أغلق أعضاء «لجنة متابعة ملف خروقات السلطات الاستعمارية الإسبانية بباب مليلية» بصحبة مواطنين ناظوريين طيلة يوم البارحة معبر «بني انصار» المؤدي إلى مليلية المحتلة احتجاجا على اعتقال البرلماني المغربي يحيى يحيى. وتستعد اللجنة للرفع من وتيرة احتجاجها حيث تفكر إلى جانب الإغلاق النهائي للحدود الوهمية طيلة اليوم مع مليلية، في الضغط على السلطات من أجل توقيف مد المدينةالمحتلة بالماء الصالح للشرب، ومنع نقل المواد الغذائية إليها من الناظور بهدف الدفع بالسلطات الاسبانية إلى إيفاد لجنة مركزية من مدريد للتحقيق في خروقات حقوق الإنسان التي تنتهك صباح مساء من طرف السلطات الأمنية الاسبانية في حق المواطنين المغاربة الوالجين إلى مدينتهم السليبة، والإطلاق الفوري لسراح المستشار البرلماني المغربي «يحيى يحيى». أصدرت «حركة لكل الديمقراطيين» بيانا شديد اللهجة عبر عن إدانتها المطلقة «لهذا السلوك الاستعماري الذي مس مشاعر جميع المغاربة وضرب عرض الحائط مبادئ حقوق الإنسان وحرية الرأي»، كما طالبت ب«بإطلاق السراح الفوري للمناضل يحيى يحيى حفاظا على علاقات حسن الجوار واحتراما لمبادئ الميثاق العالمي لحقوق الإنسان»، وتعليقا على هذا البيان قال أحد أعضاء اللجنة المحتجة: «إذا كان الهمة جادا في ما عبر عنه في بيانه فلماذا لا يتدخل من أجل منع وصول مواد البناء إلى داخل المدينةالمحتلة من الناظور، ولماذا تمد السلطات المغربية مليلية بالماء الصالح للشرب مجانا، وهل يجوز أن نصف الإسبان بالمستعمرين للمدينة ونحن نمدهم بالخضراوات وجميع احتياجاتهم في المواد الغذائية الطرية..؟». هذا وألقت حادثة الاعتقال حجرا آخر في مياه العلاقات المغربية-الإسبانية الراكدة. وأكد المحامي عبد القادر ميمون المختار، عن دفاع يحيى يحيى في مدينة مليلية في اتصال به من طرف «المساء»، أنه سيطرح على البرلماني المغربي اقتراحات أخرى «من أجل دفعه إلى التوقف عن إضرابه عن الطعام، الذي قد يؤدي به إلى مضاعفات صحية خطيرة». وأشار المحامي ل«المساء»، دقائق قبل دخوله السجن المحلي لمليلية لزيارة يحيى يحيى، إلى أن ملف موكله هو ذو طابع قضائي، في حين لم يستبعد أن يؤدي ذلك إلى نشوب أزمة سياسية بين المغرب وإسبانيا، حيث «تبقى كل الاحتمالات واردة»، يقول عبد القادر ميمون. ووفق وكالة الأنباء الإسبانية أوربا بريس، فإن إغلاق الحدود جاء بسبب تنظيم التظاهرة المطالبة بالإفراج عن يحيى يحيى. وأضافت الوكالة أن المتظاهرين رفعوا لافتات تطالب «بوقف الممارسات العنصرية الإسبانية» وصورا للزعيم عبد الكريم الخطابي. من جهتها، وجهت وزارة الشؤون الخارجية والتعاون، يوم أول أمس، بلاغا إلى نظيرتها الإسبانية، تطالبها فيه «بتوضيحات حول اعتقال يحيى يحيى»، وأضاف بلاغ الخارجية المغربية أن «الحكومة، وعن طريق الدبلوماسية، عبرت للسلطات الإسبانية عن انشغالها القوي، وطالبتها بالتوضيحات الضرورية بشأن هذا الموضوع»، معتبرة أن «الأمر يتعلق بعمل أحادي الجانب»، مما يثير معه «تساؤلات مشروعة في المغرب واستغرابا قويا بالنظر إلى الوضع البرلماني للمعني بالأمر». واعتبر المراقبون الإسبان أن بلاغ الخارجية المغربية، الذي يعتبر الأول من نوعه بعد البلاغ الذي نددت فيه الخارجية بزيارة خوان كارلوس لسبتة ومليلية، سيعكر حتما صفو العلاقات الثنائية بين البلدين، التي يحاول رئيس الحكومة الإسبانية خوسي لويس رودريغيث ثاباتيرو تمتينها مع المغرب، حيث أشارت يومية «أ.ب.س» الإسبانية في عددها ليوم أمس إلى أن «ثاباتيرو قد يزور المغرب في الأسبوع الأول أو الثاني من هذا الشهر»، وهي الزيارة التي قد يتم إلغاؤها للمرة الرابعة بسبب تداعيات اعتقال البرلماني المغربي. أصل الحكاية تعود أطوار ملف يحيى يحيي إلى سنتين وبالضبط في ليلة ال9 من أكتوبر 2006، حيث توجه ستة عناصر، حسب قول البرلماني المغربي المعتقل حاليا، إلى منزله للاطلاع على ما يجري داخل شقته بعد تلقيهم مكالمة هاتفية من طرف جيرانه بخصوص «الإزعاج الناجم عن صراخ ومشادة كلامية عنيفة وبصوت جد مرتفع مع زوجته الإسبانية»، فيما يقول يحيى يحيى إن «الأمر كان مقصودا من طرف الأمن الإسباني ولم يكن هناك أي إزعاج أو صراخ». وأوضح يحيى حينها في ندوة صحفية عقدت بمدريد بعد إطلاق سراحه، أنه «يعتزم متابعة الشرطة الوطنية الإسبانية بتهمة الاعتداء عليه وتعريضه للتعذيب» خلال فترة اعتقاله، مشيرا إلى أنه «تعرض للاعتداء داخل شقته بمليلية أمام زوجته وابنته ذات الأربع سنوات على يد ستة أفراد تابعين للشرطة الوطنية، مضيفا أنه «تعرض للإهانة والتعذيب في المستشفى، حيث قاموا بعزله انفراديا لمدة أربعة أيام».