سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
تقرير صادم للمجلس الأعلى للحسابات يحصي اختلالات مندوبية المياه والغابات تبديد 600 هكتار من غابات الأركان وتوقعات باختفاء أكثر من 30 ألف هكتار من غابة المعمورة
كشف تقرير المجلس الأعلى للحسابات عن معطيات صادمة بخصوص الوضع البيئي والغابوي والمائي في المغرب، إذ إن المغرب يفقد، سنويا، بسبب توحل السدود لوحده ما كان سيُمَكِّنه من سقي مساحة فلاحية تقارب 1500 هكتار.. كما يفقد المغرب 600 هكتار من غابات الأركان، سنويا، فضلا عن توقع اختفاء ما يفوق 30 ألف هكتار من غابة المعمورة، خلال السبعين سنة المقبلة. وفي الوقت الذي يعاني المغرب من الخصاص في المياه، أشار التقرير إلى أن المغرب يفقد من الماء، بسبب توحل السدود، ما يقارب الكمية التي تُمكِّن من سقي مساحة فلاحية تناهز 1500 هكتار.. وأوضح التقرير أن حجم المياه التي تضيع، بسبب «توحل السدود» يبلغ 1.000 مليون متر مكعب. وتقدر الوتيرة السنوية لتوحل السدود ب150 مليون متر مكعب، أي بخسارة محتمَلة تعادل سقي مساحة فلاحية تناهز 1.500 هكتار، علما بأن سيرورة هذا المنحنى مرشحة للتفاقم خلال السنوات المقبلة. إلا أنه، وبالرغم من هذه المؤشرات المنذرة بالخطر، فإن المخطط الوطني لتهيئة الأحواض المائية لم يخرج إلى حيز الوجود إلا ابتداء من سنة 1996. وقد حدد برنامج أدنى لاستصلاح 1.500.000 هكتار على مدى 20 سنة، 22 حوضا مائيا ذات أولوية، تحتاج إلى تدخلات عاجلة». ومن جهة أخرى، أشار التقرير إلى أن المغرب يفقد كميات هائلة من المياه، سنويا، بسبب عدم تهيئة الأحواض المائية قبل بناء السدود، وبإمكان هذه المياه الضائعة أن تسقي أكثر من 10 هكتارات، سنويا. وأوضح التقرير أن جل سدود المملكة لم تشملها تهيئة الأحواض المائية قبل بنائها. وينعكس هذا الأمر، حسب التقرير، بشكل سلبي على المنشآت المائية، إذ إن الخسائر الناتجة عن تقلص طاقات حقينات السدود يقدر ب75 مليون م 3 سنويا، أي ما يعادل الحجم الإجمالي لحقينة سد كبير أو سقي ما بين 10.000 و15.000 هكتار، سنويا. لم تحقق وتيرة تقدم وإنجاز برامج العمل النتائج المتوخاة، حيث إنه إذا كان المخطط قد توقع معالجة 75.000 هكتار سنويا، فإنه لم تتمَّ معالجة سوى مساحة 55.910 هكتارات، سنويا فقط، أي بعجز يفوق 19.090 هكتارا، سنويا. وأشار التقرير إلى أنه «إذا كان المخطط الوطني لتهيئة الأحواض المائية قد توقع تكلفة تقديرية تبلغ 150 مليون درهم لإنجاز الحد الأدنى من برنامج العمل لتهيئة 75.000 هكتار سنويا، لفترة تمتد على مدى 20 سنة، فإن هذا الهدف لم تتحقق منه إلا نسبة 30 %. وبالتالي، فقد نتج عن عدم توفر الموارد المالية، فضلا عن عدم برمجة هذا المخطط من ضمن أولويات المندوبية السامية، تأخرٌ في إنجاز برامج مكافحة التعرية». ومن جهة أخرى، رصد تقرير المجلس الأعلى للحسابات عددا من الاختلالات التي يعرفها قطاع المياه والغابات. كما انتقد التقرير طريقة تسيير وإدارة النُّظُمَ الإيكولوجية من قِبَل المندوبية السامية للمياه والغابات ووصفها بالتقليدية، في الوقت الذي شهدت الطريقة تطورا خلال العقود الأخيرة في جميع أنحاء العالم.... وقدَّر التقرير أن المغرب يخسر، سنويا، أكثر من 31 ألف هكتار من الغطاء الغابوي. ويعود هذا الأمر إلى عدة أسباب، من بينها التعشيب والاستغلال المفرط والمكثَّف للمجال الرعوي والحرائق وأمراض النباتات والطفيليات وغيرها. والأخطر من ذلك، يضيف التقرير، أن المندوبية السامية لا تتوفر على معطيات محيَّنة بهذا الخصوص، حتى تكون أساسا في إعداد وإنجاز برامج في هذا المجال. وأوصى التقرير بوضع نظام معلوماتي موثوق به يُمكِّن المندوبية السامية من التوفر على معلومات معينة حول وضعية تدهور كل نظام إيكولوجي غابوي، بغيةَ تحسين التحكم واستهداف برامج عمل محددة. ويشير التقرير، من جانب آخر، إلى أن نصف الغابات المغربية هي التي تم تهييئها في حين أن النصف الآخر يسير بطريقة غير ناجعة. وأشار التقرير، من جهة أخرى، إلى التدهور الذي تعرفه غابة المعمورة، موضحا أن أكثر من 30 ألف هكتار مهدَّدة بالاختفاء خلال السبعين السنة المقبلة. وقال التقرير إن غابة المعمورة عرفت تقلصا في الكثافة تفاقَم خلال السنين الأخيرة بفعل غياب التخليف الطبيعي. وتبلغ الخسائر السنوية الناتجة عن تقلص الكثافة 853 هكتارا. وأمام هذه الوضعية، وفي حالة عدم اتخاذ التدابير الاستعجالية اللازمة لإعادة تأهيل غابة المعمورة، من أجل تغيير هذا المنحى، فإن 38.035 هكتارا مهددة بالاختفاء، كليا، خلال 76 سنة. أما في ما يخص غابات الأركان، فأشار التقرير إلى أن المغرب يفقد، في المتوسط، أكثر من 600 هكتار من هذه الغابات، سنويا، بسبب تدهور النُّظُم البيئية الغابوية الناتجة أساسا عن عدم ملاءمة القانون الأساسي المنظِّم لغابات الأركان لوضعية التدهور الحالي لهذا النظام البيئي الغابوي، والتطور المفرط للزراعات الذي له نتائج وخيمة على تنمية غابات الأركان، وضعف التخليف الطبيعي للغابات.