سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
أربعة عناصر في البحرية الملكية تختفي في عرض البحر بالعرائش والغموض ما زال يلف القضية مياه الأطلسي ألقت بالطرادة فارغة وجثتين فيما ظل الغموض يلف مصير الجنديين الباقيين
شاء القدر أن تختفي طرادة لحراسة السواحل الوطنية ليلة 14 نونبر 2009 بضواحي مدينة العرائش، في عرض المحيط الأطلسي، وعلى متنها أربعة جنود من البحرية الملكية. كانوا في مهمة مداومة. فتحت بعد ذلك التأويلات حول سبب اختفاء الجنود الأربعة، وإن كانوا تعرضوا لحادث إجرامي أم اختفوا بسبب عاصفة أو اصطدام مع سفن أو مراكب أخرى أم أنهم تاهوا في مياه الأطلسي... فيما تحدث آخرون عن احتمال أن يكون الجنود فروا إلى خارج أرض الوطن، والبحث عن حياة جديدة بعيدا عن مشاق حياة الجندية. استمر البحث عنهم أياما، قبل أن تلفظ مياه الأطلسي الطرادة، التي كانوا على متنها، وتلفظ معها جثتين عاريتين لجنديين منهم لتتبخر فكرة الفرار، وتتأكد أسرهم ومعها مشغليهم بأنهم تعرضوا لحادث شغل، وأن على المسؤولين متابعة البحث من أجل التوصل إلى مصير الجنديين الباقيين، والكشف عن حقيقة ما جرى للجنود في تلك الليلة. بعد حوالي ثلاث سنوات ونصف، لازال الغموض يلف ملف غرق الطرادة، ولازال بعد أقارب الجنديين المختفيين، يطالبون بجثتيهما كدليل على وفاتهما، في الوقت الذي علمت المساء أن الجهات الرسمية أشرت على شهادة وفاة أحدهما، وبدأت إجراءات صرف المعاش لزوجته والتعويضات اللازمة. غير أن تلك الإجراءات طالت وتعقدت إلى درجة أن أسرته بدأت تشك في مدى جدية المشرفين على القضية. فيما لازال ملف الجندي الثاني مبهما. شقيقة أحد الجنديين تطالب بإعادة التحقيق شقيقة أحد الجنديين المختفيين، الذي تم قتله على الورق، أكدت أن أمها لازالت تطالب بجثته. وسبق أن صرحت ل«لمساء» بأنها توصلت بمحضر غامض للدرك الملكي. وطالبت بإعادة فتح تحقيق دقيق للوقوف على تفاصيل الواقعة المجهولة، التي انتهت باختفاء الجنود الأربعة مع كل عتادهم وأسلحتهم، موضحة أن مصير شقيقها المختفي غامض، ولم يعرف بعد إن كان ميتا أم محتجزا من طرف عصابات المخدرات أو الهجرة السرية، علما أنه بعد اختفاء الطرادة بدقائق معدودة كان برج المراقبة بالمنطقة قد كشف وجود جسم غريب كان يسير بسرعة فائقة في عرض البحر، وأنه طلب من قائد الطرادة اللحاق به، قبل أن يختفي الجسم بعد نصف ساعة، وتختفي بعده الطرادة التي كان على متنها أربعة جنود، هم الرقيب هاشم اليعقوبي قائد الطرادة (من مواليد سنة 1978، متزوج وزوجته كانت لحظة اختفائه حاملا في شهرها الخامس)، والرقيب محمد زرعة الميكانيكي (متزوج وأب لطفلين)، والعريف أول لحسن فهري الميكانيكي(مطلق وأب لطفل)، والعريف أول إدريس حنبلي، المكلف بتثبيت الحبال (متزوج وأب لطفلين). وزادت حيرة أسر الضحايا بعد تسلمهم محضر الدرك الملكي، الذي ذكر فيه أن مجموعة من أصحاب مراكب الصيد صرحوا لعناصر الدرك القضائي بأنه أثناء تواجدهم في عرض البحر تلقوا عبر أجهزتهم اللاسلكية مكالمة من برج الناظور للمراقبة، تفيد اختفاء الطرادة. كما صرح قائدا مركبين لصيد السردين للدرك الملكي بأنهما التقيا بين العاشرة والحادية عشرة ليلا من يوم الحادث بالطرادة التي تحدثا إليها عبر الجهاز دون أن يتمكنا من رؤيتها بوضوح بسبب الضباب الذي كان يخيم على المنطقة. فيما أفادت مصادر متناقضة أن البحر كان ليلتها هائجا، وكان الضباب كثيفا يحجب الرؤية إلى درجة عدم قدرة أصحاب المراكب على ولوج البحر للصيد تفاديا لخطر الأمواج التي كانت تنكسر بقوة بالمدخل الرئيسي للميناء. اختفاء الطرادة كانت «الطرادة دال01 نوع أركور 46»، التابعة للقاعدة الخامسة للبحرية الملكية بالقصر الصغير وعلى متنها أربعة جنود، دخلت مياه المحيط الأطلسي في حدود العاشرة من ليلة السبت 14 نونبر 2009، أي بعد 11 يوما من التحاقها لأول مرة بالميناء العسكري بالعرائش، بهدف مراقبة السواحل ابتداء من منطقة مولاي بوسلهام إلى حدود ميناء أصيلا. وكان برج الناظور قد ربط الاتصال بالطرادة في حدود الساعة الثالثة صباحا من فجر اليوم الموالي، وأخبر قائدها بضرورة الاتجاه إلى منطقة أصيلا حيث كان يوجد جسم غريب يسير فوق الماء بسرعة فائقة في اتجاه الشمال قرابة منطقة سلا. وكانت الطرادة حينها قبالة مولاي بوسلهام. وعاد نفس المداوم حينها بالبرج (محمد المسعودي) بعد نصف ساعة ليتصل بقائد الطرادة ويخبره باختفاء الجسم الغريب. وكان ذاك آخر اتصال تم ربطه مع الطرادة التي اختفت بعدها في ظروف غامضة. كما أكد المداوم في محضر الدرك الملكي أنه لاحظ عبر جهاز الرادار أن الطرادة أخذت مكانها في حدود الرابعة صباحا وسط مجموعة من قوارب الصيد، مما صعب عليه متابعة تحركاتها، واختفت بعدها من جهاز المراقبة. قائد الطرادة كان قد اتصل بزوجته وأخبرها بأنه في مهمة بعرض البحر، وأن الضباب كثيف والرؤية منعدمة. وأفادت زوجته أمينة فقير في محضر ردها على أسئلة الدرك الملكي أن زوجها كان يتحلى بسلوك حسن وأخلاق حميدة، وأنه لا يتناول الخمر ولا يدخن. كانت الزوجة حينها حاملا في شهرها الخامس وتنتظرها مولودها الأول. كما صرحت كبيبة الحمري زوجة الرقيب محمد الزرعة بأن زوجها الطيب، الذي أنجبت معه طفلين، اتصل بها قبل دخوله عرض البحر. لكن الرقيبين لم يردا صبيحة اليوم الموالي على هاتفي زوجتيهما. فيما قالت حنان وكلها ألم وحسرة بسبب الاختفاء الغامض لشقيقها: «حل الدرك الملكي بمدينة المحمدية بمنزل أخي، وكنت حينها أنا وأمي مع زوجة أخي، فأخبرونا بأن أخي اختفى رفقة ثلاثة جنود. في البداية كانوا يستفزوننا لأنهم كانوا يظنون أن الجنود ومعهم أخي «حركوا». وقد ظلوا يطرحون عدة أسئلة، ويبحثون عنه وعن معلومات للوصول إليه. وقد شمل البحث كل الأهل وأقارب زوجته بمنطقة بوفكران بمكناس وعائلتي وكل من يحمل اسم زرعة بنواحي سيدي قاسم. ولم يتوقفوا عن استفزازنا إلا بعد أن تم العثور على الطرادة وبعدها على جثتي زميلين له، حيث اتضح لهم أن مكروها أصابهم فغيروا أقوالهم وسلوكهم معنا». وأضافت شقيقة الضحية زرعرة أنه تم توقيف صرف راتب أخيها الشهري، وبعد شهرين منحوا الأسرة راتبا شهريا مؤقتا حدد في 2500 درهم، رغم أن شقيقها كان يكتري منزلا بمبلغ 1500 درهم شهريا، مما جعل الأسرة في ضيق مالي شديد. محاولات فاشلة لنجدة المختفين محمد فريد المسؤول عن الوحدة أكد في محضر الاستماع إليه من طرف الدرك القضائي أن الطرادة، التي مهمتها حراسة الشواطئ والتدخل السريع لمدة شهر واحد، سبق أن قامت بسبع دوريات بحرية قبل يوم الحادث، وأنه في يوم 14 نونبر 2009 على الساعة التاسعة و45 دقيقة ليلا خرجت الطرادة وعلى متنها أربعة جنود. وأضاف أنه لم ينتبه إلى اختفاء الطرادة إلا صباح اليوم الموالي حين خرج لتفقد الميناء حيث لم يعثر على الطرادة المعنية، فتم استنفار كل أجهزة البحرية الملكية من أجل الاتصال أو العثور على الطرادة.لكن ذلك كان دون جدوى. بعد ذلك أرسل طرادة ثانية في حدود التاسعة والنصف صباحا من أجل البحث عن الطرادة المختفية. وأوضح المسؤول المباشر عن البحرية الملكية بالعرائش أنه لم يخبر السلطات المحلية، من درك وأمن وطني، لاعتقاده أن الطرادة معطلة في مكان ما في عرض البحر، وأنه سيتم قطرها إلى الميناء بعد الاهتداء إلى موقعه. كما لم يخبر قائد الحامية بطنجة إلا في حدود السابعة مساء من اليوم الموالي لحادث الاختفاء. وأكد مراقب البرج أن قائد الطرادة مباشرة بعد دخوله البحر أخبره أن الطرادة بها عطل ميكانيكي دون أن يحدد نوعيته، فتم إرسال طرادة ثانية لنجدتها وإصلاح العطب أو قطرها إلى الميناء. كما أكد قائد الوحدة أنه قام بتحريات سرية مكثفة داخل الميناء لمعرفة سبب اختفاء الطرادة، ولم يتم إبلاغ الدرك الملكي المحلي الذي علم بالصدفة أثناء وجوده بالميناء في حدود الساعة الثالثة زوالا من اليوم الموالي لليلة الحادث، لتبدأ عملية البحث والتحقيق في الاختفاء بعد أن تم إخبار القيادة الجهوية للدرك الملكي بطنجة ونائب وكيل الملك بابتدائية العرائش. كما تم ربط الاتصال بالكولونيلين المزروعي والخليفي، التابعين لمديرية العدل العسكري بالرباط، اللذين أعطيا تعليماتهما بتمديد البحث والتعميق فيه. العثور على الطرادة وجثتين تم بعد خمسة أيام العثور على الطرادة فارغة وبها عدة كسور وتصدعات. كما تم العثور يوم 24 نونبر 2009 على جثة عارية تعود للرقيب هاشم اليعقوبي قائد الطرادة. وبعد 24 ساعة من العثور على الجثة الأولى لفظت مياه الأطلسي الجثة الثانية عارية، وتعود للعريف أول لحسن فهري الميكانيكي، فيما لم يتم العثور على جثتي إدريس حنبيلي ومحمد زرعرة، ولا على الألبسة أو الأجهزة أو الأسلحة التي كانت بالطرادة.إذ اختفت كل أجهزة الطرادة من وسائل التغذية والأغطية ووسائل الاتصال والمراقبة والأسلحة (رشاش جماعي و740 خرطوشة من عيار 7.5 مم).إضافة إلى بندقيتين من نوع فال و90 خرطوشة من عيار 7.62 مم. ولم تتمكن حينها فرقة الغطاسين التي انتشلت الجثتين من وسط الصخور الواقية للرصيف الشمالي بمدخل ميناء العرائش من الاهتداء إلى هويتي صاحبيهما، حيث كانتا متحللتين. وقد تمت إحالتهما على قسم التشريح بمستشفة لالة مريم بالعرائش، قبل أن تأخذ عينتين من فخذيهما وتبعثهما إلى المختبر الجيني التابعة للدرك الملكي بالرباط قصد تشخيص هويتي الجثتين.