كشف تقرير المجلس الأعلى للحسابات الخاص بسنة 2010، والذي تنشر «المساء» بعض مضامينه في هذا العدد، فضائح مثيرة للغاية، منها فضيحة تهريب مبالغ مالية تجاوزت 31.38 مليار درهم من طرف أجانب قاطنين بالمغرب يشتغلون في إطار المساعدة الأجنبية المتعلقة بقطاع الاتصالات ومؤسسات التدبير المفوض، وذلك خلال الفترة الممتدة بين سنتي 2005 و2009. أكثر من هذا أن تقرير المجلس الأعلى للحسابات كشف أن هذه المبالغ تشهد ارتفاعا مذهلا فترة بعد أخرى من طرف الشركات الأجنبية العاملة في مجال التدبير المفوض، وكل ذلك يتم بعلم مكتب الصرف. ولم تقف الأمور عند هذا الحد، ذلك أن هذه الشركات، عندما يتم ضبطها وتسجل ضدها مخالفات، تلجأ إلى التسوية الودية بأداء غرامات مالية مخالفة للقانون. وهنا نورد مثالا صارخا يكشف مدى الاستهتار بالمصلحة العليا للوطن، إذ يتحدث التقرير في هذا السياق عن شركة في مجال التدبير المفوض -لم يذكر اسمها- هربت 88.3 مليون درهم، فيما الغرامة التي فرضت عليها لا تتجاوز 4.5 ملايين درهم رغم أن القانون يفرض غرامة تساوي 5 أضعاف قيمة المبلغ المهرب. التقرير يقف أيضا عند الكثير من التجاوزات والخروقات المالية والإدارية، لكن السؤال المطروح اليوم هو: هل ستتعامل حكومة بنكيران بمنطق اللامبالاة، الذي اعتاده المغاربة مع حكومة عباس الفاسي، أم إنها ستتعامل بمنطق آخر هو منطق تفعيل الدستور الجديد والتجاوب مع مطالب الشارع في محاربة الفساد والمفسدين وعدم الإفلات من العقاب وربط المسؤولية بالمحاسبة؟ وهل سيكون مصير هذا التقرير هو نفس مصير التقارير السابقة التي أحليت على الرفوف في انتظار يوم البعث؟