سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
منفذ عملية أركانة عماد العثماني يعترف بتلقائية مثيرة للمحققين ويخبرهم عن إعداده للعملية لأزيد من 6 أشهر كان يجرب عمليات تفجير متكررة على مقربة من المركبات الكيماوية للمجمع الشريف للفوسفاط
أكدت معطيات بحوزة «المساء» في قضية اعتقال المشتبَه في كونه المنفذ الرئيسي لعملية تفجير مقهى «أركانة» في مراكش أن عماد العثماني، البالغ من العمر 26 سنة، لم يُبدِ أي مقاومة عنيفة لحظة اعتقاله ورافق رجال «الديستي» بكل هدوء وطواعية، وهي نفس الملاحظة التي سُجِّلت، أيضا، خلال اعتقال المتهم الثاني،عبد الصمد بيطار،الذي اعتُقِل من «سوق بياضة» في آسفي، حيث يمتلك متجرا لبيع الأحذية المستعمَلة. وأشارت معطياتنا إلى أن المتهم الرئيسي في عملية تفجير مقهى في ساحة «جامع الفنا» أجاب، خلال الجلسات الأولى من التحقيق معه، بكل «تلقائية» وكانت أفكاره مركزة وسرد للمحققين التفاصيل الدقيقة التي قادته إلى إعداد عمليته الإرهابية. كما بيَّن بدقة كبيرة جميع المراحل التي قطعها من أجل تنفيذ خطته، وأعاد رسم مساره الشخصي من خلال الأسفار المتعددة التي قادته خارج التراب الوطني في سعيه إلى الانضمام إلى تنظيم القاعدة في العراق. وكشفت مصادر من وسط شارع عبد الرحمان الوزاني في آسفي، حيث يقطن المتهم الرئيسي، أن عماد العثماني كان موهوبا في «البريكولاج»، رغم محدودية مستواه الدراسي، وكان مهووسا بتعلم تقنيات الإلكترونيك، عبر الاعتماد على التعلم الذاتي والتجريب، رغم انطوائيته وانعزاله واحتياطه الدائم من مخالطة أقرانه في السن من سكان الحي، الذين لم يكن يتبادل معهم غير التحية. وتشير المعلومات الأولى المتعلقة بحادث اعتقال خلية عماد العثماني في آسفي إلى أن التحريات الأمنية تتجه نحو فك لغز الجهات التي كانت تبعث للمتهم الرئيسي بتحويلات مالية بالعملة الصعبة من الخارج، وما إذا كانت هذه التحويلات على علاقة بتمويل عملياته الإرهابية. كما أن نفس التحريات انصبّت، بشكل كبير، على البحث وسط المجال الذي كان عماد يختلي فيه لتجريب تركيبة المتفجرات في منطقة «سيدي دنيال»، غير البعيدة عن مجمع المركبات الكيماوية، جنوب مدينة آسفي. وأشارت مصادر أمنية ل»المساء» إلى أن عماد العثماني كان يتدرب، وبخلاف ما جاء في الرواية التي بثتها مصادر صحافية من أنه كان يتدرب في ضيعة فلاحية لوالده، في منطقة صخرية مطلة على المحيط الأطلسي تعرف ب»سيدي دنيال»، لا تبعد سوى بكيلومترات قليلة عن المركبات الكيماوية جنوب مدينة آسفي، مضيفة أن المتهم الرئيسي ظل بعيدا عن أعين أجهزة الأمن، لكونه كان يتدرب في منطقة خارج المدار الحضري، تتبع لمراقبة جهاز الدرك الملكي. من جهة أخرى، لم تستبعد مصادر مقربة من الملف حدوث تغييرات كبيرة على مستوى أجهزة الأمن والاستخبارات في مدينة آسفي، وسط حديث عن وجود «تراخ» و»ثغرات» في تتبع ورصد العناصر المصنَّفة في خانة «خطر»، ومن ضمنها خلية عماد العثماني، الذي له «سجل حافل» خارج التراب الوطني من حيث عدد الدول التي زارها واعتُقِل فيها ورُحِّل مرارا إلى المغرب، لكونه كان يسعى إلى الالتحاق بتنظيم القاعدة وببؤر التوتر عبر العالم، دون أن يكون ذلك سببا كافيا لوضعه تحت المراقبة الاستخاراتية في مدينة آسفي... وفي السياق ذاته كشفت يومية «لوفيغارو»، الفرنسية، أن عماد العثماني، ورغم ماضيه «الجهادي» في عدد من دول العالم، لم يكن معروفا لدى مصالح «الديستي» المغربية وأنه كان ينوي تفجير مقهى «فرنسا» في ساحة «جامع الفنا»، فعدَل، في آخر لحظة، عن ذلك، بعد أن لاحظ أنه ممتلئ بالمغاربة أكثر من الأجانب، فاتجه صوب مقهى «أركانة». وكشفت اليومية الفرنسية المحسوبة على قصر «الإيليزي» أن عماد العثماني صرح للمحققين بأنه كان ينوي تنفيذ تفجيرات على شاكلة تفجيرات قطارات مدريد وأنه استغرق أزيد من 6 أشهر للإعداد لهذه العملية ما بين إيجاد التركيبة الكيماوية والتجميع التقني على الأنترنت وما بين التجريب الميداني للمتفجرات في منطقة «سيدي دنيال»، جنوبآسفي. وأوردت «لوفيغارو» أن عماد العثماني استقل يوم التفجير القطار المتجه من آسفي إلى مراكش على الساعة السادسة إلا ربع صباحا، وهو يحمل 15 كيلوغراما من المتفجرات وأنه لدى وصوله إلى المدينة الحمراء، جلس لأزيد من ساعة في شرفة مقهى «أركانة»، يحتسي عصيرا من الليمون وقهوة بالحليب، قبل أن يغادر ويفجر عبوة المتفجرات عن بُعد بواسطة هاتف محمول. إلى ذلك، كشفت اليومية الفرنسية، على لسان أحد كبار الأمنيين المغاربة، أن عماد العثماني ليست لديه مؤهلات علمية أو دراسية مهمة وأن مستواه جد بسيط، مضيفا، في تصريحات ل«الفيغارو»، أن ما «خانه» وأوصل المحققين إليه هو قطع من الهاتف النقال الذي ربطه بالمتفجرات وعُثر عليها في المقهى، حيث أمكن الشرطة العلمية من إعادة إصلاحه والتوصل إلى لائحة المكالمات التي استقبلها، وكانت الأخيرة هي التي قادت المحققين إليه.