احتضنت مدينة الرباط، أخيرا، تقديم العرض ما قبل الأول للفيلم التلفزيوني الجديد "اليوم الخامس"، أو "المطمورة"، لمخرجه حسن بنجلون، ويتناول قصة الهبات الشعبية بالمدن والبوادي المغربية ضد نفي سلطات الحماية آنذاك للمغفور له الملك محمد الخامس.وتنطلق أحداث الفيلم من مدينة سطات، إذ شرع مجموعة من الشباب في تأطير هذه الانتفاضات، من بينهم ميلود، الذي يختفي بقريته في الشاوية، حيث الجميع منشغل بالموسم، ولدى وصول عمر والجيلالي، رفاق أحمد إلى القرية، رفض العربي والد ميلود، الفارس المعتز بنفسه، وعلام السربة، أن يمنح فرسه لزوجة موريس، ضابط المنطقة، فتندلع سلسلة أحداث في القرية. ويزيد القائد الميدوني، الملاك الغني والطاغية وعميل سلطات الحماية، من خطورة الوضعية بإلقائه العربي في المطمورة. ويوزع الوطنيون صور الملك الشرعي محمد الخامس على سكان القرية. وفي إحدى الليالي يحدث أن يرى أهالي القرية، بإيحاء من الوطنيين من جهة، ومن مشاعرهم الجياشة من جهة أخرى، وجه الملك الشرعي المنفي على صفحة القمر. وينظم "أوليدات الوطن"، كما يطلق عليهم، القادمون من المدينة بمساعدة من سكان القرية بوشعيب والوزاني والآخرين المقاومة والهجمات المسلحة. وتجري مهاجمة حراس القائد وتجريدهم من أسلحتهم، وكذا تفجير كشك الدخان (رمز العمالة) بقنبلة، وتصير الفانتازيا مسخرة بغياب علامها في المطمورة، حيث يلفظ أنفاسه الأخيرة شهيدا للكرامة وعزة النفس. وأمام احتداد التمرد العام وتضامن المواطنين، يعود شيشا، ضابط الشرطة القادم خصيصا من الدارالبيضاء، خالي الوفاض، وتؤدي الأحداث الخطيرة في كل مكان بالمغرب إلى فرار المستعمرين وعملائهم فيلقي المواطنون الغاضبون بالقائد الذي ترك وحيدا في المطمورة. وقال الممثل المغربي هشام بهلول، الذي يجسد دور "ميلود"، في حديث ل"المغربية"، إن المشاركة في العمل استهوته منذ البداية، خاصة أنه يندرج في سياق استرجاع أحداث التاريخ الذي عاشته المملكة في فترة وصفت ب"الصعبة"، نظرا لحساسيتها في مسار استقلال المملكة، مبرزا أن العمل التاريخي يختلف على باقي الأعمال، نظرا للدقة التي يتميز بها السيناريو المنجز له، وخاصة في ما يتعلق بالتواريخ وتسلل الأحداث، وعبر هشام عن سعادته في هذه المشاركة، التي أكد أنها ثمينة في مساره الفني. وجسد الأدوار الرئيسة لهذا العمل عدد من الفنانين إلى جانب هشام بهلول، من بينهم عبد الرحيم المنياري، ومريم أجدو، ومصطفى سلمات، بالإضافة إلى عدد من الفنانين الأجانب، كباتريك جوليفي، وأميلي أميلو. وصور المخرج المغربي حسن بنجلون أحداث هذا الفيلم خلال شهر أبريل الماضي، بعدما توصل بالميزانية الكافية لإنتاج هذا العمل، الذي اشترك في إنتاجه كل من المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، إلى جانب الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزيون، وشركة الإنتاج السينمائي "بنطقرلا". من جهة أخرى، انتهى المخرج حسن بنجلون من تصوير فيلمه السينمائي "المنسيون في التاريخ"، الذي استفاد من دعم المركز السينمائي المغربي، وهو العمل الذي يحاول من خلاله بنجلون تسليط الضوء على معذبي الهجرة، ويؤرخ لأناس منسيين رغم ما يعيشونه من صراعات بين الحياة والموت، وهو فيلم يتأسس على فكرة الوقوف على هموم المجتمع وآلامه، ويقوم على تقريب بعض الصور المجتمعية من الجمهور المغربي، وينشد الإنصات إلى شريحة مجتمعية، ولتحقيق هذه الأهداف اختار فضاءات مدن فاسوالدارالبيضاء وبروكسيل، لأنها تنسجم مع الرؤية التي وضعها المخرج لهذا العمل السينمائي، كما اختار العديد من الوجوه الفنية للمشاركة في هذا العمل، من قبيل محمد خيي، وأمين الناجي، وسناء موزيان. ويأتي إخراج هذين العملين السينمائيين في سياق الأعمال التاريخية التي شرع حسن بنجلون في إخراجها أخيرا، من بينها أيضا الفيلم السينمائي "فين ماشي يا موشي"، الذي رصد فيه تاريخ اليهود في المغرب. وسبق له أن توج بجائزتي أحسن صورة وأحسن صوت خلال المهرجان الوطني التاسع للفيلم بطنجة. وشارك في أحداثه كل من الممثلين الراحلين حسن الصقلي، وعبد الرحيم بركاش، ومحمد بن إبراهيم، وصلاح الدين بنموسى، وفاطمة الراكراكي، وحمادي التونسي، وربيع القاطي. واستغرق إنجاز هذا الشريط حوالي ثلاث سنوات من البحث والإعداد وكتابة السيناريو والتصوير والمونتاج في ثلاثة دول، وهي المغرب وفرنسا وكندا، ومجالسة مؤرخين مسلمين ويهود.