ستعود غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف بفاس، يوم 24 أكتوبر المقبل، للنظر، في جلسات علنية، في ملف اغتصاب تقول الفتاة هناء التسولي إنها تعرضت له في مخفر ولاية الأمن بالمدينة، بعد اعتقالها إثر شكاية اتهمها فيها مشغلها بخيانة الأمانة وبرأتها منها كل من المحكمة الابتدائية ومحكمة الاستئناف. قضية الفتاة، التي قضت في سجن عين قادوس ما يقرب من سنة وخمسة أيام قبل أن تنطق المحكمة ببراءتها من التهم الموجهة إليها من قبل مشغل يترأس حاليا إحدى الجماعات القروية بضواحي تاونات، لاتزال تشهد متابعة إعلامية كبيرة بسبب حساسية ملف التهم التي توجهها لأربعة موظفين بولاية أمن فاس، تشير من خلالها إلى أنهم قاموا باغتصابها عن طريق ممارسة الجنس عليها بالإكراه، وهي رهن الاعتقال. وتطالب هذه الفتاة بعرض المتهمين على المحكمة، وتقول إنها لا تزال تتذكر ملامحهم، وكل ما تطالب به هو أن يتم عرض صور جل العاملين في أمن فاس في تلك الفترة التي تعرضت فيها للاعتداء، للتعرف عليهم. وفي الوقت الذي يميل فيه عدد من الفتيات إلى التزام الصمت أمام هذه الاعتداءات خوفا من «الفضيحة» أو «العار»، فإن هذه الفتاة أصرت منذ وضعها في السجن على عرض القضية على الرأي العام، وطالبت في شكاياتها بالاستماع إليها من قبل عناصر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية. وأكدت جل الخبرات الطبية التي أجريت لها حقيقة تعرضها لاعتداء جنسي. وألحقت هذه الخبرات بملفها القضائي الذي ابتدأ منذ 29 شتنبر 2006، ولا زال مفتوحا لحد الآن، وذلك بعدما قرر مشغلها الطعن في قرار تبرئتها أمام المجلس الأعلى، فيما قررت هي رفع دعوى قضائية ضد من تتهمهم باغتصابها في مخفر الشرطة، «استجابة» لطلبات مشغلها الذي تقول إنه حرك تهمة السرقة ضدها بعدما رفضت الرضوخ لإغراءاته. وتبنت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان ملف هذه الفتاة. والتحقت بعد مغادرتها السجن بهذه الجمعية، وتحولت إلى إحدى نشيطاتها ممن تحدين الصمت وكسرن جدار الطابو لمواجهة ظاهرة الاغتصاب، وعدن إلى الحياة للكفاح من أجل الاندماج من جديد. وكانت ولاية أمن فاس قد اضطرت إلى إصدار بلاغ في حينه لتكذيب الاتهامات التي وجهتها هذه الفتاة إلى بعض عناصرها، معتبرة أن هذه الاتهامات ترمي إلى التأثير على السير العادي لقضيتها أمام القضاء، لكن المسؤولين المحليين فضلوا بعد ذلك التزام الصمت بعدما توصلوا بخبرات طبية تفيد بوقوع حالة الاغتصاب، ولا زال الكل ينتظر ما سيؤول إليه الملف أمام القضاء في الجلسات المقبلة بعدما طاله التأجيل لأكثر من مرة بسبب ما يطرحه إجراء عرض المتهمين على القضاء من تعقيدات. وتعود وقائع اعتقال هذه الفتاة، التي تبلغ من العمر حوالي 30 سنة، بعدما اتهمها مشغلها، وهو تاجر يتنقل بين المغرب وفرنسا، بسرقة حلي ومجوهرات بقيمة 30 مليون سنتيم. وعاشت هذه الفتاة، قبل أن تتعرض للاغتصاب، طفولة صعبة. فقد تخلى عنها أبوها وهي في بطن أمها وتوفيت أمها وتركتها رفقة أختها الوحيدة. وبالرغم من ذلك، تمكنت من متابعة دراستها، وقررت أن تلج مدرسة خاصة حيث حصلت على شهادة تكوين في تخصص الحسابات، واشتغلت في القطاع الخاص. وتعرفت على شاب كان منشغلا بالهجرة نحو فرنسا بحثا عن آفاق رحبة، واقترحها هذا الشاب على مشغلها الذي كان يعمل في بيع المتلاشيات وعملت مسؤولة عن تدبير محله. وتحولت فرصة الشغل هاته إلى محنة حقيقية لا زالت الفتاة تعاني منها. وفي قضية أخرى، اضطرت الإدارة العامة للأمن الوطني إلى إصدار بلاغ في شأن وفاة مسن يحمل اسم محمد بناني تعرض لوعكة صحية داخل مخفر ولاية أمن فاس بعدما اعتقل بسبب إصداره لشيك بدون رصيد يعود إلى سنة 2001. وأشارت إدارة الأمن إلى أن هذا المسن جرى اعتقاله بعدما تقدم إلى إحدى مقرات الأمن بوسط المدينة من أجل الحصول على شهادة إدارية بعدما تم تنقيطه وتبين بأنه كان ضمن قائمة المبحوث عنهم، دون أن تلاحظ عليه أي آثار لأزمة صحية. وأدخل إلى الزنزانة في انتظار عرضه في اليوم الموالي، وبعد استكمال الإجراءات المرتبطة بالتحقيق، على أنظار النيابة العامة، لكن وعكة صحية ألمت به استدعت نقله على عجل إلى قسم المستعجلات قبل أن يفارق الحياة. وانتقل قضاة محكمة الاستئناف على عجل إلى مخفر ولاية أمن فاس، لمعاينة ملابسات الحادث، وتم الاستماع إلى معتقلين كانا يجاورانه في المخفر. ودونت محاضر استماع لهما نفيا فيها أن يكونا قد عاينا تعرض هذا المسن المعتقل، الذي كان ضمن قائمة تجار المدينة سابقا قبل أن يتعرض للإفلاس، لأي اعتداء، سواء من قبل موظفي الحراسة أو من قبل المعتقلين. واضطرت عائلة أخرى تحمل نفس الاسم إلى إرسال بيانات توضيحية إلى بعض الجرائد التي تناولت الحادث وأدرجت الاسم الكامل للمسن في مقالاتها، لتؤكد فيه وجود اسم تاجر آخر يحمل نفس الاسم لا علاقة له بالملف، معتبرة بأن نشر الاسم بكامله أساء لها ولسمعتها ولتجارتها لأن عددا من معارفها وزبنائها اعتقدوا أن حكاية الاعتقال بتهمة إصدار الشيك بدون رصيد تتعلق برب هذه الأسرة التي لها مشاريع أخرى بشمال المغرب. أما الشاب رضوان فإنه لم يكن يعتقد أن إجراء تنازل وصلح مع أحد المشتكين الذي اتهمه في وقت سابق بالاعتداء عليه كاد أن يكلفه ندوبا يصعب أن تندمل على مستوى الوجه، وهو في مخفر ولاية الأمن. الشاب الذي ينحدر من أحد الأحياء الشعبية والذي جرب محنة الاعتقال لأكثر من مرة أطولها بلغت حوالي 10 سنوات في قضية قتل لها علاقة بجرائم الشرف، اعتقل بعدما عمد إلى التبليغ عن سيارته المسروقة في الضواحي من قبل مجهولين، وذلك بعدما تم تنقيطه، وذلك بناء على شكاية سابقة اتهم فيها بالاعتداء على أحد شبان الحي ولأن مسألة إطلاق سراحه مرتبطة بالحصول على تنازل من المشتكي الذي وجد نفسه بدوره من المبحوث عنهم، فإنه بذل مجهودات كبيرة من أجل إقناع خصمه للقيام بالمتعين لإخلاء سبيله. وبينما كان الطرفان، داخل مخفر الشرطة، يحاولان التوصل إلى حل مرضي بينهما، فاجأه الخصم بضربة بواسطة «زيزوار» على مستوى الوجه. وكادت الإصابة أن تسبب له جروحا بليغة، لولا أنه أبعد وجهه بسرعة، ولم تنل الضربة منه إلا بشكل خفيف. وبالرغم من هذه الضربة، فإن الطرفان أتما بعد ذلك إجراءات الصلح والتي بموجبها تم إخلاء سبيل الشاب رضوان، فيما تم الاحتفاظ بخصمه رهن الاعتقال في انتظار تسوية ملفاته عن طريق التنازل أو البت في ملفه بشكل نهائي من قبل القضاء.