أكد الشيخ يوسف جمعة سلامة، خطيب المسجد الأقصى المبارك، النائب الأول لرئيس الهيئة الإسلامية العليا بالقدس، أن صاحب الجلالة الملك محمد السادس، رئيس لجنة القدس، اضطلع بدور مهم وكبير في المحافظة على المعالم الحضارية والدينية والثقافية للقدس الشريف، والوقوف في وجه كل محاولات تهويده وتغيير بنياته الأساسية. وقال الشيخ سلامة جمعة، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، بمناسبة مرور 40 عاما على إحراق المسجد الأقصى، إن قضية القدس بالتحديد استأثرت باهتمام خاص من لدن جلالة الملك، الذي ما فتئ يوجه نداءات إلى القوى الدولية الفاعلة، لبذل ما يلزم من الحزم تجاه إسرائيل للحفاظ على الوضع القانوني لهذه المدينة المقدسة، والتخلي عن مخططاتها الرامية إلى تغيير معالمها. ونوه الشيخ جمعة، وزير الأوقاف والشؤون الدينية السابق بدولة فلسطين، ونائب رئيس مجلس أمناء جامعة الأزهر بغزة، بالمساعي الجادة والمتواصلة، التي تقوم بها لجنة القدس من أجل تطبيق الشرعية الدولية ومبادئ القانون الدولي، لإعادة القدس إلى السيادة العربية الإسلامية، مستعرضا جهود جلالة الملك على رأس هذه اللجنة، سواء من خلال اتصالات جلالته المباشرة مع الملوك والرؤساء في أنحاء العالم، دفاعا عن القدس وصيانة هويتها، أو من خلال العمل الميداني في المدينة المقدسة بواسطة وكالة بيت مال القدس الشريف. وثمن أيضا الموقف المغربي خلال الاعتداءات الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة، مذكرا بأن المملكة المغربية بادرت إلى تسيير جسر جوي لتوصيل المساعدات من غذاء ودواء وآليات إلى القطاع، بالإضافة إلى إرسال وفد طبي سهر على تضميد جراح المصابين والتخفيف من معاناتهم. كما ذكر بالالتفاتة النبيلة لصاحب الجلالة المتمثلة في تبرع جلالته بمبلغ أربعة ملايين ونصف المليون دولار لإعادة بناء كلية الزراعة التابعة لجامعة الأزهر بغزة، من مال جلالته الخاص، وموافقة جلالته على إطلاق اسمه على هذه الكلية التي تتولى المملكة المغربية إعادة بنائها بطرازها الإسلامي، لتكون معلمة بارزة شاهدة على متانة العلاقات المغربية الفلسطينية. وأضاف أن جلالة الملك أمر أيضا بإعادة بناء الجزء الذي دمر من مستشفى القدسبغزة نتيجة العدوان الإسرائيلي على القطاع، من الحساب الخاص، الذي أمر جلالته بفتحه لجمع تبرعات الشعب المغربي، التي وصلت إلى خمسة ملايين دولار. وأكد سماحة الشيخ يوسف جمعة سلامة أن هذه المواقف المشرفة، أثرت بشكل كبير على نفوس كافة مكونات الشعب الفلسطيني، حيث كانت أول دعم حقيقي مباشر لإعادة الإعمار يصل إلى قطاع غزة بعد العدوان الإسرائيلي. وقال في هذا الصدد "هي وقفة عربية إسلامية ليست بجديدة على جلالته، كما أنها دليل قاطع على أن هذه المملكة كما أرسلت المجاهدين في الماضي وبذلت دماء أبنائها للحفاظ على القدس وحماية أرض فلسطين من الغزاة الغاصبين، فهي ما زالت إلى اليوم تضحي بالغالي والنفيس من أجل الهدف القيم والمبادئ نفسها، تحت هذه القيادة الرشيدة". من جهة أخرى قال سماحة الشيخ يوسف جمعة سلامة إن القدس الشريف تستحضر هذه الأيام الذكرى الأربعين للجريمة النكراء لإحراق المسجد الأقصى المبارك، معتبرا أن هذا الحريق أشعر الأمة العربية والإسلامية، بالخطر المحدق بالأقصى والقدس. وحذر من أن الاحتلال لم يتوان منذ ذلك التاريخ في تنفيذ المؤامرات ونسج المخططات لتضييق الخناق على القدس الشريف واختلاق درائع لطمس هويتها العربية، حتى يثبتها عاصمة أبدية له. ونوه في هذا الصدد بالدور الذي تقوم به وكالة بيت مال القدس الشريف في خدمة أهالي المدينة المقدسة بناء على توجيهات جلالة الملك، إيمانا من جلالته بضرورة العمل الإيجابي لمقاومة سياسة التهويد للقدس الشريف، موضحا أن الوكالة خطت خطوات كبيرة في إقامة المشاريع الحيوية المرتبطة بقطاعات الصحة ودعم المستشفيات والتعليم، والمساهمة في توفير المنح الدراسية للطلاب المقدسيين، والإسكان وترميم البنايات للمحافظة على عروبة المدينة المقدسة وإسلاميتها. كما تقوم الوكالة، يضيف سماحة الشيخ يوسف جمعة سلامة، بالإشراف على تفعيل برامج ومشاريع ثقافية وإغاثية وتوزيع المساعدات الغذائية على الأسر المقدسية، وتنظيم رحلات لأطفال مقدسيين إلى المملكة المغربية، وتوفير عدد من الحافلات لنقل المصلين إلى المسجد الأقصى المبارك، علاوة على مشاريع خدماتية كثيرة. كما تطرق خطيب المسجد الأقصى المبارك للروابط التاريخية التي ربطت على الدوام المغاربة بالقدس، من خلال مجموعة من الأوقاف الإسلامية، التي تعد اليوم ذاكرة حية للوجود المغربي المتواصل في المدينة المقدسية، وكذا حارة المغاربة التي تعد من أشهر الحارات في القدس. (و م ع)