قرر المكتب التنفيذي لنادي قضاة المغرب رفْض تسلم المبلغ المالي الذي خصصته وزارة العدل للقضاة كتعويض عن ترأسهم اللجن الإدارية المكلفة بتجديد اللوائح الانتخابية العامة، بالنظر إلى هزالته، يقول بلاغ صادر عن النادي، توصلت «المساء» بنسخة منه. وقد خصصت وزارة العدل مبلغ 2000 درهم لتعويض القضاة عن عمل شهر ونصف لتجديد اللوائح الانتخابية العامة. وقال المكتب التنفيذي للنادي إن قيمة هذا المبلغ وطريقة صرفه تعتبر «إهانة للسلطة القضائية وإمعانا في إذلالها». ودعا جميع القضاة إلى «الانخراط بكل تلقائية» في رفض هذا التعويض، تطبيقا لمبادئ التضامن والكرامة واستقلال السلطة القضائية، وهي المبادئ التي يقول أعضاء النادي إن جمعيتهم تأسست للدفاع عنها. وأبدى النادي استعداده للدفاع عن كرامة أعضائه، بجميع الأشكال المناسبة، في إشارة منه إلى احتمال الخوض في احتجاجات. وتسود حالة استياء وسط القضاة بسبب تعويضات الإشراف على العملية الانتخابية، على غرار ما تقوم بها وزارة الداخلية مع رجال وأعوان السلطة وموظفي الجماعات المحلية. وقال مصدر مسؤول من نادي القضاة إن إشراف القضاة على العمليات الانتخابية المقبلة (الجهوية والإقليمية والجماعية) سيكون مرتبطا بصرف هذه التعويضات من قبل الوزارة الوصية وبإيجاد إطار قانوني لها. وإلى جانب الإشراف على مراجعة اللوائح الانتخابية، فإن القضاة يتابعون العملية الانتخابية، قبل الحملة وفي إبانها وأثناء التصويت وخلال عملية فرز الأصوات والإعلان عن النتائج. وفي السياق ذاته، أورد محمد حاري، عضو المجلس الوطني لنادي القضاة، في تصريحات سابقة ل»المساء»، أن جل الفاعلين أشاد بنتائج إشراف القضاة على العملية الانتخابية (انتخابات 25 نونبر البرلمانية) ودعا وزارة العدل إلى التفكير في صرف التعويضات الخاصة بهذه العملية قبل بدئها، حتى يتمكن القاضي من العمل في أجواء مريحة. ويُفرض على القاضي، خلال العملية، في عدد من الحالات، التنقل في مختلف أجزاء الدائرة المدينة التي يعمل فيها إلى البوادي والمناطق القروية البعيدة لمتابعة العملية، ويضطر إلى استعمال سيارته الخاصة وإلى التنقل على نفقته الخاصة. وإلى جانب تعويضات العملية الانتخابية، يطالب نادي القضاة بإعادة النظر في الوضعية الاجتماعية للقضاة، وتنفيذ دورية لوزير العدل تلزم بتنظيم مراسيم التعيين للقضاة أثناء تنصيبهم. فقد عين الفوج ال36 من القضاة المتخرجين من المعهد العالي للقضاء في ثاني دجنبر الماضي في «صمت مطبق»، ولم تُفعّل الوزارة منشورا صدر عن وزير العدل تحت عدد 845. ويتحدث هذا المنشور عن أن عملية تعيين القضاة الجدد في مختلف المحاكم يحضرها المحامون وفعاليات المجتمع المدني، إلى جانب مسؤولي المحاكم. ويرمي هذا المنشور إلى الرفع من معنويات القاضي أثناء تسلمه مهامه. وبعد استكمال فترة التمرن، يختار القاضي، حسب ميولاته، إما العمل في النيابة العامة أو العمل في قضاء الحكم. لكن ميولات القضاة عادة لا تُحتَرم من قبل وزارة العدل، بمبرر أن التعيينات تتم غالبا في المناصب الشاغرة، لكن القضاة «الغاضبين» يتحدثون، في المقابل، عن عشوائية في التعيينات وعن عدم توفر وزارة العدل على إستراتيجية واضحة في هذا الباب. ويطالب القضاة، من جهة أخرى، بالرفع من الأجور الشهرية للقضاة المتمرنين. ويؤكد مصدر أن الأجر الشهري للقاضي المبتدئ لا يتجاوز 4000 درهم، ما يجعله، بعد انتهاء شكليات تعيينه، في حالة الالتزام بمنشور وزير العدل الصادر في 17 دجنبر 2010، أمام «هشاشة» اجتماعية يصعب معها الحديث عن الوضع الرمزي للقاضي في المجتمع. ويبلغ الاستياء قمته لدى القضاة المعينين في المدن الكبرى، كالدار البيضاء وطنجة والرباط وفاس، بسبب غلاء المعيشة وارتفاع تكاليف الحياة. ولم يتردد المصدر نفسه في وصف الأوضاع الاجتماعية للقضاة الجدد ب»المأساوية».