لن تكون الطعنات التي تلقتها أم من ولدها، الذي كان تحت تأثير حبوب الهلوسة «القرقوبي»، ليلة الثلاثاء، 19 أكتوبر الماضي، في حي ابن تاشفين في منطقة أزلي في مدينة مراكش، مثل طعنة نكران الجميل والتنكر لمخاض تسعة أشهر، تجرّعت خلالها الأم الويل والمرارة، حتى خرج ابنها إلى الوجود، حيا يرزق. ففي العام الماضي، قام قاصر لم يتجاوز عمره 15 سنة، ويدعى «أ. ب.» بطعن والدته خمس طعنات بواسطة سكين حادة في أنحاء متفرقة من جسمها، جعلت قواها تنهار من شدة الطعنات التي تلقتها، لكن الطعنة الأخيرة التي وجهت لها في القلب من لدن فلذة كبدها جعلتها تلفظ آخر أنفاسها. لم يكن ليخطر ببال الأم، التي كانت تبلغ من العمر 36 سنة، والتي تعمل في صالون للحلاقة في منطقة جليز، أحد أرقى أحياء المدينة الحمراء، أن ابنها الوحيد الذي حباها الله به وملأ بيتها فرحا وأنهى وحدتها وعملت، دائما، على تلبية كل متطلباته، سواء الضرورية منها، كالمأكل والملبس، أو الكمالية، سيأتي يوم «يكافئها» فيه على تعبها بطريقة تنم عن وحشية غريبة. فبمجرد ما رفضت تسليم ابنها القاصر مبلغا ماليا طلبه منها من أجل شراء الحبوب المهلوسة، المعروفة ب«القرقوبي»، التي كان قد أدمن على تعاطيها منذ مدة قليلة، مستغلا غياب الأب، الذي يعمل مقاولا في مجال البناء في مدينة الدارالبيضاء، عمد، في غفلة من والدته، إلى استلال سكين حادة من داخل جيبه ووجه لها طعنات قاتلة أردتْها قتيلة في الحال. وما هي إلا لحظات قليلة، حتى زالت النظرة السوداوية عن عيني القاصر، ذي السوابق في النشل والسرقة، وأدرك أن ما أقدم عليه جريمة ليست كباقي الجرائم التي تملأ سجلات ومحاضر الشرطة والقضاء وأن العقاب سيكون شديدا، فما كان منه إلا أن ترك أمه غارقة في دمها وفر هاربا إلى مكان مجهول، بعيدا عن أنظار المصالح الأمنية، التي هرعت إلى مكان الحادث فور إبلاغها بالواقعة، وهربا من أيدي الجيران، الذين ذُهِلوا من هول وفظاعة الجريمة البشعة، التي استأثرت باهتمام الرأي العام المراكشي. اعتقد الابن الجاني أن هروبه إلى مكان مجهول، والتواري عن أنظار رجال الأمن، الذين انطلقوا في البحث عنه مباشرة بعد توصل التحقيقات إلى ارتكابه هذه الجريمة البشعة، سينقذه من الأصفاد ومن المقام داخل إصلاحية مراكش، لكن عناصر من فرقة الدراجين كانت له بالمرصاد، حيث لم تمر سوى حوالي 45 دقيقة على هروبه من مكان الجريمة، حتى ألقت عليه القبض في المنطقة الرابطة بين فندق «المامونية» ومستشفى «ابن زهر»، المعروف بمستشفى (المامونية). وقد ضبطت فرقة الدراجين بحوزة الهارب مبلغا ماليا قدره 1500 درهم، سلبه من والدته... تمت إحالة الجاني القاصر، الذي سبق أن أودع بمصلحة الأحداث بعد إدانته بتهمة النشل، على مصلحة الشرطة القضائية من أجل تعميق البحث معه وتقديمه للمحكمة لتقول كلمة الفصل في إحدى أبشع الجرائم التي خلّفت استياء واستنكارا شديدين في أوساط المراكشيين. وقد أرجع جيران الضحية، في حديث مع «المساء»، سبب الجريمة إلى تربية «الفْشوش» الزائد، التي كان يحظى بها الجاني من قِبَل والدته. كما أكدوا أنه كان يتعاطى صنوفا من المخدرات والأقراص المهلوسة بشكل كبير، والتي كانت بمثابة «الخنجر» الذي طعن أمه في قلبها.