في الوقت الذي يصرح حفيظ بنهاشم، المندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج، بأن ظروف اعتقال السجناء قد تحسَّنت، بفعل توفر المؤسسات السجنية على بنية تحتية متطورة «تلائم» متطلبات الأمن والاندماج، أكد عدد من نزلاء سجن وادي زم، الذي تم الشروع في العمل به مؤخرا، المعاناة اليومية التي يعيشون تحت وطأتها بسبب الأوضاع المزرية التي تعيشها المؤسسة السجنية، بدءا بالبنية التحتية لهذه المؤسسة وانتهاء بالأسلوب الذي يتعامل به مسؤولو السجن مع النزلاء، بينما يشتغل بسطاء موظفي السجن في ظروف غير لائقة، من تجلياتها الصعوبة في التنقل بين مقر عملهم وأماكن سكناهم في المدينة، في ظل غياب وسائل خاصة بالنقل. وذكر السجناء أن مشاكلهم تتفاقم يوما بعد يوم، في ظل التسيير الإداري القائم، الذي تنتهك معه حقوقهم الإنسانية جميعها، بما فيها حقهم في التطبيب والغذاء. وتزداد هذه «الخروقات» حِدَّة كلما تعلق الأمر بالمطالبة بتوفير أدنى شروط العيش الكريم، باعتبارها حقا يخوله لهم القانون، ذلك أن إدارة السجن، في شخص نائب رئيس المعقل ونائب المدير وبعض الموظفين، يستغلون نفوذهم لإهانتهم وللتنكيل بهم لأتفه سبب، وكثيرا ما يحدث ذلك دون سبب يذكر، ومن ذلك ما يتعرض له نزيل مُسِنّ من تنكيل، دونما مراعاة لظروفه الصحية، يؤكد مجموعة من السجناء. وفي هذا السياق، أفاد عدد من النزلاء، الذين يحاولون التّكيُّف مع الظروف التي وصفوها ب«اللا إنسانية»، «المساء» أن هذا السجن على الرغم من كونه حديث التكوين، فإن بنيته التحتية جد متردية، ويتجلى هذا التردي بوضوح، يقول مصدر من السجن، أثناء تهاطل الأمطار، الأمر الذي يخلف تسربات للمياه من السقف في عدد من الغرف، كما هو الشأن بالنسبة إلى الغرفة رقم 3 في الجناح «ب»، في جناح «الأمل». ويضاف إلى هذه الاختلالات الانقطاع المتكرر للماء، الذي يستمر من الثامنة صباحا إلى حدود العاشرة مساء، دون الحديث عن حرمان السجناء الدائم من الماء الدافئ للاستحمام، الأمر الذي يُجبرهم على استعمال الماء البارد. كما أن خطوط الاتصال الهاتفي، التي تم وضعها لكي يستفيد منها النزلاء لا تعمل، الأمر الذي يتعذر معه طلب احتياجاتهم من عائلاتهم أو حتى الاطمئنان عليهم، في حال ما رغبوا في ذلك. أما في ما يتعلق بالحق في الغذاء والعلاج، فقد صرح عدد من النزلاء بأن الخضر «محظورة» داخل السجن، بالإضافة إلى المواد المُصبَّرة والعجائن على مختلف أنواعها، ناهيك عن رفض إدارة السجن السماح للسجناء بالاستفادة من كميات الغذاء التي تجلبها لهم أسرهم، إذ تسمح فقط بإدخال كمية محددة، يعتبرها النزلاء قليلة جدا لا تتناسب وحاجياتهم، ناهيك، يضيف السجناء، عن عمليات التفتيش «غير المعقلنة» التي تطال الأغراض التي تحضرها لهم أسرهم، خاصة منها المواد الغذائية، التي غالبا ما تتحول إلى مواد غير صالحة، بعد أن يطالها «العبث». كما أنه كثيرا ما تُنتزَع منهم، قسرا، المواد التي تستعمل في الحمام، مثل «الشامبوان» والصابون أو غيرهما من المواد التي تستعمل في التنظيف وكذا المواد الغذائية التي يمكن الاحتفاظ بها لمدة طويلة، في حال تم إدخالها. وعبَّر المتضررون عن تذمرهم من منعهم من طبخ ما يمكنه سد جوعهم بعد الرابعة زوالا، وهو ما يدفعهم في الغالب إلى البقاء دون أكل منذ الساعة المذكورة إلى صبيحة اليوم الموالي، ذلك أن الأكل المقدَّم داخل السجن، في رأيهم، يفتقر لأبسط شروط النظافة، وهو ما يمنعهم من قبول تناوله، وعبَّر أحد السجناء عن غضبه من هذا الوضع بقوله: «هذا السجن مقبرة للأحياء». وفي سياق متصل، استنكر السجناء تعرض نسائهن للإهانة أثناء عمليات تفتيشهن، إضافة إلى استنكارهم عدم وجود مكان مخصص لانتظار زوارهم. وذكرت مصادر من السجن أن من بين الأسباب التي تقف خلف جزء من مشاكله، انطلاق العمل فيه قبل أن تُرصَد له ميزانية خاصة به، في الوقت الذي تعذَّر على «المساء» التواصل مع حفيظ بنهاشم لمعرفة رأيه في الموضوع، كما رفضت إدارة السجن الإدلاء بأي تصريح يخص الأوضاع المذكورة، في اتصال أجرته معها «المساء».