تندرج أعمال الفنانين الثلاثة المعروضة إلى غاية 5 يوليوز المقبل، ضمن الحساسية الجديدة، وأسلوب الفن المعاصر. وافاد بلاغ توصلت "المغربية" بنسخة منه أن أعمال الثلاثي الذي رسخ وجوده الفعلي في الساحة الفنية المغربية، تتميز بقوة اللطخة، وغنى تجارب المشاركين الصباغية، في الوقت الذي تنحو الفنانة سعاد الحمداوي نحو خاصية عالم ملون، يستند إلى عفوية الحركة، والإيقاع وقوة التملي والحضور الفني، تتميز تجربة الفنان دحان بلوحات هادئة وبمعادل فني يستثمر الخطوط المتقطعة، لكن في عالم من الحرية والتأمل والفكر. بينما تطالعنا تجربة الفنان التشكيلي شعيب البركي بصباغة تزاوج بين التشخيصي والتجريدي، مستندا في ميثاقه البصري إلى التقنية المعاصرة وقوة التقديم. بعيدا عن كل هاجس تربوي يهدف إلى شحذ النظر والحس الجماليين، تعهد شعيب البركي برسالة المزج بين التشخيصي الواقعي ذي النكهة التسجيلية والرصد التعبيري ذي الفسحة التجريدية دون السقوط في واقع الخلط بين الاتجاهات الأخرى التعبيرية. لوحاته التي عرضها ضمن معرضMGallery عبارة عن سجلات لونية وتشكيلية معا، سجلات قائمة على الانسجام بين الوحدات شبه التشخيصية والمساحات المشهدية المتراكبة والحميمية. جماليا ونقديا عرف هذا الفنان الذي ينتمي إلى الحساسية الجديدة والاتجاه الفني المعاصر، كيف يوظف المعادلة الشخصية والتعبيرية في التصوير الصباغي، علما أن البركي مبدع الوحدات الغرافيكية ذات الإيحاء البليغ. من زاوية أخرى، يطالعنا البركي بلغة تشكيلية تعز عن كل وصف، تبنى في منجزه التعبيري، الدفاع عن البيئة، من خلال الكم الهائل من الأعمال التي تحيل على صدق المبنى والمعنى. أعماله شذرات متكاملة حيث يفضل الألوان الشاحبة والغامقة كعنوان دال وموح أن الأمر جلل، فمن خلال ميثاقه البصري تتبدى لغة جامحة وقوة عالية في تقريب مشكل التلوث صباغيا. إنه واحد من الفنانين الذين انتبهوا في صنيعهم الصباغي لخطورة التلوث. بألوان ووحدات مشهدية يدافع الفنان عن أفكاره، من خلال لغة تصويرية إيحائية مهووسة بمسعاه المستقل بحثا عن عالم نظيف ومعالم الجمال، انشغال مضن هو عمل البركي، إذ يستثمر جغرافيته السرية داخل وخارج الفضاء التشكيلي كي يصوغ عالما مشهديا ذي تركيبات لونية مذهلة تدعو المتلقي إلى إعمال البصر والبصيرة معا. كل شاهد منصف يجد ضالته في أعمال البركي، الذي تفوق في مد جسور التواصل والتفاعل بين ملاحظاته العينية وتأملاته الذهنية. أن عمله التشكيلي بمنزلة الأثر الأدبي، الذي يتوخى إبلاغ الطلب والحقيقة، فبدل الكلام بمنظوماته ومقولاته نجد الشكل ببياناته وشذراته ذات المنزع التفصيلي لحالات الأمكنة والأزمنة التي تشربت التلوث، وبإمكان المتلقي المتبصر في كل رافد من روافد هذا الزائر أن يكتشف أن الدواء هو الدعوة إلى مجاهدة النفس من أجل إشهار أن التلوث يسكننا ونسكنه. إنها صيحة بصرية ودعوة فنية للتحسيس بخطورة التلوث، وهذا ما تبوح به أعماله الأخيرة. في عالم منير دحان تبدو الرموز والتقاطعات الخطوطية كأنها تأخذ شكل كتابة بصرية تجريدية. إنها عبارة عن رسائل مفتوحة غير خاضعة لقواعد ثابتة ولمقاييس متناسبة. لوحاته تحقق غايات المتعة البصرية وهي بمثابة دلائل إيكنوغرافية بالنسبة لعشاق الجمال التشكيلي ذي البعد الاختزالي. إنها هندسة تعبيرية تقوم على البناء الاستعاري للواقع المرجعي من خلال سبك معان جديدة صعبة المقاربة والاكتشاف. في هذا المعرض الناظر والزائر لا يختلفان حول قيمة الأعمال التي تؤثث فضاء هذا المرفق الفني، لوحات تتبنى رؤية استشرافية للواقع، الذي يجمع كل المتناقضات. فبأساليب تختلف من فنان إلى آخر يجعل الصنيع التشكيلي الجماعي الرائي والمهتم متمتعا لا مدركا، حيث اللوحات المعروضة تدفعنا إلى التملي والتدبر قبل التعليق الجمالي.