يعرض عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة الجديدة يوم غد الخميس ابتداء من الساعة الحادية عشرة صباحا، البرنامج الحكومي الذي تعتزم حكومته تطبيقه على مجلسي النواب والمستشارين مجتمعين، في انتظار أن يكون البرنامج موضوع نقاش أمام كلا المجلسين، يعقبه تصويت في مجلس النواب، لنيل الحكومة الثقة، وفقا لما ينص عليه الفصل 88 من دستور 2011. وحسب مصادر برلمانية، توصل صباح أمس الثلاثاء كل من مكتبي المجلسين بإشعار بعزم رئيس الحكومة عرض برنامج حكومته على البرلمان، الذي سيتضمن الخطوط الرئيسية للعمل الذي تنوي الحكومة القيام به، في مختلف مجالات النشاط الوطني، وبالأخص في ميادين السياسة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والثقافية والخارجية، مشيرة إلى أن ترتيبات مناقشته وموعدها يبقى من اختصاص مكتبي المجلسين. وبعرض بنكيران للبرنامج الحكومي يكون رئيس الحكومة قد خطا آخر الخطوات الدستورية نحو تنصيب الحكومة «الملتحية»، وفقا لما ينص عليه الفصل 88 من الدستور الذي ينص على أن الحكومة تعتبر منصبة بعد حصولها على ثقة مجلس النواب، المعبر عنها بتصويت الأغلبية المطلقة للأعضاء الذين يتألف منهم لصالح برنامج الحكومة. يأتي ذلك، فيما يرتقب أن يكون المجلس الحكومي المنعقد مساء أمس الثلاثاء قد صادق على الصيغة النهائية للبرنامج الحكومي، والتي كانت محط نقاش بين اللجنة الوزارية المكلفة بصياغة البرنامج بقيادة عبد الله باها، ساعات قبل انعقاد المجلس. وسادت أجواء من التكتم الشديد حول التعديلات التي أدخلت على النسخة النهائية للبرنامج التي ستتضمن شقا اقتصاديا واجتماعيا وآخر سياسيا، بيد أن معلومات تسربت عن اللجنة أشارت إلى أن هناك حفاظا على التوجهات التي تضمنتها النسخ السابقة التي كانت محط تعديلات من قبل مختلف القطاعات الحكومية. وفي هذا السياق، تشير مصادر من الأغلبية إلى أن الحكومة تراهن على معدل للنمو يصل إلى 5.5 في المائة على أن تبلغ النسبة 7 في المائة في نهاية ولاية الحكومة، وبتحديد الحد الأدنى للأجور في 3000 درهم والحد الأدنى لتعويضات التقاعد في 1500 درهم. كما تتجه الحكومة للتعهد أمام المغاربة بتخفيض معدل البطالة من 9.1 في المائة إلى 7 في المائة في نهاية الولاية التشريعية، أي أنها ملزمة بتوفير 200 ألف منصب شغل سنويا، يضاف إليها 20 ألف منصب في الوظيفة العمومية لخفض معدل البطالة الحالي. إلى ذلك، تواجه حكومة بنكيران، بعد أن أنهت إعداد برنامجها الحكومي مع ما رافق ذلك من جدل دستوري حول خطوة عرضه على أنظار المجلس الوزاري برئاسة الملك، امتحانا جديدا بشأن تنزيل دستور المملكة الجديد، خاصة فيما يتعلق بإخراج القانون التنظيمي للمجلس الحكومي إلى حيز الوجود وفقا لما ينص عليه الفصل 87 من الدستور. وحسب مصادر من المعارضة، فإن فصلا آخر من فصول السجال الدستوري على وشك البدء، على خلفية عزم الحكومة الحالية بعد تقديم البرنامج الحكومي أمام البرلمان بغرفتيه، تقديم مشروع القانون المالي لسنة 2012، مشيرة إلى أن إقدام الحكومة على تلك الخطوة سيجعلنا أمام جدل دستوري جديد حول مدى دستورية تقديم مشروع قانون المالية قبل إخراج مشروع القانون التنظيمي للمجلس الحكومي، باعتباره القانون الذي يحدد قواعد تصريف الحكومة للأمور الجارية. وأبدت المصادر استغرابها عزم الحكومة الجديدة الإعلان عن مائة إجراء مستعجل في المجالين الاجتماعي والاقتصادي، مع الالتزام بتفعيلها خلال مائة يوم، دون التوفر على القاعدة القانونية لاتخاذ تلك الإجراءات قبل صدور القانون التنظيمي للمجلس الحكومي. وتهم الإجراءات الاستعجالية، التي تنوي حكومة بنكيران الإعلان عنها، ملفات التشغيل والحكامة، ومجالات أخرى لها صلة بالجانب الهوياتي والتدبير التشاركي للشأن العام. من جهة أخرى، كشفت مصادر حزبية مطلعة أن الأمانة العامة للحكومة هي بصدد إعداد مشروع القانون التنظيمي للمجلس الحكومي، وهو القانون الذي سيُحدد القواعد المتعلقة بتنظيم وتسيير أشغال الحكومة والوضع القانوني لأعضائها، وحالات التنافي مع الوظيفة الحكومية، وقواعد الحد من الجمع بين المناصب، والقواعد الخاصة بتصريف الحكومة للأمور الجارية، طبقا لما ينص عليه الفصل 87 من الدستور. ووفق المصادر ذاتها، فإن عدة أسئلة تثار حول تأخر حكومة عبد الإله بنكيران، في التحضير لإخراج القانون التنظيمي للمجلس الحكومي، حيث يلاحظ أن الحكومة الحالية استغرقت الكثير من الوقت في إعداد برنامجها الحكومي، فيما أغفلت القانون التنظيمي للمجلس الحكومي. وأشارت المصادر ذاتها إلى أنه لا يعرف إلى حد الساعة إن كانت حكومة بنكيران قد اطلعت على المشروع الذي هيأه إدريس الضحاك، الأمين العام للحكومة، وأدخلت عليه التعديلات التي تنسجم مع تصورات الأغلبية الحكومية الحالية والتزاماتها أمام الرأي العام، أم أنها ستقبل به كما هو و»كأن شيئا لم يقع».