ميتا تستحوذ على أداة الذكاء الاصطناعي مانوس المطورة في الصين    الكان 2025 .. الصحافة الإسبانية تشيد بالأداء الرفيع لأسود الأطلس    المحكمة تقضي بالحبس 10 أشهر ضد الستريمر إلياس المالكي    الاتحاد الوطني للشغل يثير تجاوزات المصحات الخاصة للتعريفة الصحية المرجعية    الإمارات تدعو لضبط النفس في اليمن    تسجيل ما مجموعه 1770 مليون متر مكعب من الواردات المائية منذ فاتح شتنبر 2025    من أشقاء إلى خصوم.. محطات رئيسية في العلاقات السعودية الإماراتية    الاستهلاك المعتدل للقهوة والشاي يحسن وظائف الرئة ويقلل خطر الأمراض التنفسية        أوغندا تتحدى نيجيريا في ملعب فاس    في الفرق بين تربية الأصلاء والفضلاء وتربية بيوت الرذيلة    احتفالات بفوز المغرب على زامبيا تتحول إلى عنف في مدينة "ليل" الفرنسية    أثمان الصناعات التحويلية تزيد في نونبر    نقد أطروحة عبد الصمد بلكبير    نقابة المالية بمراكش تدعو لوقفة احتجاجية أمام الخزينة الإقليمية    النسوية: بدايات وتطورات وآفاق    أبيدجان.. الاحتفاء بفرح وحماس بتأهل "أسود الأطلس" إلى ثمن نهائي كأس إفريقيا 2025    الركراكي: المنافسة بدأت الآن..وسنقاتل لإبقاء الكأس في المغرب        الارتفاع يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال24 ساعة الماضية    فعاليات برنامج مسرح رياض السلطان لشهر يناير تجمع بين الجرأة الإبداعية ونزعة الاكتشاف    المعرض الوطني الكبير 60 سنة من الفن التشكيلي بالمغرب    تقرير للبنك الدولي: المغرب يتفوق على المعدلات العالمية في مناخ الأعمال    عليوي: الحركة الشعبية أصبحت "حزبا شخصيا" لأوزين.. والمجلس الوطني ك"سوق بلا أسوار"    إحداث أزيد من 35 ألف مقاولة بشكل رقمي    تأسيس المكتب المحلي للأطر المساعدة بمدينة سلا    كيوسك الثلاثاء | المغرب ضمن أفضل 20 دولة عالميا في مؤشر الحرية المالية    تقرير رسمي: ربع سكان المغرب سيكونون من المسنين بحلول عام 2050    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الثلاثاء    ثلاث نقابات بوزارة التجهيز ترفض "تجميد" النظام الأساسي بدعوى الأولويات    المعاملات الآسيوية تقلص خسائر الفضة    لجنة العدل تشرع في مناقشة مشروع قانون المسطرة المدنية    توقعات أحوال الطقس لليوم الثلاثاء    ثلاثة قتلى.. حصيلة فيضانات جنوب إسبانيا    رسالة تهنئة من السفيرة الصينية يو جينسونغ إلى المغاربة بمناسبة عام 2026    "أجواء أكادير" تفرح الكرة المصرية    المغنية الأمريكية بيونسي على قائمة المليارديرات    حقيقة تعرض سجينة للتعذيب والاعتداء بسجن عين السبع 1    دفاع مستشار عمدة طنجة يطلب مهلة    أبو عبيدة.. رحيل ملثم أرّق إسرائيل طوال عقدين    سعد لمجرد يلتقي جماهيره بالدار البيضاء    مونية لمكيمل وسامية العنطري تقودان الموسم الجديد من "جماعتنا زينة"    مؤسسة شعيب الصديقي الدكالي تعقد جمعها السنوي العادي    ترامب يعلن إحراز "تقدم كبير" في سبيل إنهاء الحرب بأوكرانيا    الصين تطلق مناورات عسكرية وتايوان ترد بالمثل    وفاة أيقونة السينما الفرنسية بريجيت باردو عن 91 عاما    اتباتو يتتبع "تمرحل الفيلم الأمازيغي"        علماء روس يبتكرون مادة مسامية لتسريع شفاء العظام    علماء يبتكرون جهازا يكشف السرطان بدقة عالية    الحق في المعلومة حق في القدسية!    وفق دراسة جديدة.. اضطراب الساعة البيولوجية قد يسرّع تطور مرض الزهايمر    جائزة الملك فيصل بالتعاون مع الرابطة المحمدية للعلماء تنظمان محاضرة علمية بعنوان: "أعلام الفقه المالكي والذاكرة المكانية من خلال علم الأطالس"    رهبة الكون تسحق غرور البشر    بلاغ بحمّى الكلام    فجيج في عيون وثائقها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حول أصل اللغات (3)
نشر في المساء يوم 06 - 06 - 2010


هل هناك لغة (أم) ترجع إليها كل اللغات؟
إن كل أمة ترى أن لغتها هي سرة العالم ومحور التاريخ، ولكن الفيلسوف أفلاطون ذهب إلى أن كل لغة هي اختراع إنساني قائم بذاته. واليوم، لا توجد نظرية موحدة حول وجود (لغة أم) ترجع إليها كل اللغات، إلا أن عالم الألسنيات الأمريكي «جوزيف جرينبيرج»، وهو من علماء اللغة المرموقين، يدافع عن نظرية «وحدة الجذر»، فقام بمسح عملاق لذخيرة الألفاظ وبعض القواعد النحوية الثابتة في مئات اللغات، في محاولة لوضع ضابط بين كل هذه اللغات العالمية التي تم مسحها.
إن التصنيف الذي اقترحه جرينبيرج ليس بدون نزاع بين علماء الألسنيات، ولكن العالم الأمريكي يصر على أن لغات العالم، التي تصل إلى خمسة آلاف لغة في المتوسط، تعود كلها في النهاية إلى لغة أم مشتركة واحدة، كما نعود نحن في النهاية إلى أم واحدة، بل ذهب في تصوره إلى أبعد من ذلك فقال إن الكلمة التي لها أصل في كل اللغات هي لفظة (تك)، وهي -حسب الترجمات المنوعة بين اللغات- تصير إلى معانٍ لانهائية، وكلها موجودة ككلمة في كل اللغات من واحد.. إلى بعض.. أصبع.. ذراع.. وإلى معنى أشار بأصبعه! وهذا يشي بأن اللغة كائن نامٍ متطور عبر الزمن.
ونظراً إلى الوقت الرهيب الذي مر على الإنسان عبر الأحقاب ، ونظراً إلى ارتباط النطق بالدماغ وجهاز التصويت المكون من الحنجرة والحبال الصوتية والبلعوم والأنف، فإن الأثر الأنثروبولوجي، الذي يتم العثور عليه من العظام والجماجم، لا يستطيع الإفصاح بشكل أكيد عن سر النطق عند الإنسان ومتى بدأ؟ وكيف بدأ؟ وكيف كانت مسيرته على العموم؟ نظراً إلى ارتباط النطق بأعضاء تفنى وتندثر بعد موت صاحبها.
ولكن الذكاء الإنساني احتال على المشكلة مرة أخرى بشكل غير مباشر، كما في قصة الكربون 14 وساعة البوتاسيوم الأرغون الكونية، أو كما فعل الباحث الأنثروبولوجي الهولندي «فريد سبور» الذي يقوم، في جامعة لندن، بدراسة مشكلة انتصاب الإنسان، من خلال دراسة الأذن الباطنة في الجمجمة، التي تملك جهازاً رائعاً بالغ الإتقان مسؤولا عن آلية الاتزان عند الإنسان، وبالتالي تشير إلى انتصابه من عدمه، حيث درس حوالي عشرين جمجمة، وكلها دلت على تشابه «الإنسان المنتصب» (الهومو إيريكتوس) معنا، خلاف باقي الكائنات، ويعود إلى حوالي مليون ونصف من السنين.
وتدل دراسة الجمجمة بالكمبيوتر أيضاً على تطور الدماغ مع الزمن، من خلال انطباعاته التي تترك أثرها على باطن عظام الجمجمة، ونظراً إلى وجود مراكز النطق في القشرة الدماغية اليسرى وأعضاء التصويت في أسفل الجمجمة، فإنه يمكن الاستدلال، بشكل غير مباشر، على الحدث الأنثروبولوجي عبر الزمن.
بقي أن نقول إنه مع الزمن تكسرت اللغات، وتفرعت إلى ما لانهاية، واللغة كائن ينمو مع الزمن، سواء في المحتوى أو في الشكل، وأمة لا تتطور لغتها تعتبر في حكم الأمة الميتة، لأن تطور اللغة يعني الحياة، فالحركة والنمو دليل الحياة، والجمود والتحنط دليل الموت والفناء.
ونظراً إلى هذا التطور المستمر في اللغة فلا غرابة من نشوء نظريات مختلفة حول أصل اللغة، هل كانت من لفظة تيك أو تونج أو سونج أو سواها، فإمكانية الوصول إلى اللغة الأولى النموذجية (PROTOTYPE) هي في حكم المستحيل، والأقرب أن اللغة هي أمر اصطلاحي، وأن اللفظة لا تشع بالمعنى، بل نحن الذين نشحنها بالمعنى، فالكلمة كالقمر تعكس المعنى، والمعنى كالشمس التي ترسل أشعتها أو، على حد تعبير الفيلسوف المتصوف (الغزالي) الذي عاش في القرن الرابع الهجري (450 505 ه) في كتابه «المستصفى» من أصول الفقه:
«إن من أراد أخذ المعاني من الألفاظ ضاع وهلك، وكان مثله كمن يريد المغرب وهو يستدبره، ومن قرر المعاني أولاً ثم أتبع الألفاظ المعاني، فقد نجا».
ودراسات مثل شحرور في الوقت الحاضر عن القرآن والكتاب تمشي باتجاه توليد المعاني من الألفاظ بدون حدود، كما في السيرك والبهلوان الذي يخرج من قبعة الإخفاء ما يريده من مناديل وأرانب، مثل كلمة ضرب في القرآن، ليصل إلى أن كلمة يضربن أرجلهن عند النساء تعني الستربتيز (التعري)، أو إلى ما ذهب إليه محمد عنبر في اتجاه أن اللغة عندما تشكلت كانت انفعالاً كاملاً للواقع الحقيقي، كما في كتابه «جدلية الحرف»، بمعنى أن معرفة اللغة بجذورها الأولى سيقودنا إلى فهم أسرار الكون دفعة واحدة.
وفي تقديري، فإن الطريقة الأولى، على الرغم من إغرائها، لا تقود إلى الحقيقة، والثانية فيها عدم الأخذ بعين الاعتبار، تدرج مرور الحقيقة الخارجية إلى صورة ذهنية، فالتعبير عنها للآخرين، فكتابتها، فالوجود الموضوعي يمر ب(فلترة)(FILTERATION) ذات أربعة مستويات، وكلها تدرجات وانكسارات محفوفة بمخاطر الانزلاق العقلي الكبرى، فرؤية الشيء لا تعني أبداً أن الصورة الذهنية تساوي الحقيقة الخارجية، وإلا لماذا حرق الناس من أجل رأيهم أن الشمس لا تدور، بل الأرض هي التي تدور حول الشمس بل الكل في فلك يسبحون؟!
كذلك، فإن تصوراً من هذا النوع سينهي الخلاف الإنساني دفعة واحدة، طالما كانت رؤية الوجود الموضوعي تقود إلى تصور ذهني واحد لجميع الناس، إن القضية ليست بهذه البساطة كما نرى إذن.
إن منتقدي نظرية جرين بيرج حول أحادية الجذر يرون أن اللغة متعددة الجذور، وأنها نشأت في أماكن شتى في العالم، ولاعتبارات اصطلاحية، حيث انتقل الإنسان من لغة الإشارات باليدين إلى الترميز، ومازالت حركات أيدينا وتعبيرات وجوهنا بواقي تلك اللغة القديمة البدائية قبل انتقال الإنسان إلى الترميز المجرد.
ولكن كيف يتكلم الإنسان حقاً؟ وما هي أدوات التصويت؟ ولماذا يتكلم الإنسان وتخرس بقية الكائنات؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.