كانت انتظاراتنا مليئة بالأمل والتوجس. أسئلة كثيرة طرحت من طرف الصحافة المرئية والمسموعة والمكتوبة. كثرت التخمينات والتأويلات.. لكن لم يتنبأ أحد على الإطلاق بحكومة تختفي منها المرأة؟ حكومة تقبر أحلام كل النساء بالغد الأفضل وتتركهن على الهامش، حكومة رجالية من رأسها إلى أخمص قدميها. وجود امرأة واحدة ووحيدة وتتقلد حقيبة المرأة لا يعني بتاتا وجود المرأة في الحكومة. والغريب في هذه الحكومة أنها أتت في خضم كل هذه الثورات التي تبحث عن التغيير والحياة الأفضل، فعوض أن تدفع بالمجتمع إلى الأمام على جميع مستوياته حتى يعيش المواطنة الحقيقية، قامت بالإجهاز على نواة المجتمع ورميها إلى الوراء، فقط لأنها المرأة! أيعقل بعد كل هذه السنوات من النضال المرير من أجل حصول المٍرأة المغربية على حقها الطبيعي والمشروع في العيش كإنسان كامل الأهلية والمسؤولية، أن تأتي الحكومة وتصفعنا في غفلة منا. من المسؤول؟ أين هي الأحزاب التي ترفع شعار المساواة، خاصة حزب التقدم والاشتراكية؟ هل المرأة هي فقط ورقة انتخابية؟ أين هن النساء المناضلات المنتميات إلى هذه الأحزاب؟ كيف يسمحن بهذا التراجع الخطير؟ بعدما كانت المرأة في موقع القرار السياسي، كنا نأمل أن يزيد عددهن وتمثل المرأة مثلها مثل الرجل، وهذا ما ينص عليه الدستور: المناصفة. أين هي هذه المناصفة؟ الدستور، الذي يعتبر أسمى قانون في البلاد، لا يحترم ويتم تجاوزه، ومن الضحية؟ المرأة. دائما، المرأة في الواجهة، هل ستحدث تجاوزات أخرى؟ هل ستتراجع مكتسبات المرأة في ظل هذه الحكومة الرجالية؟ أسئلة كثيرة ومخيفة لأنها تمس المرأة في كينونتها. يتضح من خلال هذه الصورة الذكورية للحكومة المغربية أن عقلية الرجل المغربي ترفض القيادة للمرأة، وهذا ما نلاحظه في القوانين الداخلية للأحزاب. هناك نساء لهن كفاءة عالية أكثر من الرجل، ومع ذلك يرفض بخشونته وتفكيره الرجعي أن تترأسه امرأة. قال أحد المنتمين إلى حزب من الأحزاب المشاركة في الحكومة، عن سبب عدم تقديم نساء للاستوزار، إن الحقائب الوزارية التي حصلوا عليها لا تتلاءم و«بروفيلات» هؤلاء النسوة. كيف يعقل أن يفكر مسؤول سياسي من منطلق تمييز جنسي؟ كأننا نعود إلى الصراع الأبدي في تقسيم الأدوار بين الرجل والمرأة. وهل الرجال الذين تسلموا حقائبهم الوزارية لأول مرة يتوفرون على هذه «البروفيلات»؟ الكفاءة مطلوبة في الرجل والمرأة. والمرأة حين تتولى المسؤولية تكون أكثر حنكة من الرجل وأكثر صبرا وتقديرا للمسؤولية الملقاة على عاتقها. ماذا سننتظر من حكومة طردت المرأة خارج أسوارها؟ ماذا سننتظر من حكومة ذكورية تقول إن عدم وجود المرأة ليس بمهم؟ هل الحنين إلى عصر الحريم استيقظ وأراد أن يجهز على كل المكتسبات الديمقراطية التي حققتها المرأة؟ أين هي الحركات النسائية وما موقفها من كل هذا التراجع الذي يخفي ما لا تحمد عقباه؟ أسئلة كثيرة أتمنى أن تجيبنا عنها الأيام. أمينة شرادي