لعب عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة، مرة أخرى، ورقة الملك محمد السادس، وهو يواجه انتقادات فرق المعارضة في مجلس النواب بخصوص بطء تنزيل مقتضيات دستور المملكة الجديد وتنازله عن ممارسة صلاحياته لصالح الملك بمناسبة إعداد القانون التنظيمي للتعيين في المناصب السامية لإدارة المؤسسات العمومية الإستراتيجية، فيما ظل «شبح» غريمه السياسي سابقا، فؤاد عالي الهمة، مؤسس حزب الأصالة والمعاصرة، قبل التحاقه بالديوان الملكي كمستشار، يطارده خلال أول جلسة شهرية لمساءلته، مساء أول أمس الاثنين. واعتبر بنكيران، أثناء مثوله أمام مجلس النواب في أول جلسة مساءلة له، طبقا لدستور المملكة الجديد، أن «جلالة الملك هو المسؤول الأول عن تنزيل الدستور وليس رئيس الحكومة، لأنه رئيس الدولة»، مطلقا نيران انتقاداته على معارضيه، خاصة الفريق الاتحادي في مجلس النواب بقوله: «لبارحْ كْنّا ما كانعرفوش شي وزراء حتى كيخرجو لينا فْالتلفزة، اليوم خلى ليك الملك 37 مؤسسة في المجلس الوزاري وعطاك كلشي فالشي لاخْر، ومازال نايض كتغوت على بنكيران.. آ السي حسن طارق.. واش كتعتقدو أنني ممكن نوقع على شي حاجة غير هاكداكْ؟».. وبلغة الأرقام، أوضح بنكيران: «لقد أصبحنا شركاء في 37 مؤسسة إستراتيجية مع جلالة الملك في المجلس الوزاري، فيما يملك رئيس الحكومة صلاحية التعيين في 1000 منصب، من بين 1181». «من اقترح هؤلاء الولاة والعمال؟ هل تم احترام الدستور؟ هل تنازلت الحكومة عن صلاحية الاقتراح والتداول في السياسة الترابية؟ علما أن الولاة والعمال أصبحوا اليوم يمثلون الحكومة؟».. تساؤلات طرحها حسن طارق، النائب الاتحادي في تدخله، وكانت كافية لإثارة حفيظة بنكيران، الذي علق قائلا: «ليس الملك هو الذي يعين، ولا أعرف العمال والولاة «. وكشف زعيم الحزب الإسلامي بعض كواليس أول حركة تعيينات في صفوف الولاة والعمال في عهد حكومته، مشيرا إلى أنه اتصل بالملك ليخبره بتحفظه على اسم أحد العمال الذين اقترحهم امحند العنصر، وزير الداخلية، بسبب سمعته السيئة، فكان الرد الملكي: «إذا كانت سمعته سيئة غيِّروه».. وحسب بنكيران، فإن ملك البلاد يتجاوب معه بشكل كبير، «وفي حالة وجود خلاف في الرأي، فإنني أتكلم معه بأدب». وفيما أوضح بنكيران أن هناك من آخذوه على وجود أسماء معينة لولاة وعمال ممن كانوا يحاربون حزبه وأنه لن «ينتقم» من الذين كانوا ضد حزبه في أيام المعارضة، كشف رئيس الحكومة أنه أوقف تنفيذ دفاتر تحملات الإعلام العمومي السمعي -البصري، التي أعدها وزيره في الاتصال، مصطفى الخلفي، ومنع نشرها في الجريدة الرسمية بعد تدخل الملك محمد السادس وتقديم ملاحظاته، مشيرا إلى أن ما يهمه هو الحكامة الجيدة، التي لا تراجع عنها». من جهة أخرى، ظل «شبح» فؤاد عالي الهمة، خصم بنكيران السياسي سابقا، يطارد رئيسَ الحكومة حتى بمناسبة جلسة مساءلته، بعد أن أوحى تلفظه بعبارة «الهْمّة دْيالنا»، للكثير من الحاضرين في الجلسة بأن رئيس الحكومة يقصد الحديث عن مستشار الملك.. قبل أن يستدرك قائلا: «همتنا نحن في العدالة والتنمية.. وكُلا عْندو الهْمّة دْيالو».. ووجدت الإشارات التي حاول بنكيران بعثها إلى من يهمهم الأمر صدى لها لدى عبد اللطيف وهبي، رئيس فريق «البام» في الغرفة الأولى، الذي خاطب رئيس الحكومة قائلا: «أحيي همتكم في العمل السياسي.. ونحن نحترم الهمة الملكية في تكريس الديمقراطية»... إلى ذلك، خرج عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة، من جلسة المساءلة، التي حضرها 18 وزيرا في فريقه الحكومي، بأقل الأضرار، مستعينا ب»الفرجوية» والشعبوية»، على حد تعبير فرق المعارضة، وب»الصراحة والوضوح»، على حد توصيف الأغلبية، دون أن «يسلم من لسانه» حتى أقرب حلفائه، بعد تعرضه، على حين غرة، لإطلاق «نيران صديقة» من قِبل النائب الاستقلالي عن مدينة وجدة، عمر احجيرة. فقد وجد بنكيران نفسه في وجه «انتفاضة» النائب الاستقلالي بسبب حديث قائد الأغلبية الحكومية الحالية عن كونه «ورث خمسين سنة من الاضطراب والارتباك المستمرين إلى اليوم». وقال احجيرة، موجها كلامه إلى بنكيران، إن الخمسين سنة الماضية تميزت بحكم أحزاب وطنية كبيرة وإن بنكيران لم يرث من تلك الخمسين سنة المشاكل فقط، بل الكثير من الإنجازات، داعيا إياه إلى الالتزام بما وقّعت عليه حكومة عباس الفاسي من التزامات مع الأطر العليا المعطلة.