بوريطة: مغالطات "الاستفتاء" انتهت .. والحكم الذاتي يُنفَّذ دون وصاية دولية    الحكومة تمدد وقف استيفاء رسوم استيراد الأبقار والجمال لضبط الأسعار    نتفلكس تقترب من أكبر صفقة لشراء استوديوهات وارنر وخدمة "HBO Max"    أكادير تعتمد الشركة الجهوية للرياضة    مورو: مجلس الجهة يتجاوب مع التحديات    غرامة أوروبية بقيمة 120 مليون أورو على منصة "إكس"        بوريطة: نحضر لنسخة محدَّثة وشاملة من مشروع الحكم الذاتي... والمفاوضات المقبلة ستُعقد برعاية أمريكية ووفق إطار أممي لحل نهائي    وزارة الصحة تؤمّن نقلاً طبياً مستعجلاً لمريض في وضعية حرجة من الراشيدية إلى CHU طنجة    خلال 20 عاما.. واشنطن تحذر من خطر "محو" الحضارة الأوروبية    ترامب يضع الهجرة في صدارة الخطة الجديدة ويهاجم الحلفاء الأوروبيين    ماكرون يصف الحكم على صحافي فرنسي في الجزائر بأنه "ظالم"    مدينة الخبر تستعد لليلة الحسم في نهائيات PFL MENA    بوريطة في حوار مع وكالة إيفي يؤكد التحول الحاسم في قضية الصحراء: لا أحد قال إن تقرير المصير يعني الاستفتاء    الخليج يجدد الوفاء للمغرب: القمة ال46 تدعم الوحدة الترابية وتحتفي ب"عيد الوحدة"    مجلس النواب يصادق بالأغلبية على مشروع قانون المالية في قراءة ثانية    الغلوسي: مسؤولون فاسدون استغلوا مواقع القرار للسطو على أموال برنامج "مراكش الحاضرة المتجددة"    نادي اتحاد طنجة يقدم المدرب الإسباني بيبي ميل ويستعرض تقدم تنزيل رؤية الفريق    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الأحمر    استئنافية مراكش تُنصف صُنّاع "انت باغية واحد" في نزاع العائدات الرقمية مع "ديجي فان"    مراجعة مدونة الأسرة.. من نزال الفضاء العام إلى "حصان طروادة"!    التوفيق: 1500 إمام إفريقي تلقوا التأهيل في المغرب خلال 10 سنوات    تقرير: واحد من كل ثلاثة فرنسيين مسلمين يقول إنه يعاني من التمييز    سعر النحاس يقفز لمستوى قياسي وسط تفاؤل التوقعات ومخاوف الإمدادات    قمر اصطناعي أوروبي يرصد المشاهد الأولى للثلوج بالأطلس الصغير    مبيعات الإسمنت تتجاوز 71 مليون طن    قصيدةٌ لِتاوْنات المعْشوقة.. على إيقاع الطّقْطُوقة!    الرسالة الملكية توحّد العلماء الأفارقة حول احتفاء تاريخي بميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    كأس العرب.. مدرب منتخب قطر يوجه تحذيرا صارما إلى سوريا وفلسطين            أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الجمعة    باقتراح من بوعياش... التحالف العالمي ينكب على تحديات وفرص الذكاء الاصطناعي والفضاءات الرقمية وأثرها على فعلية الحقوق    مونديال 2026.. أنظار العالم تتجه نحو واشنطن لمتابعة عملية سحب القرعة    المنتخب المغربي للتايكوندو ينتزع ميدالية ذهبية في بطولة العالم لأقل من 21    التنسيق النقابي في قطاع الصحة يعلن وقفات احتجاجية وطنية ويدعو إلى مقاطعة انتخابات "المجموعة الترابية" طنجة تطوان الحسيمة    توقعات أحوال الطقس اليوم الجمعة    كيوسك الجمعة | 72% من المغاربة يتصدقون بأموالهم لفائدة الجمعيات أو للأشخاص المحتاجين    استقرار أسعار الذهب مع ترقب بيانات التضخم الأمريكية    النيجيري ويليام تروست-إيكونغ يعلن اعتزاله الدولي    ترقب مغربي لما ستسفر عنه قرعة مونديال 2026 اليوم بواشنطن    مدرب عمان: جودة المغرب الفردية والجماعية تجعلهم منافسا قويا    "المثمر" يواكب الزيتون بمكناس .. والمنصات التطبيقية تزيد مردودية الجَني    لمياء الزايدي .. الصوت الذي يأسر القلوب ويخطف الأنفاس    شهادة في حق الفنانة خلود البطيوي بمناسبة تكريمها في الدورة 14 للجامعة السينمائية بمكناس    مبادرة "Be Proactive" تعزّز الوقاية من حساسية الأسنان في عيادات المغرب        بين الراي والراب الميلودي... Wrapped 2025 يرصد التحولات الموسيقية بالمغرب    "حبيبتي الدولة".. من تكون؟!: في زمن التشظي وغياب اليقين    دراسة: الرياضة تخفف أعراض اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه    الشرفي يلقي خطاب عضوية "أكاديمية المملكة" ويرصد "غزو علمنة المجتمع"    نصائح صحية: هذه الأغذية تهددك ب"النقرس"!    "الصحة العالمية" توصي بأدوية "جي إل بي-1" لمكافحة السمنة    التهراوي : انخفاض حالات الإصابة الجديدة بالسيدا خلال السنوات العشر الأخيرة    تحديد فترة التسجيل الإلكتروني لموسم حج 1448ه    الأوقاف تكشف عن آجال التسجيل الإلكتروني لموسم الحج 1448ه    موسم حج 1448ه.. تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    موسم حج 1448ه... تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إذاعة البحر الأبيض المتوسط تنقل إلى المغرب تقاليد إذاعية متطورة
بعد أن كانت الإذاعة الوطنية تحتكر الأثير لزمن طويل
نشر في المساء يوم 03 - 08 - 2011

ينبش الإعلامي محمد بن ددوش في ذاكرته الإذاعية قبل 60 سنة، ويسجل في كتابه «رحلة حياتي مع الميكروفون» مجموعة من الذكريات والمشاهدات التي استخلصها
من عمله في مجال الإعلام السمعي البصري، وهي ذكريات موزعة على عدد من الفصول تبدأ بأجواء عودة الملك الراحل محمد الخامس من المنفى، وانطلاقة بناء الدولة المستقلة بعد التحرر من الاحتلال الفرنسي والإسباني، مبرزا موقع الإذاعة المغربية في خضم التيارات السياسية التي عرفتها الساحة المغربية في بداية عهد الاستقلال ومع توالي الحكومات الأولى وتعاقب المديرين الأوائل على المؤسسات الإعلامية. ويرصد الكتاب مكانة وعلاقة الملك الراحل الحسن الثاني بعالم الصحافة ومكانة الإذاعة والتلفزة في حياته، مع الانطباعات التي سجلها المؤلف خلال مواظبته على تغطية الأحداث الهامة التي عاشتها المملكة، وفي مقدمتها حدث المسيرة الخضراء وهيمنة الداخلية على الإذاعة والتلفزة، وضمن الكتاب وقائع تاريخية تنشر لأول مرة حول احتلال الإذاعة خلال محاولة الانقلاب التي كان قصر الصخيرات مسرحا لها في سنة 1971.
تأسيس إذاعة البحر الأبيض المتوسط: بداية مرحلة المزاحمة الإذاعية
نظم اتحاد إذاعات الدول العربية في ديسمبر من عام 1982، في عهد أمينه العام الأستاذ عبد الله شقرون، ندوة في تونس حول «الإذاعة الصوتية: حاضرها ومستقبلها» بحضور مديري إذاعات الدول العربية. وقد مكنتهم هذه الندوة من طرح نظرياتهم حول دور الإذاعة ومكانتها بالنظر إلى الإرهاصات التي كانت تلوح في الأفق حول مدى صمود الإذاعة أمام التلفزيون.
وسعدت في هذه الندوة بتقديم عرض شامل حول الموضوع المطروح للنقاش انطلاقا من رؤية مهنية مستقبلية للإذاعة، وكان العرض مركزا على تجربة الإذاعة المغربية في مجال الإذاعات الجهوية.
كانت توجد في المغرب، إذ ذاك، ثمان إذاعات جهوية هي: وجدة، طنجة، فاس، الدار البيضاء، مراكش، أكادير، العيون، الداخلة.
وللحقيقة أقول إن بعض مديري الإذاعات العربية القادمين من المشرق اندهشوا لهذا العدد الكبير من الإذاعات الجهوية الموجودة، إذ ذاك، في المغرب (مع الإشارة إلى أن هذا العدد سيرتفع بإنشاء ثلاث محطات إذاعية جديدة في تطوان ومكناس والحسيمة)، وكان اندهاشهم أكبر عندما أطلعتهم على الحرية الكاملة التي تتمتع بها هذه المحطات، رغم تبعيتها للقطاع الحكومي في إعداد برامجها وتقديم أخبارها. واعترف بعض هؤلاء المديرين باستحالة تبني التجربة المغربية في بلدانهم، إذ لا يعلو عندهم أي صوت إذاعي على صوت الإذاعة المركزية، ومعلوم أن مجال الإذاعات الجهوية الحرة في المغرب عرف، منذ بداية الألفية الثانية، تطورا جديدا في نطاق تحرير المجال السمعي البصري، مما مكن من بروز عدد من الإذاعات المحلية موزعة على مختلف المناطق.
من المؤكد أن الأوضاع القديمة للإعلام في العالم العربي قد تم تجاوزها في غمرة فورة تحرير الإعلام التي اجتازت العالم، والتي وجد فيها الإعلام الجهوي مكانة متميزة، بالإضافة إلى التطورات التي طرأت على الميدان التقني.
جاء في العرض الذي قدمته في ندوة تونس: «ليس من قبيل التنبؤ بالغيب القول الآن. ونحن في عام 1982. بأن العقد القادم سيشهد تطورات جديدة وعميقة في الميدان الإذاعي نتيجة تطور الوسائل التقنية من جهة والتأثير الذي تشكله الوسائل السمعية البصرية من جهة أخرى».
وتضمن العرض أيضا رؤية مهنية لمكانة الإذاعة الوليدة إذ ذاك في مدينة طنجة، إذاعة البحر الأبيض المتوسط في الحقل الإعلامي السمعي بالمغرب: «عن مفهوم الإذاعة نفسه في طريق التطور، ونحن نرى حولنا وبالقرب منا أن الإذاعة لم تعد ذلك الجهاز الذي ورثناه ثقيلا وساهمنا، مع الأسف، في زيادة وزنه» وأنهيت العرض بشرح هذه النظرية، وهذا ما أريد إثباته في نهاية هذا الفصل مقتطفا من العرض الذي قدمته في ندوة اتحاد إذاعات الدول العربية بتونس.
«إنني أعتقد شخصيا أن السنوات العشر الأخيرة التي بلغت خلالها الإذاعة المغربية الخمسين من عمرها، سجلت تطورا في برامج الإذاعة ومواعيد البت عندما اكتمل الإرسال الإذاعي لمدة أربع وعشرين ساعة. وليس من قبيل التنبؤ بالغيب القول من الآن بأن العقد القادم سيشهد تطورات جديدة وعميقة في الميدان الإذاعي نتيجة تطور الوسائل التقنية من جهة، والتأثير والثقل اللذين تشكلانهما الوسائل السمعية البصرية من جهة أخرى.
والحقيقة أن مفهوم الإذاعة في طريق التطور، ونحن نرى حولنا وبالقرب منها أن الإذاعة لم تعد ذلك الجهاز الذي ورثناه ثقيلا وساهمنا مع الأسف في زيادة ثقله.
ففي أوروبا تنتشر الإذاعات بسرعة، وتكفي غرفة واحدة وأجهزة قليلة وأناس قليلون لإقامة إذاعة مكتملة، بل هناك في فرنسا مثلا إذاعات خاصة بالأحياء والمنظمات والهيئات، وفرضت هذه الإذاعات نفسها على المستمعين بخفة وتنوع برامجها وكثرة ما تقدمه من الأخبار.
ولماذا أذهب بعيدا لأتحدث عن فرنسا وعن أوربا، ونحن في المغرب وفي عقر دارنا نعيش بداية مرحلة المزاحمة التي لم نكن نشعر بها مباشرة قبل اليوم، حقا إن موقع المغرب الجغرافي القريب جدا من أوربا يجعل المستمعين فيه تحت تأثير ما يقدمه الأثير الأوروبي الذي يلتقط بسهولة. ونحن كإذاعيين محترفين نشعر بالجودة التي تطبع برامج هذه الإذاعات وخاصة البرامج الإخبارية وطريقة عرضها وتنوع فحواها، وهذا النوع من الإذاعات لم يعد بعيدا عن حدودنا، بل انتقل إلى المغرب وأصبح يبث منه برامجه المختلفة، وأعني بذلك إذاعة البحر الأبيض المتوسط التي أنشئت في المغرب منذ سنتين وتبث برامجها من مدينة طنجة، نتيجة اتفاق بين المغرب وفرنسا وفي نطاق شركة مختلطة.
فهذه المحطة الجديدة نقلت إلى المغرب تقاليد إذاعية متطورة وعما قريب ستبدأ القناة التلفزيونية الثانية تعمل في المغرب بإشراف مؤسسة فرنسية مغربية مماثلة.
لقد أردت أن أشير إلى المناخ المحيط بنا كإذاعة مغربية في بلد ذي موقع جغرافي خاص لأقول بأنه إذا كان تطورنا خلال السنوات العشر الماضية قد تم بإرادتنا وعن طواعية، فإن التطور بالنسبة للسنوات العشر القادمة مفروض كيفما كان الحال، وعلى الإذاعة المغربية أن تقبل الرهان.
ولم لا يكون هذا الرهان على الإذاعة الجهوية وتوسيع شبكتها انطلاقا من تثبيت سياسة الإعلام الجهوي، تماشيا مع التنمية الاقتصادية الجهوية، خاصة في بلد كالمغرب تهدف سياسته إلى تنمية المناطق الاقتصادية وتشجيع اللامركزية في كثير من المجالات.
لكن ما زالت أمامنا أشواط عديدة يتعين قطعها في ميدان التكوين المهني، الذي يعتبر حجر الزاوية في كل تقدم منشود، وما زالت أمامنا أشواط عديدة لإيجاد البنيات الإدارية التي من شأنها أن تخفف من وطأة القوانين الإدارية التي لا تنسجم - في بعض الأحيان -مع العمل الإذاعي.
ويجب أن تستمر اهتماماتنا مركزة على مجمعنا للإسهام بقدر الإمكان في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والفكرية والوطنية بالأسلوب الملائم.
طبعا هذه أفكار وآراء تعود إلى عام 1982، أي قبل حوالي ثلاثة عقود، ورغم أنه كلام قديم إلا أنه حمل في طياته نظرتنا المستقبلية لهذا القطاع والروح التواقة إلى التغيير والتطور التي كانت تملأ جوارحنا. ونحن نلاحظ اليوم من حسن الحظ انطلاق المغرب نحو ما كنا نتطلع إليه بخصوص تحرير قطاع الإعلام السمعي وإن كان انطلاقا محتشما ومحدودا ويحتاج إلى إرادة قوية لفتح آفاق أوسع في وجهه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.