يُدلي أكثر من 130 مليون ناخب أمريكي اليوم بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية التي تعد تاريخية بجميع المقاييس. ورغم تقدم المرشح الديمقراطي باراك أوباما على منافسه الجمهوري جون ماكين بأكثر من ست نقاط على المستوى الوطني، فإن الكثير من المراقبين يحذرون من خطر ظاهرة «برادلي» في هذه الانتخابات. وأخذت الظاهرة اسمها من «توم برادلي» وهو سياسي أسود البشرة من الحزب الديمقراطي كان قد ترشح لمنصب حاكم ولاية كاليفورنيا سنة 1982، وقام بحملة انتخابية ناجحة، منحته استطلاعات الرأي على إثرها التفوق على منافسه بأكثر من تسع نقاط، إلا أن النتائج النهائية كانت مخيبة وجاءت لصالح منافسه الأبيض. ويقول المراقبون إن الناخبين يشعرون بالحرج عندما تسألهم الشركات المسؤولة عن إجراء استطلاعات الرأي عن مرشحهم المفضل، فيقولون إنهم لم يقرروا بعد أو أنهم يفضلون أوباما ولا يهتمون بلون بشرته ولا أصوله، لكنهم عندما يختلون بأنفسهم داخل مخادع التصويت يوم الانتخاب فإنهم سيصوتون للمرشح الأبيض بسبب مشاعر العنصرية التي مازالت حاضرة في لاوعي المواطن الأمريكي. وركزت مراكز الأبحاث الأمريكية كثيرا على ظاهرة «برادلي» خلال رصدها لتفاعل المواطنين مع الحملات الدعائية في هذه الانتخابات التي يُجمع الكل على أنها تأتي في وقت تحتاج فيه أمريكا إلى أكثر من قائد سياسي، ويتطلع فيه الأمريكيون إلى شخصية مُلهمة تستطيع رأب الصدع العميق بين الجمهوريين والديمقراطيين ومعالجة الاقتصاد الذي دخل مرحلة حرجة، بعدما بدأت كبريات الشركات في عملية تسريح جماعية لموظفيها متأثرة بالأزمة المالية التي تسببت في تهاوي أسعار الأسهم وفقدان البيوت لنصف قيمتها العقارية... إلا أن كبار المخططين الاستراتيجيين في الحزب الديمقراطي أبدوا ثقتهم بفوز باراك أوباما اليوم وبهامش قد يصل إلى 12 في المائة عن منافسه جون ماكين، كما توقعوا أن يسيطر الحزب الديمقراطي بشكل كامل على مجلسي البرلمان والشيوخ بالكونغرس الأمريكي، مما سيمكنهم من تطبيق خططهم الانتخابية بسهولة تامة ودون عرقلة من الجمهوريين الذين يبدو وكأنهم سيدفعون ثمنا سياسيا باهظا للسنوات الثماني التي قضاها الرئيس جورج بوش الابن داخل البيت الأبيض. حتى إن كارل روف الذي يُعتبر أحد كبار المنظرين لجماعة المحافظين الجدد ولعب دورا كبيرا في فوز بوش الابن في انتخابات 2000 و2004، ألمح في تصريحات لشبكة فوكس نيوز إلى احتمال خسارة ماكين للانتخابات، لكنه طالب الجمهوريين بعدم فقدان الأمل والانتظار حتى إعلان النتائج النهائية بشكل رسمي. وتتابع العديد من شعوب العالم أطوار الانتخابات الرئاسية الأمريكية عن قرب بسبب تداعيات السياسة الخارجية لواشنطن وتأثيرها على عدد من عواصم العالم، إلا أن سكان العالم من ذوي البشرة السوداء ينظرون إلى هذه الانتخابات بشكل شخصي جدا ويضعون أيديهم على قلوبهم ويتضرعون إلى الله من أجل أن ينجح أوباما بسبب الدلالة الرمزية التي سيشكلها فوزه ودخوله البيت الأبيض وبالتالي حكمه لأقوى دولة في العالم. وبسبب ذلك كله، حج المئات من الأجانب من ذوي البشرة السمراء والسوداء إلى الولاياتالمتحدة لمتابعة يوم الاقتراع الرئاسي عن كثب، وقالت مواطنة فرنسية سوداء البشرة في تصريحات لصحيفة محلية بولاية ماريلاند: «هذه انتخابات مهمة لكل السود حول العالم. فوز أوباما سيمنحنا الأمل للعمل باجتهاد أكبر كما سيشجعنا لكي نضغط داخل بلدنا من أجل الحصول على حقوق سياسية أكثر.. أعتقد أنني سأبكي إذا فاز أوباما، سيكون شيئا رائعا حقا لو فاز». وهذه المواطنة الفرنسية ليست الوحيدة التي ستذرف الدموع إذا ما فاز أوباما، فالعديد من نجوم التمثيل والغناء والترفيه بالإضافة إلى الكثير من المواطنين العاديين داخل أمريكا، أكدوا لبرامج تلفزيونية أنهم سيذرفون دموع السعادة إذا ما فاز أوباما بهذه الانتخابات. وهناك عجوز أمريكية من أصل إفريقي وتبلغ 102 سنة (نعم 102 سنة) أصرت على الخروج رغم برودة الجو القارسة للإدلاء بصوتها في ولاية فرجينيا. وقالت بصوت متعب لقناة تلفزيون محلية: «هل تتخيلون ماذا يعني هذا بالنسبة إلي؟ لقد عشتُ كل هذه السنين وكنت أعتقد أنني سأموت دون أن أرى رجلا أسود يحكم هذه البلاد، لكن يبدو أنني سأراه قبل أن أسلم روحي للرب، وهذه مكرمة منه وأنا ممتنة له لأنه منحني طول العمر لأعيش هذه اللحظات». ولم تنجح المرأة في إخفاء الدمعتين اللتين سالتا من عينيها وهي تقول ذلك، لكنها ابتسمت بوهن وطالبت المشاهدين بالتصويت لصالح أوباما لأنه يستحق ذلك، على حد وصفها.