اختارت إسبانيا أن تحتفل، بطريقتها الخاصة، بمرور عام على أول زيارة قام بها العاهل الإسباني خوان كارلوس وعقيلته دونيا صوفيا لمدينتي سبتة ومليلية المحتلتين، يومي 5 و 6 نوفمبر من السنة الماضية، في الوقت الذي يحتفل فيه المغرب بذكرى المسيرة الخضراء لاسترجاع أراضيه الصحراوية من الاحتلال الإسباني. والطريقة التي اختارتها إسبانيا هذا العام للاحتفال بذلك الحدث، الأول من نوعه في تاريخ الملكية بإسبانيا، هي التصريحات التي وردت على لسان الملكة صوفيا في الكتاب الذي أصدرته الصحافية الإسبانية بيلار أوربانا تحت عنوان: «الملكة عن كثب». فردا على سؤال يتعلق بتلك الزيارة، التي حركت المياه الراكدة في علاقات البلدين، قالت الملكة التي أدلت بتصريحاتها بمناسبة عيد ميلادها السبعين: «سبتة ومليلية هما إسبانيا، أرضا وتاريخا وشعبا، وفي زيارتنا خرج جميع السكان إلى الشارع رافعين الأعلام لكي يقولوا: «نحن إسبان»، لكن الذي حصل هو أن محمد السادس، مثلما كان الأمر مع والده الحسن الثاني، دائما يحتجان لكي يبقى الملف مفتوحا... لقد كان الحسن الثاني ذكيا وحذرا، وقد كان يحاول نصب فخ لزوجي إذ كان يقول له: تعال، تعال إلى سبتة أو مليلية وسأنظم لك حفل استقبال لائقا، وكان يرد عليه: ولكن يا حسن، كيف ستستقبلني أنت في أرض هي أرضي؟». ورغم محاولات المغرب ثني العاهل الإسباني عن الزيارة، إلا أن الملك خوان كارلوس نفذ وعده، حتى لا يفهم أن التراجع عنها كان بضغط من المغرب، مما يعطي لليمين الإسباني مبررا جديدا. وأثارت تلك الزيارة، التي مرت في أجواء احتفالية واستفزازية، موجة غضب عارمة رسميا وشعبيا، حيث خرج الآلاف من المواطنين المغاربة محتجين رافعين الأعلام الوطنية، وهو الأمر الذي جعل الصحف الإسبانية المحسوبة على اليمين تحذر من «مسيرة خضراء» جديدة إلى المدينتين المحتلتين، على غرار ما حصل عام 1975 في الأقاليم الجنوبية للمغرب. وفي أول مبادرة من نوعها يخرج فيها ملك مغربي عن تقليد الصمت الذي التزمه الحسن الثاني تجاه الموضوع، ندد الملك محمد السادس بالزيارة، معتبرا أنها لا يمكن أن تغير في حقائق التاريخ والجغرافيا شيئا، وقال الملك في خطابه: «إننا نرفض بكل حزم وصرامة إقحام ثوابتنا الوطنية المقدسة في مساومات إسبانية داخلية واستغلال مقوماتنا ومصالحنا في كل مرة، كمتنفس وهمي لمزايدات ومساجلات سياسية محضة».