سيظل المغرب جارا للجزائر شاءت ذلك قيادته أم أبت، فبعد عجزها عن تحقيق أحلام وآمال شعبها الصغيرة لا يمكن أن تغير خريطة قارة أو تبعث زلازل تزحزح القارات من جديد. نعم سيظل المغرب كابوسا لهؤلاء القادة، الذين يناصبون له العداء، وجعلوا بلدهم جار سوء بالنسبة لنا، إذ لا يرف لهم جفن وهم يدبرون المكائد للمغرب ويعادون وحدته الترابية ويحلمون خلال نومهم ويقظتهم بزرع جمهورية وهمية في القارة الإفريقية على أراض مغربية يشهد عليها التاريخ وجرى تحريرها من الاحتلال الإسباني قبل حوالي 46 عاما. لم تقف التحرشات عند هذا الحد، إذ امتدت معنا من القرن العشرين إلى القرن الحالي واتخذت عدة أبعاد، لكن القاسم المشترك بينها هو حصد عواصف الخيبات ليس إلا. الخيبة كانت أيضا مآل الرحلات الخارجية لرئيس الجارة الشرقية ورئيس دبلوماسيتها. الحقيقة الثابتة هي أن الموقف العربي لم يتغير والواقع لم يرتفع، وبالتالي لن تنعقد القمة العربية قبل شهر رمضان المبارك إرضاء لقصر المرادية وحوارييه. إن الصعوبات التي تواجهها هذه الجارة وهي تسعى إلى استضافة القمة العربية سبق أن لفت إليها المغرب قبل خمسة أعوام، حين قرر سنة 2016 تأجيل تنظيم القمة العربية، التي كان من المفترض عقدها بالمملكة، انسجاما مع حرصها على جعل القمم العربية محطات مفصلية لتقييم الوضع والوقوف عند ما جرى تنفيذه من قرارات تعود بالنفع على الأمة العربية، وأيضا تأمين رص الصف العربي عبر عدم استهداف البلدان العربية بعضها البعض، لكن أين الجزائر من هذا الموقف وهي التي تستهدف الوحدة الترابية لجارها؟ إن هم قيادة الجزائر الأول والأخير هو التنظيم لدر الرماد في عيون مواطنيها المضطهدين، لهذا تحركت بشكل جنوني متوهمة أنها تملك القدرة على فرض موقفها على الأمة العربية، خصوصا بعد تصريح الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، حسام زكي، الذي استبعد فيه عقد القمة قبل شهر رمضان المقبل، الذي أصابها في مقتل. لم نلتفت نحن في المغرب إلى محاولات الجزائر اليائسة، ولم يصدر عن بلدنا أي رد فعل حيال التصريحات، التي أطلقها المسؤولون الجزائريون وهم يحاولون تمويه شعبهم بأن كلمتهم مسموعة على كل الواجهات، وأنهم لا يخسرون رهاناتهم. ورغم أن العالم أخذ علما أن الأمين العام للأمم المتحدة أكد مركزية العملية السياسية بشأن الصحراء المغربية ووضع حد للنزاع المفتعل حولها داعيا الأطراف لتدرك الحاجة إلى الحوار، فإن القيادة الجزائرية تستهدف بمحاولاتها اليائسة الشعب الجزائري، الذي يتطلع أكثر من غيره إلى إنهاء ركض مسؤوليه وراء قضية لا يجنون منها شيئا، ويصرفون عليها ما كان من المفروض أن يصرف على هذا الشعب بدل الانفصاليين. نرى أن عقد القمة ليس أولوية، فنحن لا نريد أن يفقدها عقدها بشكل متواصل أهميتها ويحولها إلى قمم ثلج تذوب مع أول شعاع من أشعة شمس الحقيقة. نحن لا نريد تشابه مؤتمراتنا وأن يكون عدم تنفيذ قراراتها هو السمة الغالبة. الجزائر التي تستخدم كل الوسائل لحمل الدول العربية على عقد القمة تتناسى أن مواقفها ليست محل توافق عربي، فكيف لها أن تضمن نجاح قمة تقام على أرضها؟ الجزائر التي تستهدف الوحدة الترابية لبلدنا أضحت تفتح جبهات خلاف مع الكثير من الدول العربية ولو عبر حملات إعلامية مفضوحة لا يتعدى صداها حدود ترابها، ومع ذلك فأشقاء المملكة المغربية الأوفياء لم ولن يغيروا موقفهم، وهذا اتضح على مستوى الأممالمتحدة وأيضا على المستوى الإقليمي، وتجدد تأكيده خلال تواصل وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي مع نايف فلاح الحجرف، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، الذي جدد التأكيد على الموقف الثابت للمجلس بخصوص دعم سيادة المملكة المغربية على صحرائها ووحدة أراضيها، وتشديده على أن «أي حل لهذا النزاع الإقليمي المفتعل، لا يمكن أن يتم إلا في إطار سيادة المملكة المغربية ووحدة ترابها». الوحدة العربية، العمل المشترك و... كثيرة هي الشعارات والرغبات، التي تبقى مجرد وهم، طالما أن الواقع يختلف حين نكون بصدد الجزائر التي لم تتح باستهداف بلد جار الفرصة أمام نهوض الاتحاد المغاربي، الذي ظل حبيس قسم الإنعاش بسبب هذا البلد الجار.