الجريمة البشعة التي اهتز لها سكان طنجة يوم الأحد الماضي، حين أقدم شاب من مواليد 1981 على ذبح طفلة صغيرة لم تتجاوز الأربع سنوات من العمر وتقطيع جثتها واستخراج كبدها و«طبخ» أطراف من جسدها في طنجرة، هي جريمة خطيرة وهمجية لم يسبق لنا أن سمعنا بمثيلة لها، لأنها فاقت كل البشاعات والفظاعات، بالرغم مما قيل حتى الآن قبل انتهاء التحقيقات من أن المنفذ للجريمة مختل عقليا. هذه الجريمة واحدة من الجرائم البشعة التي أصبح المجتمع المغربي مسرحا لها في السنوات الأخيرة، إذ أصبحنا نسمع عن جرائم قتل لطفلات وأطفال صغار بعد اغتصابهم، أو قتل مدمنين أو مختلين عقليا أقرباء لهم مثل الجريمة الأخيرة التي حصلت في مدينة فاس عندما أقدم مدمن على المخدرات على قتل والدته بدم بارد. إن إرجاع مثل هذه الجرائم إلى مختلين عقليا لا ينهي المشكلة، لأن مسؤولية الدولة هنا واضحة، إذا لا يعقل أن يظل المئات من هؤلاء المختلين, المشردين, أو غير المشردين يتسكعون في الشوارع بعدة مدن دون أن تكون هناك سياسة لحماية المجتمع منهم، لأن مكانهم الطبيعي ليس هو الشارع أو الأسرة التي ينتمون إليها، وإنما هو المستشفى من أجل تلقي العلاج والحيلولة دون اقترافهم جرائم ضد المجتمع. المؤسف أننا نرى مثل هؤلاء المختلين يتسكعون في أماكن لا يجب أن يكونوا قريبين منها -مثل المؤسسات التعليمية- لأن من شأن ذلك أن يشكل خطرا على مرتادي تلك الأماكن في الوقت الذي يكون قد فات فيه أوان إنقاذ الموقف. يبدو أن استراتيجية وزارة الصحة، التي تتحمل مسؤوليتها الاستقلالية ياسمينة بادو، لم تتوقع مثل هذه الفظاعات الاجتماعية كي تقتنع بأن المكان الطبيعي لأي مختل عقلي هو المستشفى لا أن يترك آلة مدمرة وسط الأسوياء.