يبدو أن تهكم الشاعر على النوم والنائمين في قصيدة «ناموا ولا تستيقظوا ما فاز إلا النوم» أصبح حقيقة واقعة، فقد نظمت إسبانيا مسابقة قومية للقيلولة تستمر 9 أيام، في أول منافسة رسمية من نوعها، يكون الفائز فيها هو «النائم الأفضل». ويقول منظمو هذا الحدث إن الهدف منه الحفاظ على تقليد أصيل، هو النوم في فترة الظهيرة، من خطر الاندثار. وقال دانيال بلانكو، رئيس «الجمعية الوطنية لأصدقاء القيلولة»: «نمط الحياة الحديثة خطر نشعر بأنه يهدد القيلولة»، التي يطلق عليها في إسبانيا «سيستا siesta». وتقام المسابقة في مركز «إيسلازول» للتسوق، وقد بدأت في 14 أكتوبر الجاري وتستمر حتى ال23 منه. ويتوجب على مئات المشاركين في المسابقة أخذ قيلولة حددها المنظمون في عشرين دقيقة رغم أن «السيستا» الأصلية قد تستغرق ساعة أو أكثر. ويضع طبيب مقياسا للنبض في صدر كل المشاركين لتتأكد من غفوتهم بالفعل وتزداد فرص الفوز بمدة وعمق النوم خلال العشرين دقيقه المحددة، وب«الشخير» كذلك! ويقول مؤيدو «السيستا» إن إيقاع الحياة السريع والمناخ الاقتصادي العام يدفعان بالإسبان نحو المزيد من العمل، مما يؤدي إلى اندثار العادة الأصيلة رغم الحقوق التي يتمتع بها العاملون هناك للتمتع بقيلولة ما بعد الغداء لمدة ساعتين. وسخر أشرف لايدي، كبير الاستراتيجيين ب«أسواق CMC» في لندن، قائلا: «الإسبان يحاولون أن يكونوا أوربيين للغاية والاحتفاظ بجزء، على الأقل، من بعض العادات». وأضاف: «هذا عام 2010.. نحن نتحدث عن إمكانية انهيار اليورو وارتفاع الديون، والناس مازالوا يعملون على حفظ عادة النوم فيما باقي العالم يعمل». ويذكر أن البطالة، التي تصل نسبتها إلى 20 في المائة في إسبانيا، قد لا تتفق، حاليا، مع الدعوة إلى الحفاظ على القيلولة. وقال فيرمين لومينشار، الذي فاز بالجولة الأولى من المسابقة: «القيلولة الإسبانية في خطر لأنه علينا العمل كثيرا لجني المال». ومن المتوقع أن تصل المسابقة ذروتها في ال23 من الشهر الجاري حيث سيتاح التصويت للجميع وعبر الأنترنيت، للمنافسة التي تصل جائزتها إلى 1400 دولار. وتعقد هذه المسابقة الأولى من نوعها في إسبانيا لتحديد أكثر الأشخاص قدرة على النوم في فترة القيلولة، ويتنافس على لقب «البطل الوطني للقيلولة» وجائزة المسابقة البالغة ألف يورو ما يقرب من 360 متنافسا. وفي هذه المنافسة ستعقد 8 جولات في اليوم الواحد كل 20 دقيقة، ومن الممكن أن يشارك الجمهور في اختيار أفضل متسابق. ووفقا لصحيفة «إلموندو الإسبانية» يوضع لكل متسابق جهاز رصد نبضات القلب حتى تتم السيطرة على معدل ضربات القلب وتتولى الإشراف على هذا الجهاز الدكتورة « ليلى تشويكوس»، وهي المسؤولة عن مراقبة «الحلم» ومدى استمراره. بالإضافة إلى ذلك، يوضع لكل متسابق جهاز يقيس درجة «الشخير» الذي يصدر من المتسابق بالديسيبل، كل متسابق يضع قناعا على وجهه وتوضع سدادة في أذنه حتى يستمتع بنومه ولا يشعر بأنه تحت الملاحظة. يذكر أن المناصرين لعادة القيلولة يستندون إلى أبحاث علمية تدل على مدى الفوائد الصحية للقيلولة، فقد أكد باحثون إسبان في دراسة نشرت في مجلة «العلوم النفسية» أن القيلولة لمدة تتراوح بين 10 و40 دقيقة (وليس أكثر) تكسب الجسم راحة كافية، وتخفف من مستوى هرمونات التوتر المرتفعة في الدم نتيجة النشاط البدني والذهني الذي بذله الإنسان في بداية اليوم. كما أن النوم لفترة قصيرة في النهار يريح ذهن الإنسان وعضلاته، ويعيد شحن قدراته على التفكير والتركيز، ويزيد إنتاجيته وحماسه للعمل. وأكد الباحثون أن القيلولة في النهار لمدة لا تتجاوز 40 دقيقة لا تؤثر على فترة النوم في الليل، أما إذا امتدت لأكثر من ذلك، فقد تسبب الأرق وصعوبة النوم. وتقول الدراسة، التي تمت تحت إشراف الباحث الإسباني «د. إيسكالانتي»: «إن القيلولة تعزز الذاكرة والتركيز، وتفسح المجال أمام دورات جديدة من النشاط الدماغي في نمط أكثر ارتياحا». كما شدد الباحثون على عدم الإطالة في القيلولة، لأن الراحة المفرطة قد تؤثر على نمط النوم العادي. وأشار الدكتور «إيسكالانتي» إلى أن الدول الغربية بدأت تدرج القيلولة في أنظمتها اليومية، وأوصى بقيلولة تتراوح بين 10 و40 دقيقة. يذكر أن عادة القيلولة، أو «السيستا» كما يحب الإسبان تسميتها، قد قدمت إلى شبه الجزيرة الإيبيرية عبر المسلمين الذين سكنوا وعاشوا في الأندلس والذين كانوا يقتدون بالسنة النبوية الشريفة في القيلولة، حيث إن الرسول كان يقول: «قيلوا فإن الشياطين لا تقيل».