أكد صاحب الجلالة الملك محمد السادس تمسك المغرب بالمسار الأممي لتسوية النزاع الإقليمي المفتعل حول الصحراء المغربية، على أساس مبادرة الحكم الذاتي، في نطاق سيادة المملكة ووحدتها الوطنية والترابية. محمد معتصم يتلو الرسالة الملكية، (ت: ماب) وقال جلالة الملك، في رسالة وجهها إلى المشاركين في الدورة الخامسة للملتقى الإفريقي للجماعات والحكومات المحلية، الذي انطلقت أشغاله، صباح أمس الأربعاء بمراكش، إن "هذه المبادرة المشهود لها أمميا بالجدية والمصداقية، اعتبارا لجوهرها الديمقراطي، المرسخ لحقوق الإنسان، وللتدبير الواسع من قبل أهلها وسكانها لشؤونهم المحلية، فضلا عن بعدها الاستراتيجي، الهادف لتحقيق التنمية والاندماج المغاربي، وضمان الأمن والاستقرار بمنطقة الساحل والصحراء وشمال إفريقيا، وتحصينها من نزوعات البلقنة والتطرف والإرهاب". وأضاف جلالته، في الرسالة الملكية، التي تلاها محمد معتصم، مستشار صاحب الجلالة، أنه في سياق ترسيخ الديمقراطية المحلية والحكامة الترابية الجيدة، فإن المغرب يعتزم إقامة جهوية متقدمة تشمل كافة مناطق المملكة، وفي طليعتها أقاليم الصحراء المغربية، مشددا على أن المغرب بانتهاجه "للامركزية موسعة على صعيد المجالس الجماعية الحضرية والقروية وتوجهه لإقامة جهوية متقدمة واقتراحه لمبادرة الحكم الذاتي، فإنه يؤكد أن تطوره الديمقراطي يؤهله للإقدام على كل أنماط الحكامة الترابية، في إطار وحدة الدولة وسيادتها على كامل ترابها الوطني". وأشار جلالته، من جهة أخرى، إلى أن المغرب، إيمانا منه بنجاعة خياراته، بادر، منذ عدة سنوات، إلى اعتماد جملة من الإصلاحات المؤسسية العميقة لترسيخ ديمقراطية القرب، وإطلاق وإنجاز مخططات ومشاريع تنموية كبرى، وطنية وجهوية ومحلية، تضع المواطن في جوهر عملية التنمية، وتقوم على سياسة تعاقدية وتشاركية، تنهض فيها الجماعات المحلية بدور أساسي. وفي هذا الصدد، يوضح صاحب الجلالة، جاء إطلاق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، الرامية إلى النهوض بأوضاع الفئات والضواحي بمختلف الجماعات الحضرية والقروية، التي تعاني مظاهر الفقر والتهميش. وعلى المستوى القاري، شدد جلالة الملك على أن المغرب، الوفي لمبادئ الأخوة والتضامن والوحدة الإفريقية، حريص على أن يتبادل تجاربه وخبراته مع البلدان الشقيقة بالقارة السمراء، بهدف السير قدما، وبخط متواز، بين رفع تحديات التوسع العمراني بالحواضر الكبرى، في إطار سياسة جديدة للمدينة وحكامة جيدة لها، وبين كسب رهانات التنمية القروية المندمجة، بما يتطلبانه من تجهيزات أساسية ومرافق حيوية، ومن توفير شروط العيش الحر الآمن والكريم، في أحضان حواضر وبواد مفعمة بالتآلف الإنساني والتضامن الاجتماعي، والثقافة الجماعاتية الراسخة في تقاليدنا الإفريقية، وبما يقتضيه الأمر من انتهاج لتنمية ترابية متوازنة، تضمن المقومات الأساسية للمواطنة، ولا مجال فيها للتمدين الهجين للبادية ولا لتحويل المدينة إلى قرية كبيرة أو منشآت إسمنتية عديمة الروح. وقال صاحب الجلالة "إننا لنتطلع إلى أن يشكل هذا الملتقى الهام، محطة أساسية للعمل الجماعي المشترك، على تفعيل آليات التضامن والتعاون بين بلداننا الشقيقة، بما يسهم في تعزيز الديمقراطية المحلية والحكامة الجيدة والنهوض بالتنمية البشرية والمستدامة لأجيالها الحاضرة والمقبلة، في نطاق احترام سيادة دولها ووحدتها الترابية وصيانة أمنها واستقرارها ومراعاة خصوصياتها وثوابتها". وخلص جلالة الملك إلى أنه إذا كانت الأزمة الاقتصادية العالمية ألقت بانعكاساتها الوخيمة على جميع بلدان المعمور، فإنها كشفت عن الحاجة الملحة للوظيفة الاستراتيجية للدولة المنظمة، والدور المحوري للجماعات المحلية، المرتكز على الحكامة الجيدة، وتطوير اللامركزية، في تلازم مع عدم التمركز الواسع، والعمل على بلورة برامج محددة للتنمية المحلية، ودعم جهود المجتمع المدني المحلي، بموازاة مع إيجاد آليات فعالة للشراكة والتعاون الوطني والدولي.