حذرت النقابة الوطنية للمهندسين المغاربة من الخطر الذي باتت تشكله ظاهرة هجرة الأدمغة على المستوى الاقتصادي، خاصة بالنسبة إلى الاستثمارات العمومية، بعد أن غادر حوالي ثلث المهندسين المغاربة باتجاه الخارج، وهو ما يعني خسارة الدولة لمبالغ بالملايير، علما بأن التكلفة المالية لتكوين مهندس واحد تناهز 7 ملايين درهم. وأكد نور الدين وسقي، نائب رئيس النقابة الوطنية للمهندسين المغاربة، أن الوضع المهني والمادي المتردي للمهندس المغربي جعله يفضل الرحيل، خاصة إلى ألمانيا وفرنسا، للالتحاق بمكاتب دراسات وشركات دولية يتعاقد معها المغرب من أجل تنفيذ بعض المشاريع بميزانيات ضخمة، الأمر الذي يضاعف من حجم الخسارة في ظل النزيف المستمر للكفاءات المغربية، علما بأن بعض الدول تلجأ إلى التعاقد مع المهندسين فور تخرجهم بضمانات جد مغرية وهو «الوضع الذي تتحمل مسؤوليته الحكومة وجيل المهندسين القدامى الذين لم يعملوا على النهوض بوضع القطاع». وتعقيبا على البرنامج الحكومي الهادف إلى تكوين 10 آلاف مهندس في أفق سنة 2010 (وهو الرقم الذي يعادل ثلث المهندسين الذين تم تكوينهم منذ الخمسينيات)، اعتبر وسقي أن هذا العدد سيكون في مصلحة الدول الأوروبية التي أعلنت صراحة عن حاجتها للأطر ذات التكوين العالي القادمة من دول الجنوب، ما لم يتم العمل على إعداد دراسة ميدانية تهدف إلى تحسين وضع المهندسين المغاربة، مؤكدا أنه من الحيف أن يبقى المهندس محاصرا لمدة 5 سنوات براتب هزيل مقارنة بإطار مماثل في هيئة أخرى، وطالب بردم الهوة الموجودة ما بين مهندسي القطاع العام والقطاع الخاص، والعمل على تحسين الظروف المادية والمهنية لتفادي عزوف الطلبة المتفوقين عن التسجيل في معاهد الهندسة. من جهة أخرى، أكد وسقي أن النقابة بصدد عرض مشروع جديد للنظام الأساسي للمهندسين على أنظار الوزير الأول، وهو المشروع الذي تم إعداده بعد نقاش موسع ضمن يوم دراسي وداخل الموقع الإلكتروني الخاص بالنقابة، إضافة إلى عرضه على متخصصين وخبراء في القانون والوظيفة العمومية، علما بأن النظام الحالي يعود إلى الخمسينيات ولم تطرأ عليه سوى روتوشات بسيطة همت التعويضات. وردا على التصريحات التي أدلى بها رئيس الاتحاد الوطني للمهندسين الذي اعتبر أن «تأسيس النقابة من شأنه زرع التفرقة وسط أسرة المهندسين والإحباط في صفوفها»، أكد وسقي أن «وضع القطاع بعد تأسيس النقابة، التي تضم حوالي 5000 مهندس معظمهم من الشباب، أصبح أكثر تماسكا وحركية»، وجدد دعوته للاتحاد إلى الالتحاق بالجهود الهادفة إلى «رد الاعتبار إلى المهندس المغربي، مضيفا أن النقابة ساهمت بشكل فعال في بعث الحيوية في جميع الهيئات الموجودة، بما فيها الاتحاد الوطني، كما أن قطاع الهندسة بالمغرب أصبح بحاجة إلى مخاطب مستقل يستطيع الدفاع عن مصالح المهندسين بتجرد عن الخلفيات السياسية».