لا بد أن تصير مناسبة يوم السجين مناسبة عربية وإسلامية يحتفل بها العرب والمسلمون قاطبة، لأن أكبر عدد من السجناء القابعين في سجون العالم الرهيبة من العرب والمسلمين، سواء في سجون الكيان الصهيوني أو في سجون الاحتلال الأطلسي أو في سجون بلدانهم، حيث الأنظمة الشمولية المستبدة. ومن المعلوم أن عدد السجناء في سجون البلاد العربية والإسلامية ذات الأنظمة الشمولية ومعتقلاتها الرهيبة يفوق -بكثير- عدد السجناء في سجون ومعتقلات الكيان الصهيوني والاحتلال الأطلسي، لهذا لا بد أن يُحتفَل بيوم السجين العربي والمسلم ليس فقط في فلسطينالمحتلة، وإنما في البلاد العربية والإسلامية المحتلة، وأيضا، في البلاد العربية والإسلامية ذات الأنظمة المستبدة. ومن المعلوم، أيضا، أن سجون ومعتقلات الاحتلال الصهيوني والاحتلال الأطلسي والأنظمة العربية والإسلامية المستبدة هي سجون ومعتقلات على غرار سجون ومعتقلات فترة محاكم التفتيش وفترة النازية والفاشية لا تراعي ما نصّت عليه قرارات الأممالمتحدة من صيانة لكرامة الإنسان المعتقل والسجين. وما زال الكيان الصهيوني العنصري والمجتمعات الغربية، وكلها تدعي الانتماء إلى العالم الحر والديمقراطي، تحتفظ بمعتقلات العار والشنار، كما هو حال معتقلات الكيان الصهيوني ومعتقلات الكيانات الغربية، من قبيل معتقل «غوانتنامو» و«قندهار» و«أبي غريب» والمعتقلات التابعة للمخابرات الأمريكية في بعض العواصم الأوروبية. كما يمكن الحديث عن شناعة معتقلات الأنظمة العربية الشمولية، ولا حرج، رغم الشعارات السرابية الفارغة، التي ترفع ليل نهار في وسائل الإعلام الرسمية، والتي تتغنى باحترام حقوق الإنسان، حيث أفظع وأبشع الانتهاكات ضد حقوق الإنسان... لقد بات من المؤكد أن السجين العربي والمسلم هو سجين عقيدة وسجين قضية وسجين مبدأ وجنحته الوحيدة أنه ينتمي إلى دين الإسلام أو أنه يدافع عن قضية عادلة أو حق مشروع ضائع. وقد مر العالم بفترة مظلمة حالكة في سجل حقوق الإنسان، خاصة العربي والمسلم، حيث ركبت الولاياتالمتحدة رعونتها واستغلّت مسرحية ال11 من شتنبر المفبركة والمحبوكة والمكشوفة أمام الرأي العام العالمي، فسنت قوانين طوارئ مخالفة لأعراف ومواثيق الأممالمتحدة، وهي قوانين ما سمي «محاربة الإرهاب»، ويتعلق الأمر بعملية تمويه على جرائم الكيان الصهيوني في فلسطينالمحتلة، ذلك أن الكيان الصهيوني عوض أن يسمي المقاومة الفلسطينية المتصدية له باسمها الحقيقي، لفّق لها تهمة الإرهاب، ومن الكيان الصهيوني تسربت هذه التهمة عبر اللوبي الصهيوني في مواقع صنع القرار الأمريكي، وأطلقت على كل ما له علاقة بدين الإسلام. ومن الولاياتالمتحدةالأمريكية تم «تصديرها» إلى دول أوربا الغربية وإلى باقي دول العالم الخاضعة للهيمنة الأمريكية، ومن ضمنها الأنظمة العربية المستبدة. وهكذا لوحظ أنه بمجرد انتهاء «مسرحية» ال11 من شتنبر، بدأت «مسرحيات» مماثلة في الدول الخاضعة للأجندة الأمريكية، وجاءت هذه المسرحيات -المسخ بأشكال مكشوفة ومفضوحة وواضحة الغرض والهدف والغاية، حيث فُتِحت على إثرها المعتقلات والسجون في العالم ليُزَجّ بكل عربي ومسلم فيها، بتهمة الانتماء إلى الإرهاب، وابتدعت الولاياتالمتحدة أعراف وتقاليد اعتقال وحبس غير مسبوقة في التاريخ، إذ تم تبادل «خبرات» التعذيب والاستنطاق بين كل الدول الخاضعة للولايات المتحدة وتم تخصيص خبراء استنطاق وتعذيب عرب ومسلمين للإمعان في التنكيل بالسجناء العرب والمسلمين، كما شهد بذلك من عاشوا تجربة الاعتقال في «أبي غريب» و»قندهار» و»غوانتنامو»، حيث كانت أقسى لحظات تعذيبهم هي تلك التي يتولى خلالها استنطاقَهم من هم من بني جلدتهم أمام أنظار المحتل، الساخر بالمستنطِق بكسر الطاء وفتحها على حد سواء وكان المستنطقِون بكسر الطاء المحسوبون على العروبة والإسلام، والعروبة والإسلام منهم براء، «يتنافسون» أمام قهقهات أسيادهم الأمريكان في الكشف عن أكثر الأساليب تأثيرا في بني جلدتهم السجناء العرب والمسلمين وأكثرها إساءة وإهانة وإذلالا لهم. ولم يفكر هؤلاء الجلادون الأغبياء، للحظة، أنهم إنما كانوا يهينون أنفسهم وثقافتهم أمام المحتلين، الحاقدين والناقمين على ثقافتهم ودينهم وعقيدتهم، قبل إهانة بني جلدتهم المعتقَلين. وأنى لهؤلاء الفاسقين المتنكرين لعقيدتهم وثقافتهم وهويتهم أن تكون لهم غيرة كغيرهم من شعوب الأرض. وهكذا امتلأت سجون ومعتقلات الكيان الصهيوني والكيانات الأطلسية وسجون ومعتقلات الأنظمة العربية المستبدة بالسجناء العرب والمسلمين وعادت عجلة التاريخ إلى الوراء، إلى عصور محاكم التفتيش والنازية والفاشية، وسجلت المنظمات الحقوقية العالمية -على علّتها- أفظع الجرائم في حق الإنسانية وحاز الإنسان العربي والمسلم السجين ألقابا وأرقاما قياسية بخصوص التعذيب والإهانة وحق له أن يسجل أرقامه ضمن أرقام غينس القياسية. وشاءت إرادة الله تعالى أن تتحرك الشعوب العربية لتغيير واقع عصور محاكم التفتيش والنازية والفاشية من خلال ثورات وانتفاضات عرّت كل أنواع الفساد والظلم، بما فيه الواقع على السجناء العرب والمسلمين في سجون ومعتقلات الأنظمة الساقطة أو التي هي في طريق السقوط أو حتى تلك المتوجسة من السقوط، والتي تحاول الالتفاف على الانتفاضات والثورات الشعبية، وبدأت مظلمة السجناء العرب والمسلمين الكبرى، سواء في معتقلات وسجون الأنظمة العربية الشمولية أو في غيرها من السجون والمعتقلات، تنكشف أمام أنظار العالم ويُنتظَر أن تبدأ نهاية هذه المظلمة الكبرى من البلاد العربية والإسلامية لتشمل البلاد العربية والإسلامية المحتلة، سواء من طرف الكيان الصهيوني أو الكيان الأطلسي، خلاف ما كان متوقعا بالنسبة إلى الذين ظلوا ينتظرون نهاية هذه المظلمة المخزية في فلسطينالمحتلة والبلاد العربية والإسلامية المحتلة، أولا، ثم في غيرها بعد ذلك. فإذا كانت كرامة الإنسان العربي والمسلم تُهدَر في السجون العربية والإسلامية فكيف ينتظر أن تصان هذه الكرامة في سجون الاحتلال الصهيوني والأطلسي؟!... يحق للعرب والمسلمين أن يحتفلوا بيوم السجين ليس في فلسطينالمحتلة، حيث يعاني أغلى وأشرف السجناء على الإطلاق، باعتبار قدسية قضيتهم، بل في كل سجون الاحتلال الأطلسي وسجون الأنظمة العربية والإسلامية، الشمولية، الرهيبة والمخزية.