بدت صفرو صباح يوم الأربعاء الماضي هادئة. وحدها الإجراءات الأمنية المتاريس العديدة في مدخلها من جهة فاس وبعض اللافتات المعلقة هنا وهناك توحي بأنها تعيش على إيقاع الترتيب لحدث ما. والحدث هو تنظيم مهرجان حب الملوك الذي ينتهي بتتويج ملكة الجمال ومعها وصيفتان. قامت لجنة اختيار ملكة جمال صفرو، مساء يوم الأربعاء الماضي، بالحسم في لائحة الترشيحات ال10 التي توصلت بها جمعية حب الملوك، منذ الإعلان عن فتح الترشيحات على الصعيد الوطني، وذلك باختيار حنان المازني ملكة جمال هذه السنة. وكان متوقعا أن تنظم الجمعية، التي أسست سنة 2005، حفل تتويج المازني مساء اليوم الجمعة. وفي الوقت الذي تشير فيه بعض المصادر إلى أن عدد الترشيحات لنيل صفة ملكة الجمال في هذا المهرجان تراجع هذه السنة مقارنة بالسنوات الماضية التي ترواحت فيها أعداد المرشحات ما بين 15 و20 مرشحة، قال عبد الغفور حناج، رئيس الجمعية وعضو لجنة اختيار ملكة الجمال، إن عدد الترشيحات كاف. وإلى جانب ملكة الجمال، تشرف اللجنة على اختيار وصيفتين. وينتهي حفل التتويج عادة بتسليم ملكة الجمال مبلغا ماليا بقيمة 5 آلاف درهم، في حين يوزع نفس المبلغ مناصفة على الوصيفتين. لجنة تثير «تحفظات» وتتكون لجنة التحكيم، طبقا لوثائق الجمعية، من باشا المدينة ورئيس المجلس البلدي ورئيس الجمعية، إضافة إلى أسماء أخرى لم تتم الإشارة إلى صفاتها باستثناء مندوب السياحة وكاتب عام الجمعية ومراسل صحفي. ويبلغ عدد أعضائها في هذه الوثائق 12 عضوا. هذا في الوقت الذي سبق فيه لرئيس الجمعية أن أشار، خلال ندوة صحفية عقدت بداية هذا الأسبوع إلى أن اللجنة تتكون من 11 عضوا عوض 12. أما الأعضاء فلم يحضروا كلهم خلال الاجتماع المخصص للحسم في الترشيحات، وبعضهم لم يعلم بوجود اسمه ضمن أعضاء هذه اللجنة. ولم تتضمن اللجنة أي أسماء لها خبرة في المجال. وعن المعايير المعتمدة لاختيار الفائزة، قال رئيس المجلس البلدي لصفرو إن التركيز يتم على مسألة الجمال، لكن مع استحضار المستوى التعليمي. وعن الغرض من تنظيم هذا المهرجان، يقول حناج، إن الهدف الأساسي هو التعريف بالمنطقة والمساهمة في جلب السياحة الوطنية إليها. ويورد حناج أن الجمعية ترمي من وراء تنظيم هذا المهرجان الذي كان في السابق عبارة عن موسم فقط، إلى استرجاع أمجاد مدينة صفرو التي كانت تعرف، إبان المرحلة الاستعمارية، بجنة المغرب. ويعد مهرجان حب الملوك من أقدم المهرجانات بالمغرب. ويرجع تاريخه إلى سنة 1919. وكانت السلطات الاستعمارية الفرنسية هي التي أقرته في البداية بتعاون مع معمرين كانوا يمتهنون الفلاحة بنواحي المدينة. وفي تلك الفترة، يحكي رئيس الجمعية، كان المنظمون يحرصون على أن تمثل الديانات الثلاث في المغرب، الإسلام والمسيحية واليهودية، في اختيار المرشحات للتتويج النهائي. فإذا كانت ملكة الجمال تعتنق الديانة اليهودية، فإنه من اللازم أن تكون إحدى الوصيفتين مسلمة والأخرى مسيحية. أقدم مهرجان بإشعاع محدود وقبل تأسيس جمعية حب الملوك، والتي عهد إليها بالإشراف على تنظيم هذا المهرجان، منذ سنة 2005، كان المجلس البلدي هو الذي يتولى هذه المهمة. وتقول بعض المصادر إن انتقادات وجهت إلى المجلس البلدي من قبل فعاليات بالمنطقة هي التي حدت بالمسؤولين إلى الدفع بتأسيس هذه الجمعية التي عمدت إلى تغيير اسم المهرجان من «مهرجان حب الملوك» إلى «مهرجان بنت بلادي». وتذهب المصادر إلى أن الانتقادات تفيد بأن المهرجان عادة ما يتم تحويله إلى محطة للدعاية الانتخابية قبل الأوان للقائمين على الشأن المحلي. وهي ذاتها الانتقادات التي لاتزال توجه إلى الجمعية التي يسيطر عليها أعضاء بالمجلس البلدي للمدينة ويترأسها الخليفة الثاني لرئيس هذا المجلس. وبسبب هذه المعطيات، قام برلماني من حزب الاستقلال في السنة الماضية بالدعوة إلى مقاطعة المهرجان. كما قام أعضاء من حزب العدالة والتنمية بشن انتقادات حول طرق تنظيمه واستغلاله لأغراض انتخابية. وبالرغم من أن المهرجان يعد أقدم مهرجان في المغرب، فإنه لم يستطع أن يحقق ذات الإشعاع الذي حققته مهرجانات أسست في السنين الأخيرة بكل من الرباطوالدارالبيضاءوفاس وطنجة. ويقول رئيس الجمعية، في شرحه لهذا الوضع، إن الإمكانيات المادية الضعيفة هي التي تحول دون هذا النجاح، فقد كانت الميزانية التي ترصد له من قبل المجلس البلدي لا تتجاوز في بعض الأحيان 10 ملايين سنتيم. ولم تتجاوز الميزانية المرصودة له هذه السنة من قبل المؤسسة ذاتها مبلغ 35 مليون سنتيم، وهو مبلغ يصفه المصدر نفسه بغير الكافي. هذا فيما يذهب رئيس المجلس البلدي، حفيظ وشاك، إلى أن سبب ضعف إشعاع مهرجان صفرو هو عدم وقوف شخصيات نافذة وراءه، عكس المهرجانات الأخرى التي يقف وراء بعضها القباج، والي الدارالبيضاء والمستشار السابق للملك ووراء بعضها الآخر أزولاي، مستشار الملك. ويضيف هذا المسؤول المحلي أن المجلس البلدي سبق له أن وجه عدة رسائل إلى وزارة السياحة لدعم هذا المشروع، لكن دون أن يتلقى أي رد، سواء بالإيجاب أو بالسلب. منتقدون وفي رده على انتقادات سابقة وجهت من قبل الإسلاميين لاختيار ملكة الجمال في المهرجان، ذكر رئيس الجمعية عبد الغفور حناج، أن الأمر يتعلق بمن وصفهم بالمتزمتين داخل الحركة الإسلامية. وذهب إلى أن بعضهم، ممن سماهم بالمتحضرين، يتفقون مع الحملات الدعائية الرامية إلى النهوض بالمدينة وخلق فرص شغل. لكن نور الدين المزابي، مستشار جماعي من حزب العدالة والتنمية، رد على هذه الاتهامات بالتأكيد على أن المهرجان، في حد ذاته، أمر لا يمكن معارضته، لكن الحزب الذي ينتمي إليه يعارض بعض «العادات» التي تعتمد في المهرجان من قبيل طريقة اختيار ملكة الجمال وطرق عرض الأزياء. وقال: «إننا بالقدر الذي نرفض فيه الانغلاق حد التزمت، فإننا نرفض الانفتاح الذي يصل إلى التمييع». وبسبب هذه الانتقادات، لم يتم إشراك أعضاء العدالة والتنمية في تأسيس جمعية حب الملوك. وقالت مصادر من الجمعية إنه لا يمكن إشراك أطراف ترفض المهرجان من حيث المبدأ، فيما ذهب عضو من العدالة والتنمية إلى أن الجمع العام التأسيسي لهذا الإطار تم عقده في ظروف غامضة إلى حد الآن. وزكى كمال المريني، من الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، هذا المعطى، مشيرا إلى أن الجمعية أسسها أعضاء نافذون بالمجلس البلدي بعد انتقادات وجهت إليهم حول التحكم في المهرجان واستغلاله لأهداف انتخابية. وفي هذا السياق قال كمال المريني، عن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بصفرو، إن المهرجان الذي تنظمه جمعية حب الملوك يمكن أعضاء نافذين بالمجلس البلدي للمدينة من الدعاية الانتخابية قبل الأوان. وذكر أن رئيس الجمعية هو نفسه الخليفة الثاني لرئيس المجلس البلدي. وانتقد المريني ظروف عقد الجمع العام التأسيسي للجمعية، واصفا إياه بالجمع العام المهرب، مضيفا أن فعاليات المجتمع المدني بالمنطقة لم تخبر بموضوع تأسيس هذه الجمعية، في الوقت الذي أخبرت فيه جمعيات وصفها بالصورية. وذكر أن المجلس البلدي عمد إلى إنشاء هذه الجمعية لتنظيم المهرجان تفاديا لملاحظات سبق للمجلس الجهوي للحسابات أن سجلها حول الموضوع. وفي السياق ذاته، أورد المريني أن الأرض التي نظم عيها المعرض المواكب للمهرجان غير تابعة للبلدية، ومع ذلك فقد عمدت هذه الأخيرة إلى كرائها في ظروف غامضة لأطراف في القطاع الخاص. وانتقد المريني الترخيص إلى كراء ممرات خاصة بالراجلين في الفضاء ذاته، وعرقلة حركة السير، متهما المجلس البلدي بالوقوف وراء هذه العملية. وذهب إلى أن غرض الترويج للمنطقة لم يحضر في هذا المعرض نظرا إلى كون أغلب السلع المعروضة قادمة من مدن أخرى، هذا في وقت يحتاج فيه اقتصاد المنطقة بمختلف مكوناته إلى الدعم والتشجيع. وفي المقابل، قال نوفل المرس، عضو جمعية حب الملوك، إن المهرجان بدأ يعرف نوعا خاصا من التقدم والتجديد في الآونة الأخيرة. و»لعل ما يميز هذه السنة هو مشاركة المجتمع المدني في التحضير لهذا المهرجان في جميع الجوانب». وسجل المرس أن جزءاً كبيرا من الانتقادات التي توجه إلى الجمعية خاطئ، مرجعا سبب ذلك إلى عدم معرفة هؤلاء المتتبعين بحدود تدخل الجمعية والإطار الذي تشتغل فيه، مضيفا أنه لا يمكن أن نحكم على مولود في سنته الثانية بأشياء لا يستطيع أن يقوم بها.