أماط عدد من الكسّابة بإقليمكلميم اللثام عن بعض التلاعبات، التي ترافق عمليات توزيع الأعلاف المدعّمة من الدولة، والموجّهة إلى فئات عريضة من مربي الماشية بمختلف الجماعات التابعة لجهة كلميمالسمارة. وبدأت تنكشف خيوط هذه الاختلالات، مساء الجمعة الماضي، بعد إقدام حوالي 15 كسّابا على محاصرة شاحنة تحمل حوالي ثمانية أطنان من الشعير المدعّم بالقرب من أحد المخازن بكلميم، عند ملتقى شارعي «المختار السوسي» و«زريويلة» بحي «النوادر»، حيث منعوا الشاحنة، التي كانت متوجّهة إلى إقليم أسا الزاك، من مغادرة المكان، وأوقفوا سيّاراتهم الخاصة أمام وخلف الشاحنة، وهو ما استنفر مختلف الأجهزة الأمنية التي حضرت الواقعة وسط تجمهر العشرات من المواطنين. ولأن السائق لم يكن يتوفر على وثائق تبرّر وجود هذه الحمولة على متن الشاحنة، فقد أصدرت النيابة العامة بكلميم التعليمات للشرطة القضائية من أجل أن تباشر فتح تحقيق في النازلة، ووضع سائق الشاحنة تحت الحراسة النظرية رفقة أحد المقاولين. وقد عاينت «المساء» عمليات تفتيش قامت بها الشرطة القضائية لمخزن كانت بجواره الشاحنة المثيرة للجدل، وتم العثور على حوالي 10 أطنان من الشعير، 7 أطنان منها تم إفراغها خلال اليوم نفسه، بينما كانت ثلاثة أطنان مخبأة بالمخزن المذكور، بل إن عددا لا بأس به من الأكياس لا يحمل شعار وزارة الفلاحة، وهو ما يرجّح فرضية إفراغ شحنات الشعير المدعم في أكياس عادية لبيعها في الأسواق. وترى مصادر مقرّبة من هذا الملف أن هذه المعطيات أثارت شكوك المحققين في الموضوع، وقوّت من فرضية وجود تلاعبات حقيقية بالمواد المدعّمة، التي طالما كانت موضوع شكايات وبيانات سابقة، حيث يتوقع المتتبعون أن يقود التحقيق إلى مساءلة بعض المسؤولين والمنتخبين للكشف عن لوبيات المتاجرة في الشعير المدعم. وفي اتصال «المساء» بالمدير الجهوي لوزارة الفلاحة بجهة كلميمالسمارة، محمد الظرفاوي، نفى أي علاقة له بالموضوع، وقال إن إدارته لا تعترف إلا بالمحاضر التي تفيد أن المستفيدين من الشعير المدعّم قد توصّلوا بحصّتهم، وأوضح أن توزيع هذه الأعلاف المندرج ضمن محاربة آثار الجفاف، يتم تحت إشراف السلطات الإقليمية، حيث يترأس الكاتب العام لكل عمالة لجنة إقليمية تضم المعنيين بالموضوع، وتقوم بتوزيع الحصص على كل جماعة، على أن تتولى لجنة محلية توزيع الحصة على مستوى الجماعة المحلية تحت إشراف السلطة المحلية. وأشار المتحدث إلى أن أقاليم الجهة من المفترض أن تستفيد من حوالي 700 طن لكل إقليم من الحبوب المدعمة، غير أن الدفعة الأولى لم تتجاوز حوالي 300 طن لكل إقليم، وهو ما يطرح تساؤلات عديدة حول الدواعي الحقيقية وراء تأخير تمكين هذه الفئة من المواطنين من حقّها في الحصول على الأعلاف المدعّمة لإنقاذ القطيع، خاصة أن فئة الكسّابة بحاجة ماسة إلى هذه الأعلاف في الأوقات الحرجة خلال أشهر يوليوز وغشت وشتنبر، بينما ينتظر الكسابة خلال شهر أكتوبر بداية الموسم الفلاحي بأمطار الخير. وفي آخر تطورات «فضيحة» الشعير المدعّم، أفادت مصادر «المساء» بأنه تم استدعاء المموّن المعني بصفقة توفير الشعير المدعّم للتحقيق معه في ملابسات هذا الموضوع، وتقديم مبرّرات قانونية لتواجد الأطنان، التي عثرت عليها المصالح الأمنية في المخزن المذكور، سيما أن الدورية المشتركة بين وزارتي الداخلية والفلاحة تشير إلى أنه يتم نقل شحنات الأعلاف المدعّمة من مصدر التزويد إلى المستفيدين مباشرة.