تعتزم الحكومة الفرنسية بلورة مخطط لثني مراكز الاتصال عن نقل نشاطها إلى الخارج. مخطط يمكن أن ينعكس سلبا على القطاع في المغرب، الذي يعتبر أحد أكبر وجهات مراكز الاتصال الفرنسية الباحثة عن خفض تكاليفها، مما يساهم في توفير الآلاف من مناصب الشغل. وينكب كاتب الدولة الفرنسي في الشغل، لوران فوكييز، على دراسة مخطط عمل ضد ترحيل مراكز الاتصال، من أجل تشجيع المقاولات على البقاء في التراب الفرنسي، فمن بين الحلول التي تشتغل عليها الحكومة، فرض ضريبة إضافية على المكالمات القادمة من مواقع موجودة في الخارج، غير أن ثمة رأيا يذهب إلى أن اللجنة الأوروبية يمكن أن تعارض هذا الإجراء ذا الطبيعة الجبائية، لكن من أجل تشجيع مراكز الاتصال على البقاء في فرنسا، يمكن أن تعمد الحكومة الفرنسية إلى تبني مجموعة من التحفيزات التي تتضمن مساعدة عند التوظيف والتكوين ونقل النشاط إلى العالم القروي. لا تتوفر إحصائيات دقيقة يمكن أن تتيح قياس حجم مراكز النداء الفرنسية في المغرب، غير أنه يمكن التمييز بين ثلاثة أصناف من المراكز المرتبطة بالسوق الفرنسي، فهناك الفروع الفرنسية وثمة المقاولات الصغرى والمتوسطة المستقلة التي تعتمد على الرأسمال المغربي وهناك مقاولات بمساهمة فرنسية، وتقدر جمعية مراكز الاتصال والخدمات المعلوماتية بالمغرب، حجم المراكز المملوكة كلية للشركات الأم بفرنسا ب70 في المائة، علما بأن عدد مراكز الاتصال في المغرب وصل إلى 220. وتمكنت مراكز الاتصال في المغرب، التي توفر 30 ألف منصب شغل، في فترة وجيرة من ترسيخ مكانتها في النسيج الاقتصادي، حيث وصل رقم معاملاتها إلى 6 ملايير درهم، علما أن هذا الرقم يعرف نموا يتراوح بين 10 و30 في المائة، ويتطلع المهنيون في القطاع إلى أن يرتفع رقم المعاملات إلى 10 ملايير درهم في أفق 2015، وهو ما يعني أن ذلك الرقم سوف يصبح صعبا الوصول إليه إذا ما حاولت فرنسا تبني إجراءات تسعى من ورائها إلى الحد من ترحيل نشاط مراكز الاتصال نحو المغرب، خاصة أن ذلك سوف يؤثر على وتيرة إنجاز الاستثمارات في القطاع. ويتجلى وزن مراكز الاتصال الفرنسية في المغرب في عدد مناصب الشغل التي يوفرها ترحيل خدمات مراكز الاتصال من فرنسا، حيث يعتبر المغرب من بين الوجهات المفضلة، مما يعني أن أي إجراء يكبح سعي المقاولات إلى نقل خدمات مراكز الاتصال، بدعوى الوطنية الاقتصادية، ينعكس على التشغيل في القطاع بالمغرب، علما أن المقاولات الفرنسية عندما ترحل نشاطها تقدم على ذلك من أجل خفض تكاليفها، على اعتبار أن الأجور التي توزعها في المغرب تتراوح بين 400 و450 أورو، فيما يصل الحد الأدنى في فرنسا إلى 1320 أورو. محمد الوعدودي، رئيس جمعية مراكز الاتصال والخدمات المعلوماتية في المغرب، يعتبر أن السلطات العمومية الفرنسية تبحث عن بعث دينامية جديدة في التشغيل في قطاع مراكز الاتصال في بلدها، غير أنه يشير إلى أن مراكز الاتصال عندما تختار المغرب، فمن أجل ضمان استمراريتها، وهو يعتبر أن الدفع ب«الوطنية الاقتصادية» سلاح ذو حدين، على اعتبار أن ذلك الشعار سوف يفتح شهية منتهزي الفرص كي يستفيدوا من الدعم، ويعمدوا بعد ذلك إلى إغلاق تلك المراكز، مشددا على أنه لا يمكن اتخاذ أي إجراء ضد مصلحة القطاع في ظل مناخ العولمة الحالي، خاصة أن مراكز الاتصال الفرنسية تربح في بعض الأحيان 60 في المائة من هوامشها عبر التواجد في المغرب.