الجزائر وتآمرها لتقسيم الصحراء عام 2002.. مؤامرة قديمة من نظام انكشف أمام العالم    أنتيغوا وباربودا تنوه بالمبادرات الملكية بشأن منطقة الساحل والمحيط الأطلسي من أجل إفريقيا مزدهرة ومستقرة    مراكش .. انعقاد الاجتماع ال 22 للمجموعة المشتركة الدائمة المغربية-الإسبانية حول الهجرة    اعتقال سيدة اعتدت بالسلاح الابيض على تلميذة بطنجة    ميراوي: ملف التسوية بالنسبة لطلبة الطب لازال مفتوحا    الأمين العام الأممي يذكر بغياب تحسن في العلاقات بين الرباط والجزائر    باريس سان جيرمان يقترب من حسم تجديد عقد عميد الأسود أشرف حكيمي    إدارية طنجة تقضي بعزل رئيس مقاطعة طنجة المدينة وتجريده من مهامه    الملفات الاقتصادية تتصدر أولويات زيارة الرئيس الفرنسي ماكرون إلى المغرب        الأرصاد الجوية تتوقع تقلب أحوال الطقس    تطورات الحالة الصحية لمحمد الشوبي    المغرب يهزم غانا في "كان الشاطئية"    في أول خروج علني له.. الصحافي عبود يؤكد اختطافه من قبل المخابرات الجزائرية    جمهور الجيش الملكي ممنوع من حضور الكلاسيكو أمام الرجاء    اختفاء دواء نقص هرمون النمو عند الأطفال والأسر تتحمل تكلفة 30000 درهم في كل ثلاثة أشهر    عرض ما قبل الأول لفيلم "وشم الريح" للمخرجة ليلى التريكي    لقجع وحكيمي يتدخلان لإنقاذ حياة اللاعب سمير ويدار    جهة الداخلة وادي الذهب تكسب رهان تنظيم المسابقة الوطنية والدولية للصيد السياحي الرياضي    منظمة الصحة العالمية ستجلي ألف امرأة وطفل مرضى ومصابين من غزة "خلال الأشهر المقبلة"    نقابيو "سامير" يعتصمون للمطالبة باسترجاع حقوق العمال وإنقاذ الشركة من التلاشي    مشاركة متميزة للمغرب في معرض الأغذية الدولي بباريس    عن تخوف المستهلك المغربي من استيراد اللحوم المجمدة.. الكاتب الجهوي لتجار اللحوم يوضح ل" رسالة 24 "    وسائل إعلام تركية: وفاة الداعية التركي فتح الله غولن بأمريكا    كيف يمكن تفادي الموت المفاجئ لدى المراهقين خلال النشاطات الرياضية؟"…أخصائي القلب يجيب "رسالة24"    هذه هي المكملات الغذائية التي لا يجب تناولها معاً    ارتفاع التضخم يقلص مدة الرحلات السياحية للأمريكيين    حوار مع مخرج "مذكرات" المشارك في المهرجان الوطني للفيلم    لكبح ارتفاع أسعار اللحوم.. إعفاءات ضريبية لاستيراد قرابة مليون رأس من الماشية    تعليق عمل 11 أستاذا مغاربيا في مدرسة بكندا بتهمة خلق بيئة "سامة" للطلاب    من هم اللاعبون المغاربة أكثر دخلا في إسبانيا … ؟    تخصيص حوالي 200 مليون سنتيم لإصلاح طرقات مدينة مرتيل    كيوسك الإثنين | أغلفة مالية إضافية للتعليم والصحة والاستثمار العمومي    وفاة رجل الدين التركي كولن المتهم بتدبير محاولة انقلاب في 2016        حارث يواصل تألقه رفقة مارسليا بتسجيل هدف أمام مونبوليي    "أنوار التراث الصوفي بين الفكر والذكر" شعار مهرجان سلا للسماع والتراث الصوفي    ملاحقة قناص بلجيكي ضمن وحدة النخبة الإسرائيلية    "حماس" تدعو المجتمع الدولي لفرض عقوبات على إسرائيل    أزمة حقيقية تهدّد جيش إسرائيل    انتشار مرض الكيس المائي الطفيلي بإقليم زاكورة..    البنك الدّولي يتوقع انخفاظ نسبة النموٌّ في المغرب إلى 2.9% في عام 2024    دوليبران.. لم تعد فرنسية وأصبحت في ملكية عملاق أمريكي    الاتحاد الأوروبي يقسم ناخبي مولدافيا    ارتفاع تكلفة الحرب الإسرائيلية على غزة ولبنان إلى أرقام قياسية    كشف مجاني لمرضى بالقصر الكبير    "فندق السلام" يلقي الرعب في قلوب متتبعي المهرجان الوطني للفيلم بطنجة    المغرب يحتفي بحفظة الحديث النبوي            الفلسطينيون يعانون لقطاف الزيتون بين الحرب في غزة والاعتداءات في الضفة    طنجة .. لقاء أدبي يحتفي برواية "الكتاب يخونون أيضا" لعبد الواحد استيتو وخلود الراشدي    تدهور الحالة الصحية للممثل محمد الشوبي ونقله إلى المستشفى العسكري    أسماء بنات من القران    نداء للمحسنين للمساهمة في استكمال بناء مسجد ثاغزوت جماعة إحدادن    الملك محمد السادس: المغرب ينتقل من رد الفعل إلى أخذ المبادرة والتحلي بالحزم والاستباقية في ملف الصحراء    أربعاء أيت أحمد : جمعية بناء ورعاية مسجد أسدرم تدعو إلى المساهمة في إعادة بناء مسجد دوار أسدرم    الزاوية الكركرية تواصل مبادراتها الإنسانية تجاه سكان غزة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



معاناة المعلمين مع ظروف العمل في الفرعيات
نشر في المساء يوم 22 - 06 - 2010

أشار تقرير المجلس الأعلى للتعليم، في الجزء الذي يحمل اسم «مهنة التدريس –ص. 44»، إلى الظروف الصعبة التي يعيشها المدرسون، حيث أشار إلى ظروف اكتظاظ الأقسام والأقسام المتعددة وقلة الموارد البيداغوجية وهشاشة البنية التحتية، وخاصة في العالم القروي، وعلق التقرير بكون هذه الظروف تؤثر على جودة الأداء البيداغوجي. وعندما انتقل التقرير إلى استطلاع آراء المدرسين، الذي تم نشره في نفس الجزء، حول هذه الظروف، سجل التقرير خيبة أمل عميقة في صفوفهم، نظرا إلى الاعتبارات السابقة..
غير أن ما لم يتطرق إليه التقرير، في الفصل المخصَّص لظروف العمل، هو الأخطار المرتبطة بالحالة الصحية، الجسدية والنفسية التي يعاني منها المدرس، على هامش بعض الظروف التي همس بها التقرير، فانعدام ظروف العمل تؤثر في المقام الأول على نفسية المدرس، الذي يجد نفسه في وضعية انفصامية، بين وضعية «ما ينبغي أن يكون» ووضعية «الكائن».. وضعية الجودة والتفاني والتضحية، التي تعلمها وجُبِل عليها، بحكم اختياره هذه المهنةَ الشريفة، ووضعية العبث التي يعيشها في قسمه ومدرسته، خصوصا في هوامش المدن الكبرى وفي المدارس القروية.. إننا نتحدى الجهات الوصية أن تنشر للرأي العام الوطني عدد حالات الانهيار العصبي والاكتئاب والإحباط، ناهيك عن أزمات القلب المتكررة، التي يسقط ضحيتَها، سنويا، رجال التربية والتكوين، ثم تقول لنا ماذا فعلت من أجلهم، غير الاقتطاعات، لأنهم لم يقدموا الشهادات الطبية في وقتها..
إننا لا نهول حقيقة الوضع، وسنكتفي فقط ببانوراما يعيشها كل مدرسي التعليم القروي، لنعرف أيَّ ظروف لم يذكرها التقرير، حيث تجد قاعة الدرس مهترئة، لكون المقاول الذي كلف ببنائها تلاعب بالإسمنت والصباغة والنجارة، فأضحت القاعات تصلح لأشياء كثيرة إلا التدريس، ولاسيما عندما تكون الأسقف قصديرية، ولنا أن نتصور حرارة الأقسام ذات الأسقف القصديرية في مناطق مثل فجيج والراشيدية ووارززات في شهرَيْ ماي ويونيو، أو برودتها في فصل الشتاء في المناطق الجبلية لبني ملال وأزيلال وخنيفرة وإفران وتاونات والحسيمة.. أما ما يحصل في الصيف.. فهناك قاعات درس تتحول إلى «مراحيض» وأخرى إلى مقهى للعب «الروندة» و«التقصار»...
أما الكارثة، فتبدأ عندما يجد المدرس نفسه مجبرا على السكن في القسم، حيث لا إنارة ولا ماء صالحاً للشرب ولا شبكة للهاتف النقال ولا مذياع: وحدها الكلاب الضالة واللصوص والمتسكعون يطوفون بالمدرسة... كل هذا، والمدرس عاجز عن فعل أي شيء.. أما إذا كان هذا المدرس يزاول في مناطق مثل قلعة السراغنة والصويرة وتزنيت وطاطا، في اتجاه الشرق، فإن له حربا أخرى مع العقارب والأفاعي.. والأنكى من ذلك هو أن تجد مدرِّسة تتحدر من مدينة كبيرة، حيث ترعرعت في ظل بيئة توفر كل الحاجيات والكماليات، فيتم إرسالها إلى مدرسة فرعية، حيث الشروط السابقة، ولا أمل لديها في الانتقال.. اللهم إلا بالالتحاق بزوج يرى فيها راتبا إضافيا لا غير..
ولتتمة الرواية التي لم يتطرق إليها تقرير المجلس الأعلى للتعليم، لا بد من ذكر الحالة التي يحضر فيها هذا المدرس «المنفيّ» أو هذه المدرسة المنفية، الاجتماعات الإدارية، أو كيف يستفيد من التكوين المستمر الذي تهلل له الوزارة، دون أن تلقي بالا لذلك..
في جماعات قروية، في حدود الصويرة وآسفي، عندما يزور المفتش إحدى هذه الجماعات، فإنه يحضِّر لذلك أسابيع من قبل، حيث يخبر مديري المدارس المعنية، الذي يرسلون «رقاصا» للمعلمين للحضور إلى المركزية، لمناقشة ترتيبات الزيارة «الميمونة» لسعادة المفتش، ولأن هذا الأخير عاجز عن الوصول إلى كل الفرعيات، وهو مشفق على سيارته «رونو 19 الشهيرة»، من طرقات المدارس النائية، فإنه يركنها في أقرب قرية مأهولة، ويتكلف المعلمون ومديرهم الخائف بكراء «خطاف» لإحضار المفتش من القرية، من مالهم الخاص.. ولأن سعادته «كثير الانشغالات»، فإن المدرسين يُجْرون دروسا «اختبارية» في قسم واحد، وفي حالات، يخصص سعادة المفتش نصف ساعة لكل مدرس، وبعد أن يلقي ملاحظاته عليهم، يمينا وشمالا.. بحكم «خبرته» الكبيرة في الكلام «النظري».. فإن وجبة الغذاء هي الأهم، حيث يحرص المديرون على تهييء «شهيوات» غير التي ألِفها سعادة المفتش في منزله، مثلا طاجين الدجاج البلدي بأركان، إن كانت المدرسة في الصويرة، أو طاجين «التّْرفاسْ» إن كانت المدرسة في بوعرفة، أو «التّْريدْ» بالدجاج البلدي، إن كانت في أرفود والريصاني وغيرهما من جماعات الراشيدية.. أو «جْدي مْشوي»، إن كانت المدرسة في جبال خنيفرة، «جنان إماس»، «تونفيت» أو «كروشن»..
وعندما تمتلئ «معدة» سعادته، يبدأ مشوار المدرس أو المدرسة في الالتحاق بمنفاه، وأحيانا تصل إلى ثلاثين كيلومترا، كما هو الشأن بين مدرسة «تيزي نيسلي» في إقليم بني ملال وإحدى فرعياتها، وقد يضطر المدرس للمبيت حتى الصباح، نظرا إلى خطورة المسالك.. هذا بعض ما لم يذكره التقرير عن ظروف العمل... أما عن الاكتظاظ، الذي يعيشه المدرسون في الحواضر والمناطق شبه القروية، فإن الذين يتكلمون عن الظروف في التقرير غير قادرين على تصور معنى أن يكون لمدرس في التعليم الثانوي 84 تلميذاً في الفصل الواحد، وإذا ضربت العدد في 01 فصول، فإنه يصبح عمليا ويوميا مسؤولا عن 084 تلميذا، أي 084 شخصية وخلفية اقتصادية واجتماعية ونفسية، كلهم مراهقون، منهم المحبطون والمتمردون والمشاكسون والمدمنون و.. قليل من الراغبين في التعلم.. وفي المناطق شبه الحضرية، يصبح الفصل هو الفضاء الذي يحتضن كل سلوكات وانفعالات المراهقين، وعلى المدرس -في المقابل- أن يكون كما تريده البيداغوجيات الحديثة: منشطا ومتواصلا ومنصتا.. طبعا، لا يستطيع واضعو التقرير تصور استحالة ذلك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.