يضطر عدد كبير من سكان كاريان بنمسيك في الدارالبيضاء إلى الزواج بالفاتحة، وهو ما يفرض عليهم عدم تسجيل أبنائهم في دفاتر الحالة المدنية بسبب امتناع السلطات المحلية، ومنذ ما يزيد عن السنة، عن منحهم الوثائق الإدارية اللازمة لتجديد وثائقهم الإدارية. وقد التقت «المساء» أثناء جولة في كاريان بنمسيك، أول أمس الاثنين، مجموعة من السكان المحرومين من الوثائق الإدارية، بينهم سعيد الناجي، الذي اضطر إلى الزواج عن طريق «الفاتحة» بعد رفض الملحقة الإدارية المذكورة منحه شهادة العزوبة من أجل إبرام عقد الزواج. وأكد الناجي، في تصريح ل»المساء»، أنه اضطر إلى إبرام التزام يثبت من خلاله علاقة الزواج، بعد أن رزق بطفل قبل ثلاثة أشهر. واعتبر الناجي أن مستقبل طفله «مجهول»، لأنه لا يتوفر على دفتر حالة مدنية يستطيع تسجيله فيه، أسوة بباقي أبناء المغاربة، بسبب رفض السلطات المحلية منحه الوثائق الإدارية اللازمة لذلك، مضيفا أن ابنه لن يستطيع الاستفادة من الخدمات الصحية الضرورية أو التسجيل في المدرسة، لأنه «غير مُعترَف به»، إلى جانب والده، من طرف السلطات المحلية. وأشار الناجي إلى أن الالتزام الذي تفرضه عليهم الملحقة الإدارية 57 غير قانوني ولا إنساني، لأنه يحرم مواطنين مغاربة من حقهم القانوني في الحصول على الوثائق الإدارية اللازمة لإنجاز البطاقة الوطنية. وفي سياق متصل، أكد رشيد الصنبي، وهو من سكان الكاريان الممنوعين من الحصول على الوثائق الإدارية، أن الملحقة الإدارية 57، التابعة لعمالة بنمسيك، تفرض على طالبي الوثائق الإدارية التزاما يلزم الموقع عليه بأن آخر شهادة إدارية يحصل عليها هي الشهادة التي تُمنَح له بعد توقيعه الالتزام. وأضاف الصنبي أن الملحقة الإدارية المذكورة رفضت منحه شهادة السكنى من أجل تجديد جواز سفره الذي انتهت مدة صلاحيته قبل أشهر، مضيفا أنه التحق الملحقة الإدارية المذكورة إلا أنها فرضت عليه توقيع الالتزام، الذي اعتبره «غير قانوني»، من أجل الحصول على الوثيقة المطلوبة. وطالب الصنبي بالتمييز بين ملف الاستفادة من السكن وملف الحصول على الوثائق الإدارية، معتبرا أن الاستفادة من السكن ملف يُدرَس من طرف عمالة بنمسيك ويخول هذه الأخيرة حرمان مواطنين مغاربة من الحصول على الوثائق الرسمية. ومن جانبه، اعتبر عادل نجيب، الذي وقّع على التزام للحصول على شهادة العزوبة من أجل الزواج، أن مستقبله ومستقبل عائلته أصبح مهددا بعد اقتراب موعد انتهاء مدة صلاحية بطاقته الوطنية، مضيفا أنه لن يستطيع تجديدها، بسبب رفض السلطات الإدارية منحه شهادة السكنى، لأنه وقع دون أن يدري، لكونه لا يتقن القراءة، على التزام يلتزم بموجبه بعدم المطالبة في المستقبل بأي وثيقة إدارية من الملحقة الإدارية 57 في بنمسيك. يذكر أن لجنة من سكان كاريان بنمسيك كانوا قد زاروا وزارة الداخلية، التي أحالتهم على عامل عمالة مقاطعات بنمسيك، الذي قالوا إنه تعامل معهم في آخر اجتماع بمنتهى القمع، وهو ما جعلهم يقررون التوجه، من جديد، إلى وزارة الداخلية خلال اليومين المقبلين. إلى ذلك، أكد مصدر من السلطة المحلية في عمالة مقاطعات بنمسيك أن الإجراء موجه فقط ضد غير المسجلين في الإحصاء الذي تتوفر عليه السلطات المحلية لسكان الكاريان المذكور، مضيفا أن «المسجلين في الإحصاء يحصلون على وثائقهم الإدارية بصفة قانونية في أقل من 5 دقائق». وحول توفر بعض هؤلاء السكان على بطائق وطنية منتهية الصلاحية تثبت سكنهم في العنوان المذكور منذ أكثر من عشر سنوات، اعتبر المصدر ذاته أن البطاقة الوطنية لم تكن تدل على الإقامة، لأن سكان الكاريان يرحلون ويحتفظون بعناوينهم القديمة، «طمعا» في الاستفادة من بقع أرضية في إطار برامج مكافحة مدن الصفيح.