخيبات، رغم أن شواطئنا تمتد من السعيدية إلى لكويرة، ومن غير المستساغ «شرعا» أن نسقط في اختبارات رياضة العرب الأولى، التي أوصانا النبي عليه السلام بتلقينها لأبنائنا إلى جانب الرماية وركوب الخيل. ومن غير المنطقي أن نخسر كل نزالات الملاكمة، ونغادر لندن ونحن نضع مراهم ومسكنات لإخماد الكدمات التي زينت وجوه ملاكمينا، وألا نصعد منصات التتويج في هذه الرياضة رغم أن المغرب يشهد يوميا، في الهواء الطلق، آلاف المباريات بين المتعاركين في مختلف الأوزان بسبب أو بدونه. بالرغم من المعارك التي تشهدها أحياء المملكة، والمهارات المكتسبة لدى حاملي السيوف الذين يسيطرون على كثير من الأحياء، إلا أن المغرب لم يتمكن من الظفر بميدالية في ألعاب المسايفة والمصارعة والجيدو والرماية بسلاح الصيد، فانطبق على أبطالنا القول المأثور، «أسد علي وفي الحروب نعامة». في دورة لندن، وحده النشاط هو الذي «شاط»، فأصبح العداء المغربي متهما بتناول المنشطات إلى أن يتبث العكس، وفي نشرات أخبار الأولمبياد يتسابق المغاربة على تصدر العناوين الرئيسية لأخبار الترحيل، حتى اعتقدنا أن عدائي جامعة عبد السلام أحيزون لا يركضون إلا وهم في قمة النشاط. ورغم ما يقال عن الإنجليز كشعب يجري في عروقه دم بارد، إلا أن المراقبين الذين كانوا يرصدون تحركات العدائين المغاربة، في علاقتهم مع لوبي المنشطات، كشفوا قلقهم من لعبة القط والفأر التي لا تنتهي مع المغاربة، وأعلنوا حالة استنفار في المطار وفي القرية الأولمبية وفي شوارع لندن، بعد أن اقتنعوا أن الحرب على المنشطات أشد بأسا من الحرب على الإرهاب. عندما فاز العداء عبد العاطي إيكيدير بميدالية نحاسية، اصطف مسؤولو اللجنة الأولمبية المغربية أمام ميكروفونات الفضائيات والأرضيات، وقالوا بكورال موحد «مزال العاطي يعطي»، بينما أكدت اللجنة الأولمبية: «من المحتمل أن تحصل رياضة البادمنتون على بطاقة دعوة، ليرتفع بذلك عدد الرياضات المغربية الحاضرة في لندن إلى 13»، قبل أن يكتشف أن الرقم رقم شؤم والميدالية النحاسية لها اشتقاق لغوي من النحس. ولأن الدستور المغربي ربط المسؤولية بالمحاسبة، فقد آن الأوان لمحاسبة القائمين على برنامج إعداد رياضيي النخبة التي كلفت الشعب المغربي 330 مليون درهم فقط لاغير، وإحالة المسؤولين الذين مرغوا سمعة البلاد والعباد في الوحل على أقرب محقق ومتابعتهم بتهمة تبديد أموال عمومية، وطرد طلبة معهد مولاي رشيد للرياضات من غرفهم ووضعها رهن إشارة أبطال النخبة الذين خرجوا من البوابة الخلفية للمطار متنكرين في زي مدني، هروبا من نظرات أشبه بسياط تجلد عن بعد. حين عدنا من أولمبياد بكين، قال أعضاء اللجنة الوطنية الأولمبية، لقد انتهى العمل بمقولة «المهم هو المشاركة»، ووعدونا بذهب وفضة وبرونز لندن، على الأقل فهو من العيار الجيد عكس معدن الشينوا، مرت أربع سنوات ولم نحصد غير العاصفة لأن لجنتنا المفتقدة للشرعية زرعت الريح. على الحكومة أن تحاسب الذين جعلوا من أولمبياد لندن فسحة للتسوق، والقفز على ركن الصيام راكبين صهوة «إن كنتم على سفر»، حتى تجاوز الصيام الإمساك عن شهوة البطن والفرج إلى إمساك عن التتويج، بعد أن عاش المغاربة قبل كل وجبة إفطار نكدا مباشرا من لندن، يفسد عليهم صيامهم وطعامهم، قبل أن يصرف النظر عن الرياضة ويبحث في قنواتنا عن فكاهة تعفيه من سجال الجار والمجرور في رياضتنا، وعن كاميرا مقلوبة تحول الأقراح إلى أفراح.