حالة رعب حقيقي عاشتها مدينة آسفي عشية ومساء يوم أول أمس الاثنين في الأحياء الجنوبية المتاخمة للمركبات الكيماوية، بعد اندلاع مواجهات عنيفة بين متظاهرين وبين القوات العمومية انطلقت شرارتها على السكة الحديدية الرابطة بين مركبات «مغرب فوسفور» جنوبا وميناء آسفي في وسط المدينة، بعد أن حاول متظاهرون أطلقوا على أنفسهم اسم «تنسيقية أبناء الضاحية والجوار الفوسفاطي في آسفي» قطع طريق السكة الحديدية بأحجار ضخمة استدعت تدخل القوات العمومية بإشعار ثلاثي للمحتجين بتفريق التظاهرة، وهو الإجراء الإداري الذي لم يستجب له شباب التنسيقية وحاول أحدهم، إثر ذلك، إضرام النار في جسده على مقربة من حوالي 1650 طنا من «الحامض الفوسفوري»، مما استدعى تدخل بعض أفراد القوات العمومية لتنطلق، بعد ثوانٍ معدودة، مواجهات عنيفة متبادلة عبر الرشق بالحجارة بين المحتجين والقوات العمومية. وإثر اندلاع هذه المواجهات ابتداء من الساعة الثانية زوالا، أعطيت الأوامر لمختلف الأجهزة الأمنية أن تكون في «حالة تأهب قصوى» وساد جو من الارتباك وسط القيادات الأمنية ولم يكن أحد يعلم كيف ستتطور الأمور ساعات قليلة قبل استقبال ساكنة آسفي شهر رمضان، بعد أن خرجت الأمور على السيطرة وانطلق الشباب المحتجون عبر مجموعات ملثمة ومسلحة بالعصي والحجارة نحو الأحياء الشعبية المجاورة لخط السكك الحديدية الرابطة بين المركبات الكيماوية والميناء وبالضبط إلى حي «القليعة»، الشعبي، حيث اقتحموا مقر الدائرة الحضرية الثالثة وأتلفوا الوثائق الإدارية وأضرموا النار فيها، وهي نفس أعمال التخريب الذي تعرضت لها الدائرة الأمنية الخامسة في حي «كاوكي»، عبر إحراق أبوابها والقيام بإتلاف الوثائق والتجهيزات الإدارية. وإلى ذلك، علمت «المساء» أن عدد المصابين بجروح من القوات العمومية وصل إلى قرابة 40 عنصرا من مختلف الأجهزة والرتب، فيما عُلِم من مصادر أخرى أن حوالي 20 متظاهرا جرى توقيفهم في تلك المواجهات، التي خلّفت حالة من الخوف والذعر في صفوف المواطنين وسكان أحياء آسفي -الزاوية، التي دارت فيها تلك المواجهات مع شباب يطالبون بالتوظيف الفوري، حسبهم، في المركبات الكيماوية، قبل أن تتحول مطالبهم إلى مواجهات بينهم وبين القوات العمومية، خرجت عن كل سيطرة طيلة أزيد من خمس ساعات (من الساعة الثانية زوالا حتى السابعة مساء). وعلمت «المساء» أن تقارير استخباراتية كانت قد نبهت إلى «وجود مؤشرات قوية تدل على احتمال اندلاع أعمال عنف غير مسبوقة في مدينة آسفي»، بالنظر إلى الاحتقان الاجتماعي الذي وصلت إليه الأوضاع في المدينة، وهي التقارير التي قال مصدر مطلع ل«المساء» إنه لم يتم أخذ جديتها بعين الاعتبار على المستوى المركزي، فيما اعتبر أحد المنتخَبين، في تصريح للجريدة، أن مشكل التشغيل في مدينة آسفي يمكن حله بالنظر إلى الإمكانات التي تتوفر عليها المدينة والإقليم، بخلق فرص للشغل لمختلف فئات الشباب العاطلين بشرط وجود إرادة حقيقة لفك العزلة ورفع التهميش عن المدينة. كما عُلِم من مصدر مطّلع أن الاعتقالات التي طالت أزيد من 20 محتجا في المواجهات الدامية التي جمعت شباب «تنسيقية أبناء الضاحية والجوار الفوسفاطي في آسفي» مع مختلف عناصر القوات العمومية في آسفي من المنتظَر أن يتم تسريع تقديمهم إلى النيابة العامة بعد استكمال التحقيق معهم في مقر الشرطة القضائية، التي من المرجَّح أن تقدمهم في حالة اعتقال.