كنا نعتقد أن درس اعتقال اثنين من كبار الموثقين في الرباط وإدانتهما بتهم تزوير وثائق بيع أملاك تابعة للدولة سيكون رادعا لبعض محترفي مهنة التوثيق، لولا أن حالة الموثقة صونيا العوفي، نجلة الوكيل العام للملك، أبانت عن عكس ذلك. من خلال المقارنة بين حيثيات هذا الملف، يتبين أن التجاوزات واحدة. وفيما تم اعتقال الموثقين الحريشي وبولويز، لأنهما منحها إشهادات غير قانونية، لا تزال صونيا العوفي، التي أقرت بأنها حولت مبلغ مليار سنتيم إلى حسابها من صفقة بيع عقار لم تتم، طليقة، تحاول مواجهة الحقائق ب«السنطيحة». لن ندخل مع نجلة الوكيل العام للملك في أي نقاش حول ظروف وملابسات هذه الصفقة، لكننا نذكر بأن القوانين المنظمة لمهنة التوثيق تحتم وضع المبالغ المالية ذات الصلة بالعقود المبرمة في حساب صندوق الإيداع والتدبير، وليس في الحسابات الخاصة. أخطر من ذلك أن الموثق، أي موثق، يفترض فيه قبل المصادقة على عقد البيع أن يفحص الوثائق، وخصوصا ما يتعلق منها بالرسوم العقارية، سواء كانت مسجلة في دوائر التحفيظ أو في طريقها إلى ذلك، عدا أن البيع لا يستقيم قانونا في الأراضي المحسوبة على «الجموع»، فهل نحتاج إلى أن نذكر الموثقة نجلة الوكيل العام للملك بأن أراضي الجموع غير خاضعة للبيع، إلا في الحالات المرتبطة بنزع الملكية التي لها قوانينها، في ضوء تصديق الجماعة السلالية المعنية. ألم يكن حريا بالموثقة، قبل أن تتسلم شيكا بمبلغ مليار سنتيم كدفعة أولى من السومة الإجمالية التي قدرت بأكثر من 22 مليار سنتيم، لاقتناء أراض مساحتها خمسة آلاف هكتار، أن تتأكد من سلامة ملكية هذه الأرض، خصوصا وقد تأكد أن بائعها الافتراضي المتهم عبد السلام النجاري لا يملك وثائق تحفيظها، إضافة إلى أن وزارة الداخلية اعترضت على تحفيظ تلك الأراضي. كم يبدو الأمر مثيرا للاستغراب، خصوصا أن بقية الملف معروفة لدى الخاص والعام.