أصبح عالم الأعمال يتميز بالمنافسة العالية بمطالبات أكثر فعالية وإنتاجية، غير أن ظروف الحياة أصبحت أكثر صعوبة، ماليا ونفسيا وجسمانيا، وكل هذه العوامل تزيد من الضغوط وتؤثر، سلبا، على الإنسان. وقد أثبتت الدراسات أن الذين يعملون تحت ضغوط هم أكثر عرضة لارتفاع ضغط الدم ونسبة الكولسترول في الدم. تعتقد الدكتورة إستر سترنبيرق، استشارية علم النفس في المعهد القومي للصحة العقلية في الولاياتالمتحدة، أن التعرض للضغوط المزمنة يؤثر سلبا على جهاز المناعة. ورغم هذا، فقد تعتقد أن العمل يتطلب كل الجهد ويحتاج إلى كل دقيقة من وقتك وقد تزيد من وقت عملك ساعات أطول. لكن العديد من الدراسات والأبحاث تفيد أن التفاني المبالَغ فيه له نتائج سيئة على صحتك وحياتك الشخصية، كما يؤثر على مستوى الإنتاج في العمل. بعبارة أخرى، فإن «كل شيء يزيد عن حده، ينقلب إلى ضده». وفي زحمة العمل والتفاني وملاحقة زمن التسليم، قد تنسى العناية بنفسك وصحتك. وتظهر تأثيرات هذه الضغوط على المدى البعيد، ومع الوقت، ستلاحظ أن قدرتك على الإنتاج تنخفض مقابل زيادة الضغط النفسي وآلام الظهر ومشاكل في النظر وغيرها من الأمور المشابهة... في الغالب، قد تبدو بعض التجاوزات الصحية صغيرة ولا تستحق الذكر، مثل تناول وجبة الغذاء على مكتبك، بحجة أن الوقت لا يسمح لك بالخروج، أو بقائك لساعات متسمرا أمام شاشة الكمبيوتر من دون أخذ استراحة قصيرة. ولكن هذه الممارسات تعتبر من «الجرائم» التي ترتكبها في حق نفسك وفي حق غيرك. ولتفادي مثل هذه العواقب، إليك بعض القواعد الصحية الأساسية التي يمكن أن تحميك، أنت وجميع فريق العمل في المكتب، من ضرر بليغ. الاهتمام بسطح المكتب كشفت دراسة أجرتها جامعة أريزونا أن سطح المكتب يخفي مئات المكروبات، أكثر من كرسي المرحاض. ووجد الباحثون أن سطح المكتب لديه 21000 جرثومة في كل بوصة مربعة، مقارنة ب49 جرثومة في كل بوصة مربعة في كرسي مرحاض عادي. وأشارت الدراسة إلى أن أكثر الأشياء تلوثا في سطح المكتب هما: التليفون، لوحة المفاتيح وفأرة الكمبيوتر، لذا من المهم جدا الاهتمام بنظافة وتعقيم سطح المكتب يوميا، لتفادي نمو هذه المكروبات. طرق الأكل أظهرت دراسات أجريت في بريطانيا أن معدل الساعات التي يختلسها الموظف لتناول غذائه لا تتعدى ساعتين في الأسبوع، في أحسن الحالات. وذكرت الدكتورة تريزا سيمان، المحاضرة في كلية الطب، جامعة كاليفورنيا، أن الذين يعملون تحت الضغوط أكثر عرضة للإهمال في أكلهم، وفي معظم الأحيان، يتناولون غذاء ليست له أي قيمة غذائية. وإذا أكلوا، فإن أغلبهم يتناولون وجباتهم على المكتب وأمام شاشة الكمبيوتر، أي في مكان غنيّ بكل أنواع البكتيريا، الأمر الذي لا يزيدها إلا توالدا وتكاثرا. نظافة الأواني هل تنسى غسل الفنجان الذي تشرب فيه الشاي أو القهوة؟ إذا كان الأمر كذلك، فأنت لست وحدك، لكن ما يجب أن تعرفه هو أن هذا الفنجان الصغير يعتبر المكان المفضل لتوالد البكتيريا، ومنه تنتقل إلى يديك، ثم إلى فمك ومعدتك، والأدهى من هذا، أن ترك أوانيك على مكتبك من دون غسل هو، أيضا، مخالفة لأصول العمل و«الإتيكيت».
الجلوس غير الصحي تشير الدراسات إلى أن الجلوس لساعات طويلة أمام شاشة الكمبيوتر يؤدي، حتما، إلى آلام في الظهر والأكتاف، خاصة إذا كنتَ تجلس بصورة غير صحيحة. ربما لا تشعر بهذه الآلام في البداية، ولكن كلما طال الأمر، كلما تراكم التأثير على ظهرك. إذا كان عملك يستدعي الجلوس أمام شاشة الكمبيوتر لمدة طويلة، فيجب عليك أن تجلس على كرسي بظهر مستقيم، ولا بأس أن تسأل قسم شؤون الموظفين أو الجهات المختصة في مكان العمل عن الخطوات الصحيحة للجلوس، حتى تحمي نفسك. من أجل ساقيك للجلوس لساعات طويلة على المكتب تأثيراته السلبية على السيقان أيضا، حيث تظهر أمراض عديدة، تتباين بين الدوالي إلى جلطة الأوعية الدموية. وقد كشف مركز الأبحاث الطبية في نيوزيلندا أن ثلث الأشخاص الذين أُدخِلوا المستشفى بسبب هذا المرض كانوا موظفين يجلسون لساعات في مكاتبهم، من دون حراك. فاحرص على المشي بانتظام بين الفينة والأخرى. الاستراحة أثناء العمل تشير الدراسات إلى أن الموظفين في بريطانيا، على وجه الخصوص، يعملون لساعات طويلة من دون توقف ومن دون الاستفادة من فترات الاستراحة، المسموح بها، لشحذ طاقتهم. قد تكون مثلهم، تجد أن توقفك عن العمل لبعض دقائق كل ساعة أمر مزعج ويشتت أفكارك وتركيزك. لكنْ، مع الوقت، ستعرف مدى فوائده على صحتك وعلى قدراتك الإنتاجية، أيضا. العناية بالعيون بينت الدراسات أن 75 % من مستعملي جهاز الكمبيوتر لفترات طويلة يعانون من مشاكل في النظر. ويؤكد أطباء العيون أنه باستطاعتك حماية عينيك من المشاكل بتعديل مستوى شاشة الكمبيوتر أسفل بقليل من مستوى النظر، حتى تستطيع أن تركز أكثر، إضافة إلى أخذ 20 دقيقة راحة عن كل ساعة تقضيها مسمرا أمام الشاشة، لتقلل من إرهاق العيون. العمل وأنت مريض قد تكون متفانيا إلى أقصى حد، وقد تكون جريئا تتحدى المرض ولا تريد أن تعترف به، ولكن عندما تكون مريضا ولديك مرض معدي مثل الزكام وتتوجه إلى المكتب، فإنك لا تضر نفسك فحسب، بل تؤذي زملاءك أيضا بتعريضهم للعدوى. لذا لا تباشر دوام العمل حتى تشفى تماما من العلة التي تعاني منها، حتى لا تنتكس أنت أو تنقل العدوى لغيرك. التخلص من المناديل المستعملة عندما تكون مصابا بالزكام، قد تشعر بالشفقة على نفسك أو تتكاسل عن القيام بأبسط الأشياء، مثل التخلص من المناديل التي استعملتها، بل تتركها تتراكم على مكتبك وكأنها «شهادة» تفانيك. لن تأخذ منك العملية سوى لفتة بسيطة لتضعها في مكانها المناسب: سلة المهملات ولا تنس أن تغسل يديك بعد ذلك، وبانتظام، على امتداد اليوم.
العمل لساعات طويلة من أسباب التوتر إذا كنت تعمل لأكثر من 10 ساعات في اليوم أو كنت تأخذ عملك معك إلى المنزل، فهذه مؤشرات تدل على أنك تعمل لساعات طويلة. فقد أثبتت دراسة في بريطانيا، أجراها مكتب التوظيف، أن الذكور يعملون أكثر من الإناث وأن العمل لساعات طويلة له صلة بالمشاكل الصحية وبقلة الإنتاج وضعف الأداء. ويعتبر العمل لساعات طويلة من أهمّ أسباب التوتر والضغط النفسي ونوبات القلق التي يعاني منها الكثيرون. وحسب ما كشفته دراسة أجرتْها جمعية التحكم في الضغط النفسي العالمية، فإنها تؤثر على الحياة الشخصية، أيضا. وبينما يعد التعرض لنوبات البرد أو الزكام أمراضا عابرة يمكن التغلب عليها في غضون أسبوع من الراحة، فإن الضغط النفسي يبقى عاليا إذا لم تقم بحل جذري وتغيِّرْ أسلوبك في التعامل مع عملك.