يبدو أن إعلان وزارة النقل واللوجستيك عزمها إعداد مشروع قانون يمكن المهنيين مستقبلا من مقايسة أثمان النقل الطرقي مع ارتفاع أسعار المحروقات، ليس الحل الذي تنشده كل نقابات قطاع النقل الطرقي بالمغرب، حيث اعتبره البعض منها دون "جدوى وفعالية" لإخراج المقاولات النقلية بشكل عاجل من الأزمة التي تتخبط فيها جراء الارتفاع المتتالي لأسعار الغازوال. واعتبر التنسيق النقابي المكون من أربع مكاتب وطنية لنقابات مهنيي النقل الطرقي للبضائع أن "مشروع المقايسة زيادة على الوقت الذي قد يستغرقه في مساره التشريعي، فإنه لن يكون له أثر على أرض الواقع بدليل أن قطاع النقل يحتاج قبل كل شيء إلى إصلاح حقيقي مهيكل يخرجه من حالة الهشاشة التي يعيشها حاليا، ويجعله أكثر مهنية ومردودية". كما دعا التنسيق المنضوية نقاباته تحت لواء مركزيات (الكونفدرالية الديمقراطية للشغل - الاتحاد العام للشغالين بالمغرب - الاتحاد المغربي للشغل - الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب)، الحكومة إلى اتخاذ كل الإجراءات الممكنة، التي من شأنها وقف الزيادات المهولة في سعر المحروقات، في أفق تسقيف سعرها، والعمل على مواكبة حقيقية مستعجلة للتخفيف من وطأة الارتفاع المهول المستمر للمحروقات على مهنيي القطاع، الذي دفع نسبة كبيرة من المقاولات النقلية إلى التوقف الاضطراري. وبعد أن أكد عدم حضوره لقاء، يوم الثلاثاء، الذي عقدته وزارة النقل واللوجستيك، مع مهنيي النقل التابعين ل"الباطرونا"، جدد التنسيق النقابي، في بلاغ له، دعوته للوزارة الوصية إلى الوفاء بالتزاماتها في ما يخص مأسسة الحوار الاجتماعي. من جانبه، اعتبر منير بنعزوز، الكاتب العام الوطني للنقابة الوطنية لمهني النقل الطرقي، المنضوية تحت لواء الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، أن قطاع النقل يتخبط في أزمة خانقة نتيجة "تلاعب أصحاب شركات المحروقات بالأسعار". وناشد منير بنعزوز، في تصريح ل"الصحراء المغربية"، رئيس الحكومة التدخل العاجل من أجل إعادة الأمور إلى نصابها في موضوع الغازوال، مشيرا إلى أن عددا مهما من المقاولات النقلية شبه متوقفة عن العمل طواعية، بسبب غلاء الغازوال، مسجلا انخفاضا في نشاط الشاحنات بما يعادل حوالي 45 في المائة. وأكد بنعزوز أن مشروع نظام المقايسة مبادرة جيدة، لكنه ليس حلا استعجاليا لإنقاذ القطاع من السكتة القلبية. كما نبه إلى أن الدعم لم يخفف من أزمة المهنيين، إذ بمجرد الإعلان عنه، جرى بالمقابل إضافة حوالي درهمين ونصف الدرهم إلى سعر الغازوال وهو أمر غير مقبول. وتحدث كذلك على أن الأغلبية من مهنيي النقل لم تستفد من عملية الدعم لأسباب مختلفة، الأمر الذي جعل الأمور تسير في اتجاه التفاقم. وعاد الكاتب العام الوطني للنقابة الوطنية لمهني النقل الطرقي للحديث عن عدم فعالية مشروع المقايسة قائلا "سيتطلب حوالي سنتين في مساره التشريعي، قبل المصادقة عليه، وخروجه إلى حيز الوجود، في الوقت الذي يرزح القطاع حاليا تحت وطأة واقع مزري تغفل عنه الحكومة، ويرتبط أساسا بالارتفاع المهول لأسعار المحروقات، لذا نطالب بتدخل عاجل لرئيس الحكومة لحل هذا المشكل". وذكر بنعزوز أن "التوقف الجاري حاليا سببه الرئيسي زبناء الناقلين، الذين يرفضون أي زيادة في أثمان النقل، متذرعين بكون المهنيين تلقوا الدعم من الحكومة، في حين أنه لا يمكن للناقل أن يواصل العمل بالخسارة". وكان التنسيق الرباعي راسل، بداية الأسبوع الجاري، عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، قصد التدخل ل"محاسبة المتلاعبين بأسعار المحروقات"، وإعادة الأمور إلى نصابها. واشتكى التنسيق لرئيس الحكومة ما أسماه "بعض الممارسات المخالفة للقانون، والتي تعتمدها جمعية مزودي محطات الوقود، حيث عمدت إلى الرفع من ثمن المحروقات في 4 مناسبات خلال شهر مارس المنصرم، في خرق صريح وواضح لما التزمت به الحكومة إبان تحرير أسعار المحروقات". كما وضع التنسيق رئيس الحكومة أمام "وضعية الأزمة الخانقة التي يتخبط فيها العاملون بالقطاع، جراء حجم الارتفاعات المتتالية، التي عرفتها أسعار المحروقات"، مبرزا أن "الكلفة المرتفعة للمحروقات أضحت تلتهم هامش الربح الضيق، وأخلت بالتوازن المالي للمقاولات النقلية المهددة بالإفلاس في أي وقت، إذا استمر الحال على ما هو عليه، دون تدخل السلطات الحكومية". يشار إلى أن محمد عبد الجليل، وزير النقل واللوجستيك، امتص غضب مهنيي الجامعة الوطنية للنقل المتعدد الوسائط المنضوية تحت لواء الاتحاد العام لمقاولات المغرب "الباطرونا"، حيث التزم خلال اجتماع عقده معهم، يوم الثلاثاء، بإعداد مشروع قانون يتعلق بمقايسة أثمنة النقل الطرقي وأسعار المحروقات وعرضه على مساطر المصادقة، ما جعلهم يعلقون الإضراب الذي كان مقررا أن يخوضوه ابتداء من يوم أمس الأربعاء.