أعلن عبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب، أن البنك المركزي قرر، خلال اجتماعه الفصلي المنعقد، أول أمس الثلاثاء، خفض سعر الفائدة الرئيسي بربع نقطة، ليصبح 2,75 في المائة بدل 3 في المائة المطبقة منذ 2012. (ماب) وأضاف الجواهري، أنه لأول مرة في تاريخ بنك المغرب يتخذ البنك المركزي قرارا بتخفيض سعر الفائدة المرجعي، بنسبة تقل عن 3 في المائة، اعتبارا للسياق الذي يتميز باستمرار ضعف وتيرة نمو الأنشطة غير الفلاحية وبتحسن الاحتياطات الدولية، وبتوقع مركزي ينسجم مع هدف استقرار الأسعار، مشددا على أن البنك المركزي سيواصل تتبع مجموع هذه التطورات عن كثب. وأكد والي بنك المغرب أن قرار خفض سعر الفائدة بربع نقطة، من شأنه أن يشجع البنوك التجارية على الاقتراض من البنك المركزي،" ما سيمكن من زيادة الأموال الخاصة بالقروض وتمويل المشاريع، الشيء الذي سيدفع عملية التنمية في البلاد، خاصة إذا تم توجيه تلك الأموال لحاملي المشاريع الصناعية والتنموية، يوضح الجواهري. وأضاف الجواهري أن خفض سعر الفائدة الذي يمثل نسبة الفائدة التي يتقاضاها البنك المركزي على القروض التي يعطيها للبنوك، من شأنه، أيضا، أن" يحث البنوك على تقليص نسب الفوائد على القروض، وهو ما سينعش حتما عرض النقد وينعش الاقتصاد"، مبرزا أن انعكاسات خفض سعر الفائدة الرئيسي ستهم، أيضا الأموال المودعة، حيث سيشجع المودعين على سحب إيداعاتهم والاستثمار، وهو ما سينشط الطلب. وشدد الجواهري، على قرار خفض سعر الفائدة الرئيسي، سيشهد متابعة من طرف بنك المغرب، وعقد اجتماعات مع البنوك، لتشجيعها على الحرص على استفادة المقاولات والمواطنين الذين يتعاملون مع البنوك منه، لتخفيف العبء عنهم وتشجيع الاستثمارات والدفع باقتصاد المملكة. وأوضح الجواهري، أنه بعد" قرار البنك المركزي في اجتماعه الفصلي لشهر يونيو الماضي، بالتريث، وأخذ خطوات للوراء، قررنا تقليص سعر الفائدة، بعد تسجيلنا تراجع مشكل السيولة البنكية، حيث بعد أن كانت تنحصر في 70 مليارا سنة 2013، أصبحت اليوم في حدود 50 مليار درهم، بفضل بلوغ الموجودات الخارجية 175,6 مليار درهم"، مؤكدا أنه "يمكن أن يكون قطاع العقار أول من يستفيد من تقليص سعر الفائدة المرجعي، حيث يمكن أن يحث البنوك على إعادة دينامية القطاع، ثم الانخراط في السكن الاجتماعي". وقال الجواهري، الظرفية الاقتصادية الدولية التي تميزت الفصل الثاني من 2014، بتحسن النمو بالولايات المتحدة والمملكة المتحدة ومنطقة الأورو وبانخفاض طفيف لمعدل البطالة بالولايات المتحدة وانخفاض أسعار المواد الأولية، لا تشير إلى وجود ضغوط تضخمية خارجية المصدر على المدى المتوسط. وعلى الصعيد الوطني، أبرز والي بنك المغرب، أن وتيرة النمو الاقتصادي متباطئة، بنسبة 1,7 في المائة، في الفصل الأول من 2014، مع تحسن الناتج الداخلي الإجمالي غير الفلاحي بنسبة 2,2 في المائة، وانخفاض القيمة المضافة الفلاحية بنسبة 1,6 في المائة، مبرزا أنه أخذا بعين الاعتبار التطورات الأخيرة للمؤشرات المتوفرة خلال السنة، يتوقع أن تصل نسبة النمو في 2014، حوالي 2,5 في المائة مع ارتفاع الناتج الداخلي الإجمالي غير الفلاحي، بحوالي 3 في المائة وانخفاض القيمة المضافة للقطاع الفلاحي بما يناهز 2,5 في المائة. وبالنسبة لسوق الشغل، أكد الجواهري، أن معدل البطالة في الفصل الثاني من السنة بلغ 9,5 في المائة، مسجلا ارتفاعا بنسبة 0,5 في المائة، مقارنة مع الفترة نفسها من سنة 2013، معلنا أنه يرتقب أن تكون فجوة الناتج غير الفلاحي سلبية وأن تظل كذلك خلال الفصول المقبلة ما يشير إلى غياب ضغوط تضخمية ناجمة عن الطلب. وفي ما يخص الحسابات الخارجية، قال الجواهري إن العجز التجاري للسلع تقلص بنسبة 3,1 في المائة إلى نهاية غشت الماضي، فيما سجلت الصادرات تناميا ب7,1 في المائة، مضيفا أن ذلك يعزى بالخصوص إلى الارتفاع القوي لصادرات قطاع السيارات وتدني وتيرة انخفاض مبيعات الفوسفاط ومشتقاته. وأبرز أنه رغم تزايد مشتريات القمح بنسبة 32,2 في المائة، لم يتجاوز الارتفاع الذي سجلته الواردات 1,8 في المائة، ارتباطا بتدني مقتنيات المنتجات الطاقية ب1,4 في المائة وسلع التجهيز ب5,6 في المائة، كما ارتفعت مداخيل الأسفار بنسبة 3 في المائة، لتبلغ 40 مليار درهم، في حين استقرت تحويلات المغاربة بالخارج في 39,5 مليار درهم، مشيرا إلى أنه أخذا بعين الاعتبار هذه التطورات، إلى جانب مداخيل الهبات، يتوقع أن يتراجع عجز الحساب الجاري من 7،6 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي في 2013 إلى 6,7 في المائة في متم 2014. وأفاد أن المبلغ الجاري للاحتياطيات الدولية الصافية وصل إلى 175,6 مليار درهم إلى نهاية شهر غشت، أي ما يعادل 4 أشهر و 29 يوما من واردات السلع والخدمات، مضيفا أنه يرتقب أن يظل في هذا المستوى إلى غاية متم العام الجاري 2014. وفي ما يتعلق بالمالية العمومية، أعلن بكون عجز الميزانية، دون احتساب عائدات الخوصصة، بلغ 42,5 مليار درهم إلى متم شهر غشت الماضي، في مقابل 42,2 مليار في الفترة نفسها من السنة الماضية، مبرزا أنه من المتوقع أن يتحقق هدف حصر عجز الميزانية في 4,9 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي في نهاية 2014، موضحا أنه يتوقع أن يبلغ التضخم 0,7 في المائة سنة 2014 مع ميزان مخاطر محايد، أخذا في الاعتبار مراجعة أسعار بيع الماء والكهرباء التي تم تطبيقها، ابتداء من غشت الماضي. وفي رده على سؤال حول استشارة الحكومة المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي حول أصلاح نظام التقاعد، أعلن أن إصلاح أنظمة التقاعد أصبح " أمرا ملحا ولا مفر منه"، موضحا أنه يتفهم مواقف النقابات المعارضة لاقتراحات الحكومة لإصلاح صناديق التقاعد كما يتفهم مواقف الحكومة،" ولكن ما يجب مناقشته اليوم هو توقيت وآليات هذا الإصلاح" يضيف الجواهري. ودعا الجواهري النقابات والحكومة إلى العمل على إيجاد أرضية مشتركة تقرب وجهات نظرهم، وإيجاد حلول تخدم الجميع وتحمي مصالح البلاد، مشددا على ضرورة انتظار رأي المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، في هذا الملف على اعتبار أن المجلس يضم في تشكيله ممثلين على جميع الأطراف، ثم للتمكن من بناء صورة واضحة حول نظام التقاعد، مضيفا أن المغرب سيتكبد خسائر بملايير الدراهم مستقبلا إن لم يتم إصلاح صناديق التقاعد في أسرع وقت ممكن.