غطت وفاة محامين من هيئة الرباط، نتيجة حادثة سير وصفت ب "المأساوية"، على الوقفة الحاشدة، التي نظمها محامو المملكة، صباح اليوم الجمعة، أمام الباب الرئيسي لمحكمة النقض بالرباط، احتجاجا على فرض "إلزامية الإدلاء بالجواز الصحي" للولوج إلى المحاكم. المئات من المحاميات والمحامين ببذلهم المهنية، حجوا صباح اليوم الجمعة من مختلف المدن، تلبية لنداء تنظيم وقفة مركزية دعت إليها فيدرالية المحامين الشباب بالمغرب، مكملين بذلك سلسلة احتجاجات خاضوها لخمسة أيام متواصلة ضد الدورية الثلاثية التي أقرت إلزامية "جواز التلقيح" للولوج للمحاكم.
كانت البداية برفع آيات التضرع ترحما على زملائهم، الذين فقدوا حياتهم وهم في طريقهم لحضور وقفة احتجاجية، أمس الخميس، دعت إليها هيئتهم بالرباط ضد المذكرة الثلاثية، وتلاوة الفاتحة على أرواحهم وهم يحملون صورهم، التي غطاها سواد قاتم من سواد البذل التي تزين بها زملائهم وزميلاتهم في وقفة أمس، التي وصفوها بوقفة "الكرامة". ووسط جو اختلطت فيه الشعارات بالبكاء والزغاريد والتذكير بخصال ونضال المحامين الشباب المتوفين، ورفع صورهم إلى جانب شعارات أخرى حملها المحاميات والمحامون لأزيد من ساعة ونصف الساعة أمام محكمة النقض حيث يوجد مقر المجلس الأعلى للسلطة القضائية، حيث نال عبد اللطيف وهبي، وزير العدل، النصيب الأكبر من هذه الشعارات كونه يمثل السلطة التنفيذية، متهمين إياه بالرغبة في "إحداث زواج غير شرعي بين السلطة القضائية والسلطة التنفيذية". ووسط حضور أمني مكثف، احتشد المئات من محاميي المملكة، حيث غطى سواد بذلهم إلا من الياقات البيضاء الساحة الكبرى أمام محكمة النقض، مرددين شعارات رفعتها حناجرهم قبل مكبرات الصوت، مطالبين ب "إسقاط الدورية الثلاثية" الصادرة عن المجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة ووزارة العدل، مرددين شعارات أخرى عبروا من خلالها عن "غضبهم من تقييد الولوج للمحاكم بقيد أو شرط"، رافضين "الجواز". وعن الوقفة، قال المحامون المحتشدون إنها تعبر عن "شموخ المحامين بالمغرب ووحدة صفوفهم وقوة نقبائهم ومجالس هيئاتهم وجمعياتهم العمومية"، مضيفين أن الوقفة هي مطالبة ب "التراجع عن الدورية الثلاثية لكونها غير حقوقية وغير دستورية وغير قانونية"، مؤكدين أن "المحامين لا يرفضون تطبيق القانون بل يطالبون دوما بسيادة القانون وأن الغرض ليس التصادم مع المؤسسات". كما أكد المحامون المحتجون على "استمرار تنظيم مواقفهم النضالية دفاعا عن حق الولوج إلى المحاكم دون تمييز، وعن المحاكمة العادلة"، مشددين على أن "الدفاع طرف أساسي في العدالة وعمادها إلى جانب القضاء والمجتمع وأنهم لن يتراجعوا حتى تعطيل المذكرة الثلاثية أو إلغائها أو إتلافها"، مطالبين ب "فتح حوار بناء بعيدا عن العراكات الداخلية للوصول إلى حل للوضع القائم". وتلى المحامون في ختام الوقفة بيانا، أبرزوا من خلاله أنهم حضروا لوقفة أمس من جميع ربوع المملكة "تلبية لنداء الواجب المهني حيث انصهرت مكوناتهم وإطاراتهم في خندق واحد للدفاع عن الكرامة المهنية والانتفاض دفاعا عن حقوق وحريات المواطنين". وأوضحوا في البيان أن الوقفة الاحتجاجية "انتفاضة ضد خرق سافر لمقتضيات الفقرة الأخيرة من المادة الثالثة من المرسوم المتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية"، قائلين إن "المحاكم التي تفصل في قضايا المواطنين لا تقل أهمية وقيمة عن الحق في الصحة وأن السلطة التنفيذية يجب أن تسهر على استفادة جميع المواطنين من خدمات العدالة". وفي سياق المعركة الحقوقية للمحامين في ختام الوقفة ضد الدورية الثلاثية، كما جاء على لسانهم، أعلنوا أنهم "سيظلون أوفياء للرسالة الكونية للدفاع ولن يترددوا في التضحية من أجل الدفاع عن كرامة وحقوق وحريات المواطنين"، معتبرين أن الوقفة "تجسد أن المحاماة هي خط الدفاع الأول والأخير عن الحقوق والحريات وقيم الحق والعدالة.. وأنها كانت دوما قلب المجتمع النابض وصوته الناطق".