تحتل القصور في الأعراف السلطانية مساحات واسعة، مثل قصر مكناس الذي أقيم على مساحة 80 هكتارا. وتتكون القصور من أبواب عدة، في الغالب يكون عددها اثنين أو ثلاثة، يخصص أحدها لدخول وخروج الخدم والثاني للسلطان وحاشيته والثالث للزوار الغرباء. ويقول المؤرخ عبد الكريم الفيلالي إن قصر مكناس الذي بناه السلطان مولاي إسماعيل لديه قصة طريفة، فقد كانت هناك ظاهرة القرصنة البحرية في تلك الفترة، حيث كان الأوروبيون يصطادون المغاربة والمغاربة يصطادون الأوروبيين، وكان القراصنة المغاربة يبيعون العبيد الذين يصطادونهم في الأسواق، وتحصل الدولة على 10 في المائة، وهكذا تجمع لمولاي إسماعيل 50 ألفا من الأسرى الأوروبيين، استخدمهم في بناء قصر مكناس، لأن جيش البخاري كان مكلفا بالدفاع عن حوزة البلاد، وقد طبع هذا القصر بالطابع الأوروبي، لأنه القصر الوحيد الذي به مدخنات، والمغاربة لم يكونوا آنذاك يعرفون المدخنة. وحسب الفيلالي، الذي عاش في القصر الملكي بفاس في عهد الملك محمد الخامس، فإن قصور العلويين كانت تمتاز عن قصور الأتراك بتعدد الأبواب التي يعبرها الداخل قبل الوصول إلى صحن الدار، ويحرس هذه الأبواب عبيد يعملون في القصور، منهم با مرجان وبا سعيد وبا فرجي وبا عنبر وبا سعيد المؤقت، وقد كانوا يسمون كذلك لأنهم كانوا مخصيين، وهم عبيد أهداهم الأتراك إلى السلاطين العلويين. أما في داخل القصور فكانت هناك النساء اللواتي يسمون بالعريفات، وهن المسؤولات عن أمور القصر، مثل الطبخ وغيره، ويشرفن بالخصوص على الأمور المتعلقة بالنساء وحريم السلاطين. أما بالنسبة إلى الحريم، فقد كان من حق السلطان أن يجري، أي أن يتخذ له الجواري والإماء، وكان ذلك مبنيا على أساس ديني من عهد خلفاء بني أمية وبني العباس، وذلك بصفته أمير المؤمنين، وكان العلماء يجيزون له حق التسري، وقد ذكر ابن زيدان في «إتحاف أعلام الناس بجمال أخبار حاضرة مكناس» أن السلطان مولاي الحسن كانت لديه 34 جارية وأنجب منهن، لكن الفيلالي ينكر هذا على إبن زيدان، لأنها غير مشرفة لتاريخ المغرب. وكانت العادة أن بعض الأعيان وزعماء القبائل يهدون بناتهم للسلطان، أو أن السلطان يبحث عن نساء من القبائل لكي يتألف قلوبها، لأن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج تسع نساء لكي يؤلف بين قلوب القبائل العربية. خلال المناسبات الدينية والأعياد كان الرعايا يأتون من مختلف أنحاء المغرب، وكانت العادة أن يأتي كل وفد من بلاده بهدية توافق ما هو معروف عن تلك البلاد، مثل أهل فاس ومراكش الذين كانوا يحضرون معهم الصناعات التقليدية، وقد تكون الهدية عبارة عن أموال، وكانت العادة عند السلطان أن توضع تلك الأموال تحت وسادة يضع فوقها قدميه لدى الجلوس، وهي عادة قديمة بقيت حتى ذلك الوقت. وتتم طقوس الاستقبال وفق نظام متبع، حيث تتقدم إلى السلطان طائفة بعد طائفة، يقوم «قائد المشور» بتقديمها، ويكون الأشراف هم الأولون، يليهم العلماء، وكانت العادة أن يسبق علماء فاس الآخرين نظرا لمكانة القرويين، ثم رجال السلطان أو القواد الذين يتقدمون بحسب المناطق والقبائل التي يمثلونها، وبعد انتهاء مراسيم الاستقبال ينصرف السلطان، لكن الحفلات تستمر ثلاثة أيام. أما خلال تلقي البيعة، فقد كان يأتي عدد من القواد وزعماء القبائل الذين تتصل بهم الجهات المخزنية، حيث يؤتى بكل من له مكانة في قبيلته، سواء كان شريفا أو عالما، يحضرون بالمئات ويقدمون البيعة للسلطان، حيث يقدمهم قائد المشور للسلطان من أجل المبايعة، بينما يقوم الحاجب بتقييد البيعة في سجل. وفي ظروف السيبة عندما كان يتعذر على قبيلة معينة أن توفد زعماءها للبيعة كان يقوم اثنان من العلماء بكتابة وثيقة عدلية تذكر فيها أسماء زعماء القبيلة المبايعين ويرفعانها إلى القصر. وبخصوص عادة تقبيل اليد، فإن للفيلالي تفسيرا مختلفا، إذ يرى أنها بدأت مع الأدارسة باعتبارهم أشرافا ومن آل البيت، وبقيت عادة معمولا بها لدى سلاطين المغرب من بعد. أما عادة الانحناء لدى الدخول على السلطان للسلام عليه فقد كانت موجودة لدى الأتراك وجاء بها أحمد المنصور السعدي، إذ لما وقع الخلاف بينه وبين شقيقه عبد الملك ذهب إلى الجزائر ومنها إلى تركيا، ومن هناك جلب العديد من التقاليد التركية، من بينها عادة الانحناء للتسليم على السلطان.