في وقت لم تُضمد فيه بعد آثار الرعب الذي خلفه هجوما الدارالبيضاء والعيون في نفوس تجار المجوهرات بالمغرب، شهدت كل من مدينة فاس وتاونات حادثين آخرين لا يقلان رعبا عن سابقيهما، في يوم واحد، وأدخل على إثرهما ثلاثة تجار ذهب إلى قسم المستعجلات بالمستشفى الجامعي الحسن الثاني بفاس، وأجريت لأحدهم بسبب حدة الطعنات عملية جراحية في الرأس. وتعود الفصول التراجيدية للحادث الأول إلى صباح أول أمس الأحد، حين غادر كل من بوشتى جناتي ومحمد بالعربي مدينة تاونات في اتجاه بلدة غفساي بضواحي الإقليم على متن سيارة من نوع «رونو 19»، ومعهما كمية كبيرة من المجوهرات قدرت قيمتها بأكثر من 100 مليون سنتيم. وحكى شقيق أحد التاجرين ل«المساء» بأن عصابة تتكون فيما يبدو من ثلاثة أشخاص رصدوا التاجرين منذ مغادرتهما المدينة، وكانوا على متن سيارة «مرسيديس 250». وفي منطقة وارتزاغ اعترض أفراد العصابة طريق تاجري الذهب، وأجبروا سيارتهما على التوقف، وهجموا عليهما، وسرقوا ما بحوزتهما من ذهب، تقدر قيمته، حسب نفس المصدر، بحوالي 100 مليون سنتيم. وأصيب بوشتى جناتي نتيجة استعمال أفراد العصابة السيوف في تنفيذ هذه العملية بإصابات في الرأس والعنق والرجل واليدين، وتم نقله إلى قسم المستعجلات بالمستشفى الجامعي بفاس حيث أجريت له عملية جراحية في الرأس. أما رفيقه محمد بالعربي فقد أصيب في الرأس، ونقل بدوره إلى قسم المستعجلات لتلقي الإسعافات. وفي مساء نفس اليوم (أول أمس الأحد) تعرض محل تاجر مجوهرات بأحد الأحياء الشعبية بمدينة فاس لهجوم مماثل من قبل عصابة يرجح أنها تتكون من خمسة أشخاص، أسفر عن إصابته بجروح غائرة في الرأس، وسرق أفراد العصابة جل ما كان في محله من مجوهرات قدرت مصادر مقربة من الضحية قيمتها ب50 مليون سنتيم. ونقلت المصادر نفسها بأن العصابة التي نفذت العملية ضد التاجر عبد العظيم السملالي بالشارع الرئيسي لحي «كاريان الحجوي» استعملت الغاز المسيل للدموع (الكريموجين) والسيوف. وترجح المصادر نفسها أن تكون العصابة، التي كان ثلاثة أفراد منها يرتدون لباسا رياضيا وأقنعة، قد عمدت إلى رصد هذا التاجر قبل أن تعمد إلى تنفيذ العملية في حوالي الساعة التاسعة والربع مساء. وتوحي الجرائم التي تستهدف، في الآونة الأخيرة، تجار الذهب أن منفذي جرائم السرقة أصبحوا يميلون نحو «التكتل» في إطار عصابات تستعمل السيارات والأسلحة البيضاء، وأسلحة نارية كما في حالة الدارالبيضاء، وتعمد إلى رصد ضحاياها قبل تنفيذ عملياتها. وتشير المعطيات إلى أن أفراد هذه العصابات يطمحون من خلال تنفيذ عملياتهم إلى جني أكبر عدد ممكن من الأموال، مما يفسر استهدافهم تجار المجوهرات، الذين لا يعتمد جزء كبير منهم على إجراءات أمنية وقائية لنقل ودائعهم أو الاتجار فيها.