أسفرت الزيارة الرسمية، التي قام بها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، إلى غينيا (من 3 إلى 5 مارس)، المحطة الثالثة من الجولة الإفريقية، التي قادت جلالته إلى كل من مالي والكوت ديفوار ثم الغابون، عن نتائج مهمة، تعكس بجلاء دعم المغرب المتواصل لجهود التنمية الاقتصادية والاجتماعية بغينيا. كما تعد هذه النتائج تتويجا للمقاربة الناجعة لجلالة الملك بخصوص التعاون جنوب - جنوب، والتي ترتكز على توظيف قدرات المملكة وخبراتها في المجالات الروحية والاقتصادية والإنسانية وحفظ السلام بالقارة السمراء ككل. فيوم الاثنين 3 مارس، حل جلالة الملك بكوناكري حيث وجد جلالته في استقباله، لدى نزوله من الطائرة، الرئيس ألفا كوندي. إثر ذلك، تقدم للسلام على صاحب الجلالة الوزير الأول الغيني، محمد سعيد فوفانا، ومحافظ مدينة كوناكري. وتقدم للسلام على فخامة الرئيس الغيني أعضاء الوفد الرسمي المرافق لجلالة الملك، والذي يضم مستشاري صاحب الجلالة، الطيب الفاسي الفهري وفؤاد عالي الهمة. كما ضم الوفد الرسمي وزير الشؤون الخارجية والتعاون، صلاح الدين مزوار، ووزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، أحمد التوفيق، ووزير الاقتصاد والمالية، محمد بوسعيد، ووزير الفلاحة والصيد البحري، عزيز أخنوش، ووزير التجهيز والنقل واللوجيستيك، عزيز الرباح، ووزير الصناعة والتجارة والاستثمار والاقتصاد الرقمي مولاي حفيظ العلمي، ووزير الصحة، الحسين الوردي، ووزير الطاقة والمعادن والماء والبيئة عبد القادر اعمارة، ووزير السياحة لحسن حداد، وكذا يوسف العمراني مكلف بمهمة بالديوان الملكي. ورافق صاحب الجلالة، أيضا، وفد من المسؤولين والفاعلين الاقتصاديين يمثلون القطاعين العام والخاص، وعدد من الشخصيات المدنية والعسكرية. وخصص أفراد الجالية المغربية المقيمة بغينيا والمواطنون الغينيون استقبالا حارا حماسيا ومتميزا لجلالة الملك بالمطار، عكس بصدق مدى الحب والتقدير لجلالته، ومتانة وعمق العلاقات العريقة التي تجمع بين البلدين والشعبين الشقيقين. وبعد استراحة قصيرة بالقاعة الشرفية للمطار، توجه موكب قائدي البلدين إلى مقر إقامة جلالة الملك بكوناكري، وسط حشود غفيرة من المغاربة والغينيين، وكذا من أفراد بعض الجاليات الإسلامية المقيمة في غينيا، التي اصطفت على طول جنبات الطريق محتفية بمقدم صاحب الجلالة ومرحبة بزيارته التاريخية لهذا البلد الشقيق. إثر ذلك، أجرى صاحب الجلالة، بقصر الأمم بكوناكري، مباحثات على انفراد مع الرئيس الغيني ألفا كوندي، قبل أن يترأس قائدا البلدين مراسم التوقيع على 21 اتفاقية للتعاون بين المغرب وغينيا في مختلف الميادين. وتغطي هذه الاتفاقيات شتى الميادين، بما فيها تفادي الازدواج الضريبي والوقاية من التملص الضريبي في مجال الضرائب على الدخل، والفلاحة والصيد البحري، والملاحة التجارية والنقل البحري، والصناعة والتجارة، والسياحة والصناعة التقليدية، والسكن، والبنوك، والتكوين المهني والتعليم العالي، والمعادن، والكهرباء والماء الصالح للشرب، إضافة إلى اتفاقيات شراكة بين مؤسسات مغربية وغينية. وعقب ذلك، أعلن الرئيس الغيني فخامة ألفا كوندي، أن قصر الأمم بالعاصمة كوناكري أصبح يحمل اسم جلالة المغفور له محمد الخامس، مؤكدا، في خطاب بالمناسبة، أن هذا القرار يأتي اعترافا بالدور الكبير الذي اضطلع به جلالة المغفور له محمد الخامس من أجل تحرير ووحدة إفريقيا. ويوم الثلاثاء المنصرم، قام أمير المؤمنين، صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، مرفوقا بالرئيس الغيني فخامة ألفا كوندي، بزيارة لمسجد الملك فيصل بكوناكري. وبعد أداء ركعتين تحية للمسجد، تفضل أمير المؤمنين بإهداء الأمانة العامة للشؤون الدينية بغينيا، 10 آلاف نسخة من المصحف الشريف. وسيتم توزيع هذه المصاحف، الصادرة عن مؤسسة محمد السادس لنشر المصحف الشريف، على مختلف مساجد جمهورية غينيا. وتأتي هذه المجموعة من المصاحف، كدفعة أولى في إطار تنفيذ التعليمات الملكية السامية، والقاضية بأن تقوم هذه المؤسسة بتزويد مساجد بلدان غرب إفريقيا بكل ما تحتاجه من مصاحف برواية ورش عن نافع، التي هي من الاختيارات المشتركة بين المغرب وهذه البلدان. وبهذه المناسبة، اطلع جلالة الملك على مشروع إصلاح وترميم مسجد الملك فيصل، الذي ستشرع في إنجازه وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، بطلب من الجهات الغينية، وتنفيذا للتعليمات السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، الذي ما فتئ يولي اهتماما بالغا لبيوت الله لما تضطلع به من دور كبير في تأطير المؤمنين وتوفير الفضاء الملائم لهم لأداء شعائرهم الدينية في أحسن الظروف. ويتضمن هذا المشروع أشغال إصلاح وتقوية سقف المسجد، وإصلاح الشبكة الكهربائية، وإصلاح النجارة الخشبية والحديدية، وأشغال الصباغة. وتقدر التكلفة الإجمالية للمشروع ب5 ملايين درهم، في حين ستستغرق أشغال إنجازه 6 أشهر. ويعكس إنجاز هذا المشروع الروابط الدينية والروحية القوية، التي تجمع المغرب وغينيا. إثر ذلك، أشرف جلالة الملك، مرفوقا برئيس جمهورية غينيا، بجماعة ماطام بكوناكري، على إعطاء انطلاقة عدة مشاريع عقارية تهم بناء ثلاثة مركبات سكنية من 3000 مسكن. وتطلبت هذه المركبات السكنية، التي تتكون من إقامات من مستويات مختلفة، والتي تعكس العزم الوطيد لجلالة الملك على جعل القارة الإفريقية تستفيد من التجربة المغربية الرائدة في مجال مكافحة السكن غير اللائق، استثمارات إجمالية بقيمة 2 مليار درهم. وستتولى إنجازها المجموعة المغربية الضحى. وبهذه المناسبة، قام جلالة الملك، مرفوقا بالرئيس الغيني، بزيارة الشباك الوحيد الذي يتضمن مصالح البيع والتوثيق والتحفيظ العقاري والربط بشبكة الماء والكهرباء، كما زار جلالته شقتين نموذجيتين من فئة "السكن الاقتصادي". وستغطي هذه المركبات التي تندرج في إطار الجهود التي تبذلها دولة غينيا لمواجهة العجز البنيوي في مجال السكن، مساحة إجمالية تقدر ب9 هكتارات. ويهم المشروع الأول "الشرطة" بناء مركب يضم 1891 مسكنا، منها 1486 وحدة من السكن الاقتصادي تم إنجازها بمواصفات ذات جودة عالية، بغلاف مالي إجمالي قيمته 849 مليون درهم. ويهم هذا المركب، الذي يغطي مساحة تقدر بحوالي 5 هكتارات، أيضا، تهيئة تجهيزات للقرب تتمثل، على الخصوص، في مركز تجاري، وروض للأطفال وتجهيزات سوسيو- ثقافية، وسيوفر حوالي 2000 منصب شغل مباشر. ويتعلق المشروع الثاني، الذي أطلق عليه اسم "الجمارك" ببناء 761 مسكنا، منها 633 وحدة سكنية اقتصادية، و128 من الفئة المتوسطة، بكلفة إجمالية تبلغ 404 ملايين درهم، ويتوقع أن يوفر حوالي 1140 منصب شغل. ويهم المركب الثالث "كيبي" بناء 388 سكنا فاخرا، باستثمار إجمالي قيمته 493 مليون درهم. وسيتم تجهيز هذا المركب الذي سيغطي حوالي 2 هكتار بقاعة للرياضة ومسابح، ويتوقع أن يوفر حوالي 580 منصب شغل مباشر. وستمكن هذه المشاريع المندمجة سكان كوناكري، خاصة ذوي الدخل المحدود، من الحصول على سكن لائق بشروط تفضيلية، بفضل وضع شباك فريد رهن إشارتهم يقدم الخدمات البنكية والتوثيق والتحفيظ العقاري والربط بشبكة الماء والكهرباء. وتندرج هذه المشاريع العقارية الثلاثة، التي يتم إنجازها بشراكة مع مجموعة البنك الشعبي المركزي، في إطار الرعاية السامية التي يحيط بها جلالة الملك إفريقيا استجابة لحاجياتها في مجال المساعدة، كما تعكس إرادة جلالته في تطوير شراكات متبادلة مربحة مع القارة، في إطار التعاون جنوب-جنوب، الذي يشكل حجر الزاوية في السياسة الخارجية للمغرب. وتترجم هذه المشاريع علاقات الصداقة والأخوة التاريخية التي تربط البلدين، كما تعكس الإرادة الراسخة للمملكة المغربية في مواكبة التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي تعرفها جمهورية غينيا في إطار شراكات مربحة للطرفين.