لم يكن أحد يعتقد، حتى أكثر المتفائلين، أن الملك الحسن الثاني سيمنح مدرب المنتخب المغربي هنري ميشال الجنسية المغربية، في استقبال ملكي فور عودة الفريق الوطني من فرنسا بعد خروجه بشرف من الدور الأول من نهائيات كأس العالم 1998. صافح الملك كل أعضاء الوفد المغربي من لاعبين وتقنيين وإداريين، ووشح صدورهم بأوسمة الاستحقاق، لكنه توقف طويلا عند المدرب الفرنسي هنري ميشال وهنأه على الإنجاز، رغم أن المغرب كان من أول المغادرين للمنافسات، وأبلغه بتجديد عقده مع جامعة كرة القدم وتمكينه من الجنسية المغربية اعترافا من ملك البلاد ب«الخدمات التي أسداها» هنري للكرة المغربية. شكر المدرب بلطف كبير العاهل المغربي وأكد له حبه للمغرب، واستعداده للاستمرار على رأس الإدارة التقنية واضعا نصب عينيه نهائيات كأس إفريقيا 2000. مات الملك الذي كان وراء انتداب هنري للمغرب سنة 1995، ولم يتمكن المدرب الفرنسي من الوفاء بالوعد الذي قطعه أمام الراحل، حيث خرج المنتخب المغربي صاغرا من نهائيات كأس إفريقيا للأمم 2000 في غانا ونيجيريا. ولأن المدرب يحمل الجنسية المغربية، وله مع المغرب علاقة عشق قديمة، نسجتها زوجته اللبنانية مع العديد من الأسر المخملية المغربية، خاصة في مدينة الدارالبيضاء، فإن الحنين إلى المغرب عاوده، حيث درب الرجاء البيضاوي وحاز معه كأس الكونفدرالية الإفريقية، ومر بمحاذاة لقب البطولة. تردد الرجل كثيرا على المغرب، وكأنه مجرد باحة استراحة يلجأ إليها كلما استقال أو أقيل، ليس لأن الرجل يملك الجنسية المغربية ويعتبر المغرب بلده الثاني بعد فرنسا، بل لأن شبكة علاقاته في المجتمع البيضاوي جعلته ينخرط في صلب المجتمع المغربي. وحين عاد إلى المنتخب الوطني في مطلع شهر غشت من سنة 2007، خلفا لمحمد فاخر الذي أعفي من مهامه بمبادرة شخصية بعد أن ضمن تأهل المنتخب المغربي لكأس إفريقيا للأمم 2008، قال لرجال الإعلام إنه قبل تدريب المنتخب لأنه مواطن مغربي له غيرة على البلاد، وحين فشل في المهمة قال في ندوته الصحفية الشهيرة: «لقد جئت هنا للمحاولة والتفكير حول ذلك وتقديم بعض الاقتراحات. لم يكف الناس عن القول «سنفوز بكأس إفريقيا'. لكن هل تساءل أي شخص في أية مرحلة عن كيفية تحقيق هذا الهدف؟»، قبل أن يكشف عورات الكرة المغربية، مما أثار غضب الحكومة، حيث قال وزير الاتصال والناطق باسم الحكومة خالد الناصري، في نهاية اجتماع وزاري، إن هنري ميشيل ليس في مركز يسمح له بإصدار الأحكام على الاستراتيجية الرياضية المغربية، قبل أن يذكره هنري بجنسيته المغربية التي تبيح له حق المساهمة في تقديم وصفة لعلاج أورام الكرة المغربية. رغم قرار إقالته من منصبه وتعويضه بمدرب فرنسي آخر، اسمه روجي لومير، فإن هنري ظل حريصا على زيارة المغرب، الذي يرتبط به وجدانيا، لأن زوجته اللبنانية، التي سقط في حبالها بمجرد التأكد من نيلها لقب وصيفة ملكة جمال لبنان، تفضل هواء المغرب وتفخر بمنصب زوجها كمروض سابق للأسود ولنسور الرجاء لما لها من علاقات راسخة مع المجتمع النسائي البيضاوي، خاصة مع زوجات بعض مسيري الرجاء البيضاوي. لم تنقطع صلة هنري مع المغرب، فكلما توقف في باحة الاستراحة تقاطرت عليه عروض تدعوه إلى العودة إلى تدريب المنتخب أو الرجاء أو الوداد، خاصة أن زوجته حريصة على أن يظل زوجها حاضرا في المشهد الكروي المغربي.