أرجأت غرفة الجنايات الابتدائية المختصة في جرائم الأموال بمحكمة الاستئناف بمراكش، أمس الأربعاء، النظر في قضية "ح - م" القابض السابق للإدارة الجهوية للجمارك بمراكش، المتابع باختلاس أزيد من 5 ملايير سنتيم، خلال فترة عمله بمدينة مراكش، قبل نقله خلال شهر شتنبر من سنة 2016 إلى مدينة أسفي، لمنح مهلة لدفاع إدارة الجمارك للإدلاء بمذكرة المطالب المدنية. وخلال هذه الجلسة، التي اتارت فيها بعض الدفوعات الشكلية، تقدم دفاع الطرف المدني بملتمس للتأخير من أجل الإطلاع على وثائق الملف وتقديم مذكرة المطالب المدنية وإعداد الدفاع، وهو الملتمس الذي استجابت له الغرفة، برئاسة القاضي أحمد النيزاري، بعد المداولة على المقاعد، محددة الأربعاء 11 مارس المقبل تاريخا للجلسة القادمة. ويتابع المتهم الموجود رهن الاعتقال الاحتياطي بالمركب السجني لوداية بجناية الاختلاس وخيانة الأمانة، الأفعال المنصوص عليها وعلى عقوبتها بمقتضيات القانون الجنائي، بناءا على قرار الإحالة الصادر عن قاضي التحقيق المكلف بجرائم الأموال بالغرفة الثالثة لدى المحكمة نفسها في هذه القضية، حيث أسفرت التحقيقات التمهيدية والتفصيلية عن أدلة كافية لارتكاب المتهم لجنايتي الاختلاس وخيانة الأمانة. وحسب مصادر مطلعة، فإن الخزينة العامة للمملكة بعمالة مراكش وجهت مراسلة إلى المحافظة العقارية من أجل تحديد الممتلكات العقارية للمتهم، في انتظار مباشرة مسطرة الحجز التنفيذي على العقار، بعد وضعه بين يدي القضاء تمهيدا لبيعه عن طريق المزاد العلني تحت إشراف السلطة القضائية. وسبق لعناصر الشرطة الدولية "الانتربول"، أن أوقفت المتهم بإحدى المدن الهولندية خلال شهر يوليوز من السنة الماضية، وذلك بناءا على مذكرة بحث دولية صادرة في حقه من طرف المصلحة الولائية للشرطة القضائية بولاية أمن مراكش، قبل أن يتم تسليمه، خلال شهر شتنبر المنصرم إلى السلطات الأمنية بولاية أمن مراكش، ليتم إخضاعه لإجراءات البحث والتحقيق قبل إحالته على الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف، الذي قرر بدوره احالته على قاضي التحقيق لتعميق البحث في القضية. وكشفت التحقيقات الأولية التي تمت مباشرتها بعد اكتشاف عملية الاختلاس، أن القابض السابق لإدارة الجمارك بمراكش، المشتبه به الأول في هذه القضية، كان يستعمل شيكات الخواص والشركات تؤدى بها الرسوم الجمركية ويحولها إلى حسابه الخاص، إضافة إلى إنفاقه لمبالغ كبيرة. وامتدت التحقيقات إلى المفتشية العامة للمالية، إذ تمت الاستعانة بها في جرد الحجوزات وافتحاص الوثائق المالية، التي كانت تدبر خلال فترة شغل القابض في مراکش، خصوصا ما يتعلق بمعالجة ملفات المحجوزات الواردة على القباضة، حيث تم رصد مجموعة من الاختلالات في هذا الشأن عمق من حدتها، اكتشاف ثغرات في المراقبة والافتحاص الداخليين لدى الإدارة العامة للجمارك التي انتقل مفتشوها إلى إدارة الجمارك بآسفي، إذ تم إنجاز جرد مماثل للعمليات التي دبرها المشتبه فيه. وجاء اكتشاف عملية اختلاس المبلغ المالي المذكور، بعدما أقر القابض الجديد لإدارة الجمارك بمراكش، بالعملية عندما رفض الخازن الجهوي لعمالة مراكش التوقيع له على إحدى الوضعيات المحاسباتية، خصوصا عندما اكتشفت مصالح الخزينة الجهوية لعمالة مراكش تناقضا صارخا ومثيرا للانتباه في الأرقام بالنسبة للمداخيل التي تستخلص من قبل إدارة الجمارك التي تتضمنها الوضعية التي تقدم بها القابض الجمركي الجديد والأرقام التي تتوفر عليها الخزينة الجهوية لمراكش، والتي يكون مصدرها بنك المغرب . وبالرغم من محاولة القابض الجديد لإدارة الجمارك الحصول على توقيع الخازن الإقليمي لعمالة مراكش، فإن هذا الأخير ظل متشبثا بموقفه مطالبا القابض بتقديم تبريرات تبرر ذلك الفرق والذي لم يكن سوى المبلغ المختلس، مما دفع بالقابض الجديد الذي ظل متسترا على سلفه لمدة ثلاثة أشهر إلى إخبار مصالح الخزينة بالواقعة، ليتم إخبار المفتشية المركزية الخزينة العامة للمملكة والإدارة المركزية للجمارك بالموضوع، في الوقت الذي اختفى القابض السابق لإدارة الجمارك بمراكش عن الأنظار قبل أن يتبين في الأخير أنه غادر التراب الوطني عبر مطار مراكش المنارة الدولي في اتجاه أوروبا.