أدى أمير المؤمنين، صاحب الجلالة الملك محمد السادس، أمس، صلاة الجمعة ب"مسجد السلام" بمدينة الداخلة، بحضور وزير الدولة، وزير الداخلية والأمن بجمهورية الكوت ديفوار، حامد باكايوكو. (ماب) واستهل الخطيب خطبة الجمعة بقول الله عز وجل "ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، وأولئك هم المفلحون"، مشيرا إلى أن هذا الأمر الواجب الامتثال، من الله الكبير المتعال، في هذه الآية الكريمة، يوجب على المؤمنين أن يكونوا أمة متراصة الصفوف، محكمة البناء، مؤتلفة القلوب. وأضاف أن أمة المؤمنين تتميز بأنها متضامنة في أمور دنياها ومعاشها، تنضبط حياتها بأخلاقها وقيمها، تسود فيها الرحمة والوفاء، ومكارم الأخلاق، يرحم كبيرها صغيرها، ويوقر صغيرها كبيرها، وتلتف حول ولي أمرها مستودع بيعتها الشرعية، قائدها ورمز سيادتها، وبذلك تبني مجدا وسيادة، وتكون لها القدوة والريادة. وأشار الخطيب إلى أنه إذا حققت الأمة هذه الخصال والأسس الأخلاقية صارت مؤهلة لتدعو إلى الخير، ومن الدعوة إلى الخير أن تكون نموذجا لغيرها، مضيفا أن الخير مجال واسع رحب يشمل كل ما يؤدي إلى مصالح العباد ومرضاة الله سبحانه وتعالى، مصداقا لقوله عز وجل "لا يسأم الإنسان من دعاء الخير". وأبرز أن أمة المؤمنين أمة الخير، تمثله وتجلبه وتدعو إليه بالوسائل التي تحقق فيها هذا الوصف، الذي أمرها الله أن تكونه في قوله "ولتكن منكم أمة". ثم بين وصفين متلازمين لهذه الأمة فقال "يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر"، وما ذلك إلا التناصح الذي قام عليه أمر الدين، مشيرا إلى أن أمة المؤمنين أمة متناصحة والنصيحة ليست في التلاوم والتنازع، ولكنها تقابل "الغش"، فالإنسان - يضيف الخطيب- إما أن يضمر لغيره مكرا وخديعة فيسمى "غاشا"، وهو الذي قال فيه النبي ( صلعم) "من غشنا فليس منا"، وإما أن يضمر لغيره الخير ويحبه له فيسمى ناصحا، وبذلك تكتمل عناصر هذه الأمة في وحدتها وتماسكها وتناصحها في أمورها العامة والخاصة، وأمر بعضها بما يعرف ولا ينكر، وصرف بعضها لبعض عما ينكر ولا يعرف. وقال الخطيب إن أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس أطال الله بقاءه، يعطي في كل وقت وحين الدليل تلو الآخر، على امتثال أمر الله تعالى في ما أمر به في هذه الآية المباركة، ويعطي القدوة من نفسه بالسهر على شؤون الأمة ومصالحها، والدعوة إلى الخير والعمل على جلبه لها، يجوب البلاد ويتفقد أمور العباد، موجها وقائدا، وبانيا مشيدا، وفي الخيرات والمبرات كلها رائدا، مقتفيا في ذلك سبيل جده المصطفى شفيع الأنام عليه الصلاة والسلام. وأضاف أن كل المؤسسات التي ما فتئ جلالته يحدثها ويرعاها في جميع المجالات لها أصلها في ديننا الحنيف، وهذا الأصل هو ما أمرنا به من التناصح. وختم الخطيب بالقول "وليس لنا من قول نعبر به عن فرحتنا بحلول أمير المؤمنين بجهتنا سوى قول الشاعر: تحيى بكم كل أرض تنزلون بها ... كأنكم في بقاع الأرض أمطار". وابتهل الخطيب، في الختام، إلى الله عز وجل بأن ينصر أمير المؤمنين، صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصرا عزيزا يعز به الدين ويعلى به راية المسلمين، وبأن يحفظه في ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير مولاي الحسن ويشد أزره بشقيقه صاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد، وبسائر أسرته الملكية الشريفة. كما تضرع الخطيب إلى الله تعالى بأن يتغمد برحمته الواسعة الملك محمد الخامس والملك الحسن الثاني، وأن يطيب ثراهما ويكرم مثواهما. وخارج المسجد الذي أدى به أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس صلاة الجمعة، وفي الطرق المؤدية إليه، احتشدت جماهير غفيرة من أبناء مدينة الداخلة التي قدمتوا بكثافة للترحيب بمقدم جلالة الملك إلى هذه الربوع العزيزة في زيارة لصلة الرحم بأبناء هذه الجهة، التي تعرف طفرة تنموية شاملة على غرار باقي جهات المملكة. وقد أبى جلالته إلا أن يتوجه إلى الجماهير المحتشدة على جنبات المسجد، والتي كانت تهتف بحياة جلالته، ليبادلها حبا بحب في صورة رائعة من التلاحم بين العرش والشعب.