على عكس المتوقع، لم يفلح بيان ولاية جهة طنجة تطوان، حول ما سيفرزه اجتماع لجنة الاستثناءات من قرارات قاضية بتفويت مساحات غابوية لمستثمرين عقاريين، في طمأنة الشارع الطنجي على مستقبل محمية «السلوقية»، بعدما عمد البيان إلى تجنب ذكر المحمية بالاسم وشرح وضعيتها المستقبلية. وحسب البيان، فإن مراجعة تصميم التهيئة، التي تهم مناطق الجبل الكبير والزياتن وأشقار، ستسير في اتجاه تقليص الكثافة العمرانية وزيادة المساحات الغابوية ومنع البناء على ضفاف البحر، مشيرا إلى أن منع البناء سيطال 400 هكتار إضافية كانت مفتوحة في وجه المستثمرين العقاريين، مما سيعني الرفع من المساحة الغابوية لتصبح 2200 هكتار بدل 1800 فقط. كما اعتبر البيان أن مشروع التهيئة الجديد «يسير في الاتجاه الذي تدافع عنه كل مكونات مدينة طنجة من مسؤولين إداريين ومنتخبين ومجتمع مدني»، مطالبا الرأي العام ب«عدم اتخاذ مواقف مسبقة»، مشيرا إلى أن اجتماع لجنة الاستثناءات، الذي كان سيعقد يوم 29 فبراير الجاري، أجل إلى يوم غير محدد من شهر مارس المقبل. غير أن تفادي ولاية طنجة الحديث بشكل مباشر وصريح عن مستقبل غابة «السلوقية»، والرد على الاتهامات الموجهة إلى الوالي بالعمل على تفويتها إلى شبكة من المضاربين العقاريين، المعروفين باسم «وحوش العقار»، جعل للبيان مفعولا عكسيا، حيث وصفه ناشطون عبر صفحة «جميعا من أجل حماية غابة السلوقية من لوبي العقار» بال«فيسبوك»، بأنه بيان «ملغوم» و«مراوغ»، مطالبين بالاستمرار في الدعوة إلى تنظيم وقفات احتجاجية أمام الولاية والمطالبة برحيل الوالي والكاتب العام. كما أكدوا على استمرار التنسيق من أجل تنظيم اعتصام وسط غابة «السلوقية»، ونصب خيام على المساحات المزمع تفويتها لمستثمرين عقاريين. من جهتها، سارعت جمعيات المجتمع المدني بطنجة، وفي مقدمتها الجمعيات الناشطة في المجالات البيئية والاجتماعية، إلى توحيد جهودها الهادفة إلى التصدي للنفوذ المتزايد للوبي العقار على حساب المناطق الخضراء والمساحات الغابوية، تحت لواء إطار مدني أطلق عليه اسم «تنسيقية حماية البيئة والمناطق الخضراء بطنجة.. السلوقية أولا»، والذي عقد ندوة صحفية يوم الخميس الماضي، عبر فيها عن عدم اقتناعه بما ورد في بيان الولاية، واصفا إياه ب«الفضفاض» و«غير الواضح». وكرد عما ورد في البيان من كون مشروع إعادة التهيئة الجديد يتماشى مع ما تطمح إليه هيئات المجتمع المدني، قال أعضاء التنسيقية إن الوالي محمد حصاد لم يرد أصلا على مطلبهم بمجالسته لتوضيح حقيقة الأمور. وأكدت التنسيقية أنها ستسطر برنامجا متكاملا للوقوف في وجه أي قرار بتفويت غابة «السلوقية»، يشمل وقفات احتجاجية أمام الولاية واعتصامات وسط المحمية وتوقيع عرائض ستوجه إلى الولاية وإلى الحكومة. وأبدت مكونات التنسيقية عزمها الالتجاء إلى القانون الدولي في حال لم يتم إنصاف البيئة بطنجة من لدن القضاء والحكومة المغربية، معتبرة أن «قضية البيئة هي قضية الأممالمتحدة». كما أكد المتدخلون على القيمة التاريخية التراثية لمحمية «السلوقية»، التي تنضاف إلى قيمتها البيئية، حيث أكدت أبحاث أجنبية على وجود آثار مدفونة تحت ترابها، وهو الأمر الذي «تحاول السلطات تجاهله». إلى جانب القيمة الإيكولوجية والصحية للمحمية، كواحدة من آخر المتنفسات الطبيعية لسكان المدينة، تضم غطاء غابويا يصنف من أكثر الغطاءات الغابوية تنوعا، على الصعيدين الوطني والدولي. وطالب المتدخلون مؤسسة الأملاك المخزنية برفع يدها عن المساحات الغابوية بالمدينة، وتسليمها إلى المندوبية الجهوية للمياه والغابات، بسبب ما اعتبرته التنسيقية «عجزها عن حماية المساحات الغابوية أمام اللوبي العقاري، الذي ما فتئ يقتطع من مساحاتها»، معتبرة أن هناك «أيادي خفية» تقف حائلا دون انتقال ملكية الغابات بطنجة إلى مصالح المياه والغابات، بدليل التماطل الحاصل في ملفات التحفيظ، التي تقدمت بها المندوبية الوصية بشأن عدة مناطق غابوية، وهو ما اعتبرته التنسيقية محاولة لتركها مفتوحة في وجه لوبي العقار. وعبر المتدخلون عن رفضهم لقرار مراجعة تصميم التهيئة الذي وصفوه ب«الملتبس»، مشيرين إلى أن أعضاء من لجنة الاستثناءات غير راضين بدورهم عن تفويت غابة «السلوقية»، دون أن يفوتهم تحميل المسؤولية للمجلس الجماعي من أجل العمل على صون المساحات الغابوية، والوفاء بالعهود التي قطعها عمدة المدينة فؤاد العماري ومكونات تحالف الأغلبية على أنفسهم أمام الرأي العام بحمايتها.