لم تتمكن مدينة الرباط من أن تصبح توأما للقدس الشريف بفلسطين المحتلة، بعد أن تحولت هذه النقطة إلى مواجهة ساخنة أول أمس بين عدد من أعضاء مجلس مدينة الرباط ومستشاري العدالة والتنمية، وهي المواجهة التي انتهت بسقوط كاتب المجلس أرضا بعد احتكاك مع المستشار عدي بوعرفة. وكان أعضاء حزب العدالة والتنمية قد أبدوا تحفظهم على النقطة المتعلقة بتوأمة الرباطوالقدس وطالبوا بتأجيلها بدعوى أن المصادقة ستجعلهم في حالة الرغبة في زيارة القدس ملزمين بختم جوازاتهم لدى السلطات الإسرائيلية، وهو الطلب الذي سانده رضا بن خلدون وعبد المنعم مدني، رغم إصرار عدد كبير من المستشارين على المصادقة على هذه النقطة بعد أن أشعر العمدة فتح الله ولعلو الجميع بأن إدراجها ضمن جدول الأعمال يأتي بطلب من السفير الفلسطيني. وأمام تشبث كل طرف بموقفه احتدت المواجهة الكلامية بين الطرفين بعد أن اتهم بعض المستشارين أعضاء العدالة والتنمية بالازدواجية في المواقف بعد تحفظهم على التوأمة خلال نفس الدورة، في الوقت الذي قاموا باستضافة الإسرائيلي أوفير برونشتاين في مؤتمرهم، وهو ما رد عليه أعضاء حزب العدالة والتنمية بالقول إن ذلك «خطأ تم تداركه بالاعتذار». غير أن ذلك لم ينجح في نزع فتيل التوتر بعد أن تطور الأمر إلى فوضى عارمة دفعت عددا من المستشارين إلى التدخل من أجل تجنب مواجهات عنيفة بين الأعضاء، خاصة بعد أن تم تبادل الاتهامات باستهداف الحزب والمزايدة واتهامات أخرى بالنفاق والتطبيع قبل أن يقع الكاتب العام المنتمي للعدالة والتنمية أرضا. إلى ذلك، وجد العمدة الاتحادي فتح الله ولعلو نفسه أمام عاصفة من الانتقادات الشديدة التي اتهمته بالفشل في تسيير شؤون مدينة الرباط. وقال المستشار البشير التاقي إن على ولعلو «التحلي بالشجاعة وتقديم استقالته» لأن ما يجري بالبلدية هو «عبث أساء للعاصمة وحولها إلى مدينة منكوبة نتيجة أزمة النظافة والنقل وغياب الإنارة». وأضاف أن المستشارين «احترموا تاريخ ولعلو ونضاله الحزبي واختاروه ليكون عمدة للرباط، لكنه فشل فشلا ذريعا لدرجة جعلت المستشارين يخجلون من مواجهة ساكنة المدينة بصفتهم». كما طالب بسحب الهاتف النقال وسيارة المصلحة وخصم مبلغ 1000 درهم من كل مستشار يتغيب بدون مبرر، علما أن هذه الدورة سجلت حضورا قياسيا للأعضاء بعد الضجة التي أحدثتها ظاهرة المستشارين الأشباح، غير أن بعض المستشارين فضلوا الانسحاب لحظات قليلة بعد انطلاق أشغال الدورة، ومنهم الاتحادي إدريس لشكر والمحامي عبد الفتاح زهراش والبرلماني عن الحركة الشعبية عبد القادر تاتو. إلى ذلك، انتقد عدد من المستشارين ما وصفوه بسياسة الهروب إلى الأمام التي ينهجها بعض أعضاء المكتب المسير من خلال اتهامهم ولاية الرباط بعرقلة عمل المجلس. وقال إدريس الرازي، رئيس مقاطعة حسان، إن البعض يظهرون كفاءتهم فقط في التهافت على السفريات والامتيازات، واعتبر أن ما وقع في منح الجميعات دليل على طريقة تدبير شؤون المدينة. فيما ذهب عدي بوعرفة أبعد من ذلك حين توجه إلى ولعلو وقال : «يجب أن تملك الشجاعة السياسية لتعلن أن التدبير فاشل والفريق ضعيف وتقدم استقالتك أو تتدخل الوزارة من أجل حل هذا المجلس». واضطر ولعلو للخروج عن صمته للرد على تدخلات المستشارين بعد أن تحولت دورة يوليوز إلى محاكمة علنية لأدائه بشكل لم يمكن من المصادقة على أي نقطة من النقط المدرجة في جدول الأعمال، التي وصل عددها الى26 نقطة. وبرر ولعلو الحصيلة الحالية للبلدية بما وصفه ب»التراكمات والإرث»، رغم أنه قال إنه «لا يحب التحدث عن الماضي»، وأشار إلى أن صفقة التدبير المفوض أبرمت في سنة 2008، أي في عهد العمدة السابق عمر البحراوي. وبخصوص أزمة النقل التي أغرقت الرباط في حالة من الفوضى، قال ولعلو إن القطاع يعاني من تراكمات أربعين سنة، وكشف عما أسماه طريق تتضمن ما وصفه «مقتضيات مالية ضخمة وتعديلات قانونية صعبة». ولم يفوت ولعلو الفرصة لإرسال إشارات مشفرة، وقال وهو يضغط على الحروف إن «التعامل بشفافية يخلق الصعوبات»، معتبرا أن تشكيل المكتب الموسع المسير لشؤون المدينة جاء بناء على طلب عدد من الهيئات التي ارتأت في ظروف معينة خلق شروط التوافق. وعبر ولعلو عن استعداده إجراء تقييم الموضوع واستخلاص النتائج قبل أن يضيف «يجب أن لا ننسى أننا ندبر شؤون مدينة لها نظام خاص».