بدأ في العاصمة السورية دمشق، يوم أمس الأحد، اللقاء التشاوري للحوار الوطني الشامل، في مسعى إلى تهدئة الاحتجاجات المناهضة لنظام الرئيس بشار الأسد والمستمرة منذ أشهر. ويَجمع اللقاءُ -الذي يرأسه فاروق الشرع، نائب الرئيس السوري، ويستمر يومين- حزبَ البعث الحاكم وقوى من المعارضة، بينها أكاديميون ونشطاء من الشباب. وكان من المقرر أن يبحث الجانبان إمكانية إدخال نظام التعددية الحزبية في سوريا. وكان عدد من شخصيات المعارضة أعلن مقاطعته للقاء مع استمرار الحملات الأمنية في عدة مناطق من البلاد. وأعرب الشرع في كلمته الافتتاحية عن أمله في أن يفضي اللقاء إلى «مؤتمر شامل»، ومن ثم إلى «دولة متعددة سياسيا». ودعا أطرافَ المعارضة إلى اللحاق بالحوار، مضيفا أن «اللاحوار لا أفق سياسي له، اللاحوار فكرة عبثية». وتابع قائلا: «الحوار الوطني هو الأكثر انسجاما مع تاريخ سورية وحضارتها»، لكنه دعا كذلك إلى وقف التظاهر، مضيفا: «فالتظاهر غير المرخص به يؤدي إلى عنف غير مبرر». وقال: «إن سورية التي ستطبق فيها الإصلاحات ستكون خالية من الأحقاد التي يريد البعض في الداخل والخارج إيقاظها». وأعلن عن صدور قرار بمنع وضع عقبات «غير قانونية» تعرقل سفر المعارضين السياسيين من وإلى سورية. ومن جهتها، اتهمت منظمة «هيومان رايتس ووتش» الحكومة السورية باللجوء إلى أسلوب القتل خلال تصدي قواتها للمتظاهرين في مختلف المدن السورية. وقالت المنظمة، في بيان أصدرته أول أمس السبت بعد يوم على مقتل 15 متظاهرا، حسب نشطاء المعارضة ومنظمات حقوق الإنسان في سورية، إن قوات الأمن السورية تطلق الرصاص الحي على المدنيين العزل وتعذب المعتقلين حسب شهادات عدد من الجنود وعناصر الأمن الذين فروا من سورية مؤخرا. وجاء في البيان: «جميع المقابلات التي أجرتها المنظمة مع المنشقين أكدت أن قادتهم أخبروهم بأن يقومون بمحاربة المندسين والسلفيين والإرهابيين، لكنهم فوجئوا بمواجهة متظاهرين مسالمين، ورغم ذلك أصر القادة على إطلاق النار على المتظاهرين في العديد من الحالات، وأن الجنود الذين يرفضون تنفيذ الأوامر معرضون للقتل بإطلاق النار عليهم». وأوردت المنظمة شهادة أحد المنشقين حول حادثة وقعت في مدينة حمص وسط سورية وجاء فيها: «كان المحتجون جالسين في إحدى الساحات، وجاءتنا الأوامر بإطلاق النار عليهم، وقمنا بإطلاق النار لمدة أكثر من نصف ساعة، حيث قتلنا عددا كبيرا منهم، وبعد نصف ساعة جاءت جرافة وسيارات إطفاء، حيث قامت الجرافة بتحميل الجثث في شاحنة، ولا أعرف إلى أين تم نقلها». يذكر أن الاحتجاجات، التي تشهدها سورية منذ ما يقارب أربعة أشهر، أسفرت عن مقتل أكثر من 1300 من المتظاهرين واعتقال الآلاف من قبل قوات الأمن. وفي تطور آخر، استدعت الخارجية الأمريكية السفير السوري، عماد مصطفى، يوم الأربعاء الماضي، لإبداء قلقها حيال تحركات قامت بها البعثة الدبلوماسية السورية في واشنطن ضد مشاركين في مسيرات سلمية في الولاياتالمتحدة للاحتجاج على الأحداث الدموية التي تشهدها بلادهم، وفق ما كشفته الوزارة يوم الجمعة الفارط. وتزامن الكشف مع إعلان الخارجية الأمريكية رفضها الانتقادات التي وجهتها السلطات السورية إلى سفير واشنطن في دمشق، روبرت فورد، بسبب زيارته لمدينة حماة التي تشهد واحدة من أضخم المظاهرات المنادية بسقوط الرئيس بشار الأسد. وذكرت الخارجية الأمريكية، في بيان لها يوم الجمعة الماضي، أن مساعد وزيرة الخارجية لأمن البعثات الدبلوماسية، إيريك بوسويل، استدعى عماد مصطفى «للإعراب عن قلقنا حيال تصرفات جرى الإبلاغ عنها، من موظف بعينه في السفارة السورية».