قدمت الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم المدرب الوطني البلجيكي إيريك غريتس، مساء أمس الثلاثاء في ندوة صحافية، عُقدت في قصر المؤتمرات محمد السادس الدولي في الصخيرات، بهدف تسليط الضوء على برنامج الناخب الوطني وعلى الآفاق المستقبلية رفقة المنتخب الوطني، ضمن تصفيات كأس إفريقيا للأمم 2012 في الغابون وغينيا الاستوائية. لكن لمدرب المنتخب الوطني غريتس «حكاية» قديمة في قضية «بيلمانس» تتعلق بفضحية كروية تاريخ في الكرة البلجيكية، عندما كان عميدا ولاعبا في فريق «ستاندار دو لييج»، جعلته يتعرض لعقوبة توقيف لمدة ثلاث سنوات من قِبَل الاتحاد البلجيكي لكرة القدم سنة 1984، دفعته إلى الرحيل عن الدوري البلجيكي، كليا، إلى حين اعتزاله اللعب. وتُعرَف القضية لدى الرأي العام البلجيكي ب»قضية بيلمانس»، نسبة إلى اسم القاضي الذي كشف التلاعب الحاصل في مباراة نهائية عن الدوري البلجيكي، جمعت بين فريقه «ستاندر دو لييج»، المتصدر بفريق «واترشيو»، القابع في المراكز التاسع، يوم 8 ماي 1982، كانت الفاصل لمنح أصدقاء غريتس لقبَ الدوري البلجيكي، حيث كان «ستاندار دو لييج» في حاجة ماسة إلى نقطة وحيدة للظفر باللقب، وسط مخاوف كبيرة من قِبل مدرب الفريق رايموند جوتالس من فقدان لقب الدوري أمام منافسَيْه، فريقا «أندرلخت»، صاحب 46 نقطة، وفريق «لاغونتواز»، الذي كان لديه وقتَها رصيد 45 نقطة في الدوري البلجيكي، لاسيما أن فريق غريتس كان يسعى إلى الحصول على اللقب دون عناء مواجهة برشلونة ضمن نهائي كأس الكؤوس الأوربية في نفس الشهر... هذه معطيات دفعت الكل في فريق «ستاندار دو لييج» إلى البحث عن طريقة سهلة للحصول على لقب الدوري دون عناء، وتفاديا لإصابة اللاعبين قبل مباراة برشلونة الإسباني، خاصة أن فريق «واترشيو» كان من الفرق القوية في ميدانه وكان يحتل المركز التاسع في الدوري. لم تكن الطريق معقدة لأصدقاء غريتس، حسب التقارير الإعلامية، التي تتحدث عن القضية، حيث كان شقيق اللاعب ستوندردمان جيرارد ضمن الفريق الخصم «لواتيرشيو»، بالإضافة إلى علاقة الصداقة التي كانت تجمع العميد إيريك غريتس بعميد فريق «لواتيرشيو» رونالد جونثان، الشيء الذي دفع غريتس إلى مطالبة صديقه، حسب التقارير الإعلامية واعترافات مسؤولي النادي أمام القاضي بيلمانس، بتسهيل المهمة في المباراة، مقابل الحصول على منحة مالية تقدَّر ب420 ألف فرنك بلجيكي، أي حوالي 10 آلاف و400 أورو، وهو ما وقع، حسب الإعلام البلجيكي، بعدما تمكن فريق «ستاندار دو لييج» من تحقيق الفوز بثلاثة أهداف لهدف واحد، ليكسب اللقب الأول مع المدرب رايموند جوتالس، بعد غياب الفريق عن التتويج دام 11 سنة. ولم يتحدث الإعلام البلجيكي عن الموضوع واعتُبرت النتيجة «عادية»، بحكم قوة فريق «ستاندار دو لييج»، لكن دخول القاضي بيلمانس على الخط، انطلاقا من ملاحظاته حول اختلالات مالية في خزينة الفريق وتقديم النادي معلومات خاطئة ضمن التقرير المالي بخصوص مصاريفه في ذلك الموسم، دفع القاضي بيلمانس إلى اكتشاف وجود مبلغ 500 ألف فرنك بلجيكي في خانة الأموال السوداء لمصاريف النادي، جعلته يفتح تحقيقا مع مسؤولي النادي، خصوصا مع الرئيس روجي بوتيت ومدرب الفريق رايموند جولتالس، لتتضح حيثيات الفضيحة بعد اعترافات مسؤولي الفريق أمام القاضي وتتفجر أكبر فضيحة في تاريخ الكرة البلجيكية، يوم 24 فبراير 1983، وبعدها بأربعة أيام، يفتح التحقيق مع غريتس، عميد الفريق ومع بعض اللاعبين... وقد جعلت هذه الوقائع غريتس يتعرض، رفقة مسؤولي النادي، لعقوبة توقيف لثلاث سنوات، من طرف الاتحاد البلجيكي لكرة القدم، يوم 2 أبريل 1984، وتوقيف المدرب ورئيس النادي واللاعبين المتورطين في القضية، ستوندردمان جيرارد، زميل «غريتس في النادي، وشقيقه وعميد فريق «لواتيرشيو». وعقب صدور عقوبة التوقيف من قبل الاتحاد البلجيكي، التي تقلصت إلى عامين، بعدما استأنف غريتس حكم المحكمة، تغيرت مسيرة غريتس الكروية كلاعب، حيث أجبرته هذه الفضيحة الكروية على مغادرة الدوري البلجيكي للانضمام إلى «ميلان» الايطالي في موسم 1983، وإلى فريقي «ماستريخت» و»إيندوهفن» قبل اعتزاله. فضيحة غريتس مع «ستاندار دو لييج» شبيهة بفضيحة «أولمبيك مارسيليا» مع نادي «فالنسيان»، ضمن الدوري الفرنسي مع بيرنارد طابي، التي كانت قد أدت إلى سقوط الفريق الفرنسي إلى لقسم الثاني.